صدارة الدعم.. كيف أصبحت السعودية الرائدة في دعم المشاريع التنموية؟

بدأت وزارة التعليم العالي في سوريا استراتيجياتها للنهوض بقطاع التعليم العالي باعتباره حجر الأساس لإعادة بناء الدولة بعد سنوات الحرب، حيث أكد وزير التعليم العالي الدكتور مروان الحلبي أهمية العلم والتنمية البشرية، مشيرًا إلى أن التعليم العالي يمثل الركيزة الأساسية للنهوض بالمجتمع وتأمين مستقبل أفضل للجيل الجديد.

التحديات الأساسية التي تواجه تطوير التعليم العالي في سوريا

تواجه وزارة التعليم العالي في سوريا تحديات كبيرة، كانت تنتج عن سنوات الحرب والدمار الذي أصاب البنية التحتية التعليمية والبحثية، بالإضافة إلى الهجرة المتزايدة للكفاءات العلمية والتقنية، والعزلة الأكاديمية التي أدت إلى تباطؤ في حركة التبادل والمعرفة، بجانب محدودية الحرية الأكاديمية بسبب التدخلات السياسية السابقة؛ مما أثر سلبًا على جودة البحث العلمي والتعليم. لكن الحكومة تقدم دعمًا مباشرًا لتطوير هذا القطاع، مع التركيز على تعزيز البحث العلمي واستثمار العقل البشري في بناء مستقبل مستقر.

استراتيجية وزارة التعليم العالي للنهوض وتطوير منظومة التعليم والبحث

وضعت الوزارة خطة عمل متكاملة ترتكز على ثلاثة مسارات أساسية: الحوكمة الشفافة، التحول الرقمي الشامل، ورفع جودة التعليم والبحث العلمي. فقد تم اعتماد نظام رقابة صارم للأداء الأكاديمي والمالي، مع فتح قنوات للشكاوى وربط التمويل بنتائج ملموسة؛ كما جرى تطوير منصة وطنية موحدة لخدمات الطلبة تشمل القبول، التسجيل، الامتحانات، والدفع الإلكتروني، مع هدف واضح لمحاربة الهدر وتحسين الكفاءة. إلى جانب ذلك، تسعى الوزارة إلى مراجعة برامج التعليم باستمرار، وتشجيع إطلاق مسارات تطبيقية وتقنية قصيرة تتناسب مع سوق العمل، إضافة إلى دعم البحث والابتكار عبر تمويل تنافسي وحاضنات أعمال وربط الجامعات بالمشافي والقطاع الخاص. ولا ينسى البرنامج تأهيل الكادر التعليمي واستقطاب الكفاءات المغتربة عبر حزم دعم متنوعة، كما يتم طرح برامج دعم مريحة للطلبة في مجالات المنح والقروض والصحة النفسية والسكن الجامعي.

التعاون السوري السعودي ودوره في تعزيز التعليم العالي والبحث العلمي

يلعب التنسيق مع الجامعات السعودية دورًا محوريًا في دعم جهود الوزارة، حيث تُعد المملكة الداعم الأول لملف التعليم في سوريا؛ ويشمل التعاون عدة محاور مهمة مثل الاعتراف المتبادل بالشهادات وتحديث معادلاتها، وتطوير برامج مشتركة تركز على تخصصات ذات أثر سريع مثل الطب والطاقة المتجددة والذكاء الاصطناعي، فضلًا عن تمويل أبحاث مشتركة مع تركيز على الموضوعات الإقليمية كالبيئة والصحة الرقمية. يدعم التعاون حركة الأستاذة والطلبة من خلال زيارات بحثية قصيرة وبرامج تبادل تعزز الخبرات، بالإضافة إلى تطوير التعليم التقني والتحول الرقمي عبر مواءمة المعايير وربط منصات التعلم الإلكتروني. ويشكل البحث العلمي أحد مرتكزات الشراكة بين البلدين عبر فرق بحثية تعنى بالتحديات الملحة وبرامج منح تنافسية تسهل تحصيل براءات الاختراع ونقل التقنية، فضلاً عن برامج مشتركة لتأهيل رؤوس الأموال البشرية. وتمثل هذه الشراكة منصة لإقامة كتلة معرفية عربية قادرة على تعزيز الاقتصاد القائم على المعرفة وتوطين التقنية بشكل فاعل.

تتضمن برامج التبادل المختلفة مع الجامعات السعودية شروطًا ومعايير واضحة مبنية على استحقاق الطلاب والأكاديميين، مع منح دعم مالي شامل، وإجراءات لتسهيل التنقل الأكاديمي من حيث الاعتراف بالمواد الدراسية والتدريب العملي، بالإضافة إلى دعم نفسي واجتماعي للمستفيدين. كما أن هناك آليات واضحة للحوكمة والمساءلة تضمن تحقيق الأثر المرجو من التعاون.

تسعى الوزارة أيضًا إلى تطوير رأس المال البشري عبر برامج تدريب متقدمة وبناء قدرات أكاديمية مستدامة تعتمد على أحدث الأساليب التعليمية التي تعزز التعلم النشط والإدارة الجيدة. أما الحوكمة والقرار المبني على الأدلة، فتتم من خلال إنشاء سجل أكاديمي وطني موحد ومستودعات معرفية وقواعد بيانات بحثية تضمن شفافية الأداء وجودة المخرجات.

تكمن قوة تطوير التعليم العالي في سوريا اليوم في التزام المؤسسات الحكومية والشراكات الإقليمية القائمة على التعاون الحقيقي والمبني على نتائج ملموسة، مما يؤهل الجيل الجديد للمساهمة الفاعلة في إعادة إعمار البلاد واجتياز تحديات المستقبل بثقة ورؤية علمية حديثة.