انخفاض نيكل.. تراجع الأسعار يزيد بسبب رهانات الصناديق المتواصلة

تراجعت أسعار النيكل خلال تداولات الثلاثاء في ظل ارتفاع طفيف للدولار مقابل العملات الرئيسية، وسط رهانات متزايدة من صناديق الاستثمار بأن المعدن الصناعي قد وصل إلى أدنى مستوياته منذ فترة طويلة. النيكل الذي يستخدم في صناعة الفولاذ المقاوم للصدأ وبطاريات السيارات الكهربائية يعاني من فائض في المعروض بفعل طفرة الإنتاج الإندونيسي، مما يؤثر بشكل واضح على سوق لندن للمعادن (LME).

أسباب تراجع أسعار النيكل رغم ارتفاع مخزونات بورصة لندن

من الصعب تصديق أن النيكل كان قبل عامين فقط على شفا انهيار بورصة لندن للمعادن، إذ شهد سوق لندن هذا العام حركة خمول ملحوظة حول مستويات منخفضة لم يُر مثلها في خمس سنوات، حيث ظل السعر قريبًا من 15,000 دولار للطن المتري. الفائض الهائل في المعروض يعود أساسًا إلى طفرة الإنتاج الإندونيسي، التي تسببت في ارتفاع المخزونات المسجلة وغير المسجلة في بورصة لندن إلى نحو 308 آلاف طن، وهو أعلى مستوى مسجل منذ بداية نشر بيانات المخزونات خارج النظام في 2020. على الرغم من ذلك، تشهد صناديق الاستثمار بناء مراكز شراء (long) تراهن على عودة الأسعار للارتفاع، مما يعكس توقعات متفائلة رغم الأرقام القوية للمخزونات.

رهانات صناديق الاستثمار على تعافي أسعار النيكل ودورها في السوق

صناديق الاستثمار كانت تضع رهانات على هبوط النيكل العام الماضي، وظلت في صافي مراكز بيع حتى يونيو، لكن مع بداية أبريل بدأت في التحول إلى مراكز شراء، حيث وصلت الرهانات إلى 45,321 عقدًا تمثل 272 ألف طن، مسجلة أقوى ضخ صعودي منذ أزمة مارس 2022 التي شهدت انفجارًا كبيرًا في الأسعار وتوقفت بعدها التداولات. وبالرغم من ضعف إشارات الزخم للسوق، فضلت هذه الصناديق الاعتماد على حساب جماعي مفاده أن النيكل بعد الهبوط لا بد أن يشهد ارتفاعًا في وقت قارٍ. ذلك يظهر في استقرار سعر عقود النيكل لثلاثة أشهر ضمن نطاق ضيق بين 14,800 و16,000 دولار منذ مايو.

الطفرة الإنتاجية الإندونيسية وتأثيرها على أسعار النيكل العالمية

الطفرة الإنتاجية في إندونيسيا كانت السبب الرئيسي في تدفق فائض النيكل على مستودعات بورصة لندن، حيث ارتفعت نسبة النيكل الصيني ضمن المخزونات المضمونة من صفر في أغسطس 2023 إلى 65% نهاية الشهر الماضي. يأتي هذا الفائض من النيكل الإندونيسي الذي يُحول إلى منتج وسيط ويُشحن إلى الصين للمزيد من المعالجة. كما بدأ المعدن الإندونيسي يتدفق مباشرة إلى نظام بورصة لندن بعد طرح أول علامة تجارية إندونيسية العام الماضي، حيث بلغ حجم النيكل الإندونيسي المضمون 8,838 طنًا في نهاية أغسطس. ويرى المستثمرون أن ارتفاع المخزونات اليومية هذا يشير إلى وجود أرضية دعم تقوم على تكاليف الإنتاج، ما يفسر تماسك الأسعار نسبياً.

كبح جماح الإنتاج الإندونيسي سيُحدث فارقًا في استدامة التعافي، إذ إن بقية المنتجين اضطُروا للخروج من السوق، مع خسارة نحو نصف مليون طن في السنوات الأخيرة، وفقًا لمحللي ماكواري. بالمقابل، استمر الإنتاج الإندونيسي في النمو بنسبة 21% على أساس سنوي، ليصل إلى 1.3 مليون طن في النصف الأول من 2025، وهو ما يمثل 69% من الإنتاج العالمي. من عوامل التغيير المحتملة، تدخل الحكومة الإندونيسية بتنظيم أكثر صرامة على قطاع التعدين، من خلال مصادرة الأراضي غير المرخصة، وإعادة تطبيق نظام حصص الإنتاج للمحافظة على الحوكمة، وتحكم أفضل في الإمدادات اعتبارًا من العام المقبل.

النظام البيئي الذي يربط بين الصين وإندونيسيا يعتمد بشكل كامل على كمية النيكل المستخرجة من باطن الأرض، وهذا العام شهد محدودية في توفر الخام بسبب تأخيرات التصاريح، وسوء الأحوال الجوية، وتراجع جودة الخام، ما دفع أكبر منتج عالمي لاستيراد شحنات محسوبة من الخام الفلبيني منذ مطلع 2024.

العاملالتأثير على سوق النيكل
ارتفاع مخزونات بورصة لندنضغط نزولي على الأسعار
قيود الحكومة الإندونيسيةإمكانية التحكم في المعروض ودعم الأسعار
زيادة إنتاج إندونيسيا 21%تفوق المعروض وزيادة الفائض
  • مراقبة إنتاج النيكل الإندونيسي وتأثيره على السوق العالمي
  • مراقبة مراكز شراء صناديق الاستثمار كمؤشر لتوقعات الأسعار
  • تأثير سعر الدولار على النيكل خلال فترات التداول

يبقى بيد الحكومة الإندونيسية تحديد مستقبل العرض، والحركة التالية لأسعار النيكل على مستوى العالم ستكون مرتبطة بشدة بقراراتها. وفي خضم هذه التقلبات، تراجع سعر العقود الفورية للنيكل بنسبة 1.1% ليصل إلى 15,182 دولارًا للطن، مع ارتفاع مؤشر الدولار إلى 97.4 نقطة، ما يضيف بعدًا جديدًا لا يمكن تجاهله في معادلة أسعار النيكل.