أزمة التصدير.. تأثير ارتفاع اليورو والرسوم الجمركية على صادرات أوروبا لأمريكا

صادرات الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة تواجه تحديات كبيرة نتيجة الرسوم الجمركية الجديدة وارتفاع سعر اليورو مقابل الدولار الأمريكي، ما تسبب في انخفاض واضح في قيمة الصادرات وانكماش فائض الميزان التجاري بين الطرفين، وذلك بسبب زيادة أسعار السلع الأوروبية في السوق الأمريكية وتراجع الإقبال عليها، مما يعكس واقعاً معقداً في العلاقات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

انخفاض صادرات الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة تحت ضغط الرسوم الجمركية وارتفاع اليورو

شهدت صادرات الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة خلال الفترة الأخيرة تراجعاً ملحوظاً، متأثرة بفرض واشنطن رسوماً جمركية جديدة بلغت نسبتها 15% على عدد من السلع، إلى جانب صعود سعر اليورو مقابل الدولار من 1.02 دولار إلى 1.18 دولار خلال العام الجاري، مما أدى إلى زيادة تكاليف المنتجات الأوروبية في السوق الأمريكية وتراجع الطلب عليها. وأظهرت بيانات شبكة «يورونيوز» ومنصة «UN Comtrade» أن الولايات المتحدة استوردت سلعاً أوروبية بقيمة 53.7 مليار دولار في يوليو 2025، مسجلةً تراجعاً قدره 10% مقارنةً بالشهر ذاته من العام السابق، ما يعكس ضغوطاً قوية تمارسها السوق الأمريكية على صادرات الاتحاد الأوروبي. وعلى مدى ثلاثة أشهر، بلغت صادرات الاتحاد الأوروبي 168.1 مليار دولار، منخفضة بشكل ملحوظ عن 213.2 مليار دولار في الربع السابق الذي تميز بزيادة استيراد مكثفة قبيل تطبيق الرسوم، وهو ما يدل على التأثر المباشر لتعريفات الرسوم وارتفاع سعر العملة الأوروبية الموحدة.

قطاعا الأدوية والسيارات في صلب تراجع صادرات الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة

تُبرز البيانات أن صادرات الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة من قطاعات الأدوية والسيارات تعاني من أكبر الانخفاضات، حيث هبطت واردات الأدوية من أوروبا إلى 9.5 مليار دولار في يوليو 2025 مقارنةً بـ11.5 مليار دولار في يوليو من عام 2024، بينما تراجعت واردات السيارات إلى 4.68 مليار دولار مقابل 6.2 مليار دولار في نفس الفترة. يعكس هذا التراجع الضخم التأثير الكبير الذي واجهته الشركات الأوروبية العاملة في هذه القطاعات الحيوية، التي كانت تتمتع بطلب مرتفع سابقاً. وخلال ثلاثة أشهر، شهدت صادرات السيارات انخفاضاً ملحوظاً إلى 13.6 مليار دولار، مقارنة بـ16.23 مليار دولار في الربع السابق و19.3 مليار دولار في الفترة المماثلة من العام الماضي، مما يعكس تراجعاً مستمراً في الطلب الأمريكي على السيارات الأوروبية المصنعة.

انكماش فائض الميزان التجاري الأوروبي مع الولايات المتحدة جراء التعريفات الجمركية وقوة اليورو

تراجع فائض الميزان التجاري بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بشكل ملحوظ، ووصل إلى 11.97 مليار دولار في يوليو 2025، أي أقل من نصف الفائض البالغ 23.6 مليار دولار في الفترة نفسها من عام 2024. وعلى مدار ثلاثة أشهر، انخفض الفائض إلى 40.4 مليار دولار مقارنة بـ85.8 مليار دولار في الربع السابق و61.9 مليار دولار في نفس الفترة من العام الماضي، ما يشير إلى ضعف كبير في قوة التبادل التجاري بين الطرفين. ويعود هذا التراجع لعدة أسباب رئيسية أهمها:

• ارتفاع الرسوم الجمركية إلى 15% على السلع الأوروبية، متجاوزة التوقعات المبدئية
• صعود سعر اليورو من 1.02 دولار إلى 1.18 دولار خلال العام الحالي
• انخفاض تنافسية السلع الأوروبية مقارنة بالمصادر الأخرى في السوق الأمريكية
• زيادة تكلفة الاستيراد على المشترين الأمريكيين وتحول بعضهم إلى بدائل أخرى

ويشير نيكولا نوبيل، الخبير الاقتصادي في «أوكسفورد إيكونوميكس»، إلى أن التعرفة الجمركية الجديدة كانت أعلى قليلاً من التوقعات السابقة، لكنها ساعدت على تقليل عدم اليقين الذي ساد الفترة الماضية، كما أن ارتفاع قيمة اليورو أمام الدولار تسبب في زيادة تكلفة المنتجات الأوروبية على المستوردين في الولايات المتحدة، مما دفع إلى تناقص تدريجي في الطلب على الصادرات الأوروبية، ويبرز أن العملة الأوروبية الموحدة شهدت ارتفاعاً بنسبة تجاوزت 8% مقارنة بمستواها في يوليو 2024، وهو ما يؤثر سلباً على تنافسية المنتجات داخل السوق الأمريكية.