تسلق الفضة.. ارتفاع قياسي يؤثر بقوة على توقعات أسعار المعدن النفيس

الارتفاع المستمر في أسعار الفضة المحلية والعالمية خلال الأسابيع الماضية يعكس تحولًا ملحوظًا في توجهات السوق، مدعومًا بانخفاض الدولار الأمريكي وتوقعات التيسير المالي من قبل الاحتياطي الفيدرالي، مما دفع المستثمرين إلى زيادة الاهتمام بالمعدن الأبيض في ظل تصاعد أسعار الذهب.

اتجاهات أسعار الفضة المحلية والعالمية والدوافع الرئيسية للارتفاع

شهدت أسعار الفضة في الأسواق المحلية ارتفاعًا بنسبة 1.9% خلال الأسبوع الماضي، حيث ارتفع سعر جرام الفضة عيار 800 من 54 جنيهًا إلى 55 جنيهًا، كما بلغ سعر جرام الفضة عيار 999 نحو 69 جنيهًا، وعيار 925 وصل إلى 64 جنيهًا، بينما استقر سعر جنيه الفضة (عيار 925) عند 512 جنيهًا؛ أما على الصعيد العالمي، فقد ارتفعت أوقية الفضة بنسبة 2.4% لتصل إلى 43 دولارًا بعد أن كانت 42 دولارًا، مغلقة عند أعلى مستوياتها منذ أغسطس 2011. يأتي هذا الارتفاع مدعومًا بشكل كبير بسبب ضعف الدولار الأمريكي الذي يزيد الطلب على المعادن النفيسة كملاذ آمن، إضافة إلى تزايد قناعة الأسواق باتجاه مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى تبني سياسة نقدية أكثر تيسيرًا، مما يعزز زخم المستثمرين نحو الفضة، خاصة مع استمرار الصعود في أسعار الذهب.

ارتفاع أسعار الفضة منذ بداية العام وتأثير السياسات النقدية الفيدرالية

بلغت مكاسب الفضة المحلية منذ مطلع العام نحو 34%، ما يعادل زيادة 14 جنيهًا لكل جرام، بينما سجل المعدن على الصعيد العالمي قفزة من 29 دولارًا إلى 43 دولارًا للأوقية، بنسبة نمو 48.3%، مما يجعل الفضة من أبرز المعادن النفيسة أداءً هذا العام. وعلى الرغم من ارتفاع مؤشر الدولار بنسبة طفيفة بلغت 0.29% إلى 97.647، وهو مؤشر عادةً ما يُثقل كاهل السلع المقومة بالدولار، إلا أن الفضة والذهب استطاعا مواصلة الصعود، ما يدل على وجود زخم شرائي قوي في السوق. ويساهم توقع المستثمرين لخفض أسعار الفائدة من قبل الفيدرالي في دعم هذا الصعود؛ إذ تشير بيانات أداة CME FedWatch إلى احتمال بنسبة 91.1% لخفض سعر الفائدة في أكتوبر، و80.4% لاحتمال خفض إضافي في ديسمبر، ما يشكل تحولًا في السياسة النقدية الأمريكية يصب في صالح المعادن النفيسة عبر تقليل تكلفة الاحتفاظ بأصول لا تدر عوائد مثل الفضة والذهب.

دور الطلب الصناعي والتدفقات الاستثمارية والتوقعات المستقبلية لأسعار الفضة

لا يقتصر ارتفاع أسعار الفضة على العوامل النقدية فقط، بل يدعمها زيادة ملحوظة في الطلب الصناعي من قطاعات الإلكترونيات والطاقة الشمسية، إضافةً إلى التدفقات الاستثمارية القوية في صناديق المؤشرات التي تعتمد على الفضة. وفي ظل حالة الضبابية والقلق الاقتصادي العالمي، يبحث المستثمرون عن الملاذات الآمنة، مما يعزز من مكانة الفضة على الساحة الاستثمارية. مع ذلك، يبقى السوق معرضًا لبعض المخاطر أبرزها تباطؤ الطلب الصناعي أو أية تغييرات مفاجئة في سياسات البنوك المركزية قد تؤدي إلى تشديد نقدي. وتشير توقعات بنك HSBC إلى أن الأفق المتوسط للفضة يبقى إيجابيًا؛ حيث يدعم ذلك صعود الذهب، وتزايد المخاطر الجيوسياسية، وقوة الطلب الصناعي، مع توقع تجاوز الفضة حاجز 45 دولارًا للأوقية قبل نهاية عام 2025 إذا نفّذ الفيدرالي خفضًا إضافيًا في أسعار الفائدة.

سعر الفضة محليًا (جنيه)عيار
55800
64925
69999
512جنيه الفضة (عيار 925)
  • زيادة الطلب الصناعي على الفضة في قطاعات الإلكترونيات والطاقة الشمسية
  • تدفقات استثمارية قوية إلى صناديق المؤشرات المدعومة بالفضة
  • توقعات خفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي
  • تراجع قيمة الدولار الأمريكي

سجل تاريخي وتحليل لنقاط المقاومة السعرية للفضة

شهدت الفضة في تاريخها الحديث وصول سعر الأوقية إلى حاجز 50 دولارًا مرتين فقط، الأولى خلال أزمة «إخوة هانت» عام 1980 في الولايات المتحدة، عندما حاول نيلسون وويليام هانت الاحتكار السوقي، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق قبل تدخل السلطات لإنهاء المضاربات، والثانية في عام 2011، في سياق الأزمة المالية العالمية وأزمة الديون الأوروبية، حيث لجأ المستثمرون إلى الفضة كملاذ آمن فلامست الأسعار هذا المستوى قبل أن تعود للتراجع مع تحسن المؤشرات الاقتصادية. وتشير هذه المحطات إلى أن بلوغ الفضة 50 دولارًا يرتبط بشكل أساس بظروف استثنائية تمثلت في أزمات مالية أو مضاربات شديدة، مما يجعل هذا السعر بمثابة سقف نفسي يتابعه المستثمرون عن كثب كلما اشتدت الاضطرابات الاقتصادية.

بهذا الشكل، يظل سوق الفضة متحركًا تحت تأثير عوامل متنوعة تجمع بين السياسات النقدية، الطلب الصناعي، التدفقات الاستثمارية، والتقلبات الاقتصادية العالمية، مسجلاً أداءً ملفتًا يعكس دوره كأصل استثماري مهم في عالم المعادن النفيسة.