الصرخة الأخيرة.. علماء يرصدون إشارة نادرة من ثقب أسود يقترب من النهاية

النيوترينو فائق الطاقة الناتج عن انفجار ثقب أسود بدائي هو ظاهرة نادرة تم رصدها عام 2023 تحت اسم KM3-230213A، حيث يُعتقد أنها الصرخة الأخيرة لثقب أسود متلاشٍ يصدر إشعاع هوكينغ قبل أن يختفي نهائياً، ما يفتح آفاقًا جديدة لفهم المادة المظلمة والإشعاعات الكونية العالية الطاقة.

النيوترينو فائق الطاقة وانعكاساته على فهم إشعاع هوكينغ من ثقوب سوداء بدائية

في عام 2023، اكتشف العلماء جسيم نيوترينو يحمل طاقة هائلة قاربت 220 بيتا إلكترون فولت، وهو الحدث المعروف باسم KM3-230213A، حيث يعد هذا النيوترينو الأعلى طاقةً الذي رُصد حتى الآن، متجاوزًا الرقم القياسي السابق عشرين ضعفًا، ما أثار اهتمام الباحثين حول مصدره الغامض؛ ووفقًا للدراسة النظرية التي أجراها ألكسندرا كليفل وديفيد كايزر من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) ونشرت في «فيزيكال ريفيو ليترز»، فإن هذا الجسيم يمكن تفسيره كنتيجة مباشرة لانفجار شعاعي يصدر عن ثقب أسود بدائي يتبخر ببطء عبر ظاهرة إشعاع هوكينغ الشهيرة التي تنبأ بها ستيفن هوكينغ، حيث يصدر الثقب في لحظاته الأخيرة رشقات كثيفة من الجسيمات عالية الطاقة تضم نيوترينوهات مميزة، لتكون هذه الأرصاد محور أول دليل تجريبي يدعم وجود هذه الظاهرة الكونية.

الثقوب السوداء البدائية ودورها في إنتاج نيوترينوهات فائقة الطاقة

يُعد مفهوم الثقوب السوداء البدائية من الأفكار النظرية التي تشير إلى نشأة هذه الأجسام في اللحظات الأولى بعد الانفجار العظيم، نتيجة اضطرابات كمومية في نسيج الزمكان، وعلى الرغم من عدم رصدها مباشرة، تشير بعض النظريات إلى أن هذه الثقوب كانت تتبخر عبر إشعاع هوكينغ بشكل سريع. ومن خلال الحسابات التي أجراها الطرفان كليفل وكايزر، يُفترض أن بعض الثقوب السوداء البدائية لازالت موجودة الآن، تقترب من نهاية عمرها، وتطلق في لحظات تبخرها الأخيرة أعدادًا هائلة من النيوترينوهات فائقة الطاقة تصل إلى حوالي «سكستيليون» نيوترينو خلال نانوثانية واحدة، بمستويات طاقة مشابهة لما تم رصده في حدث KM3-230213A. لكن التأثر المباشر بهذه الجسيمات يتطلب وقوع الانفجار على بعد لا يتجاوز 2000 وحدة فلكية، أي نحو 3% من السنة الضوئية، وهو ضمن حدود سحابة أورت التي تحدّد مدى الجاذبية الشمسية.

  • كتلة الثقب الأسود البدائي تُقارن بكتلة كويكب صغير
  • انبعاث سريع لعدد هائل من النيوترينوهات في زمن نانوثانية
  • حدود المسافة المطلوبة لتسجيل التأثير على الأرض تقترب من سحابة أورت

احتمالية رصد انفجارات الثقوب السوداء البدائية وتداعياتها على علوم الفلك

تُشير الحسابات إلى أن فرصة رصد مثل هذا الحدث النادر تبلغ حوالي 8%، وهي نسبة منخفضة لكن جديرة بالاهتمام، خاصة في غياب تفسيرات أخرى للنيوترينوهات شديدة الطاقة. ويصرح ديفيد كايزر بأن هذا الاحتمال كافٍ لتحفيز البحث الجاد والمحاولات التجريبية في المستقبل القريب. علاوةً على ذلك، يراهن الباحثان على أن العديد من نيوترينوهات الطاقة الأقل تأتي من انفجارات أبعد لمثل هذه الثقوب السوداء البدائية، ما يخلق خلفية ضوضائية مستمرة من هذه الظاهرة. ومن اللافت أن دراسة أخرى حديثة توقعت بإحتمالية تصل إلى 90% حدوث انفجار لثقب أسود بدائي خلال العقد القادم، ما يثير احتمالًا أن أجهزة الكشف الحديثة للنيوترينوهات قد بدأت فعلاً في تسجيل هذه الأحداث دون الانتباه التام لها بعد. وتبقى مطالبة الأدلة التجريبية ضرورية لتأكيد وجود إشعاع هوكينغ الحقيقي، إلا أن التوجه العام في الأوساط العلمية يميل إلى انتظار المزيد من الاكتشافات التي تؤكد هذه الفرضيات المثيرة ضمن فهمنا للكون.

الخاصيةالقيمة
طاقة النيوترينو220 بيتا إلكترون فولت
مسافة الانفجار القصوى2000 وحدة فلكية (3% من سنة ضوئية)
احتمالية رصد الحدث8%