أعلى مستوى.. ارتفاع قياسي في أسعار الأمونيا وصعوبة في توفير الشحنات خلال 2025

أسعار الأمونيا في شمال غرب أوروبا تسجل أعلى مستوياتها في 2025، مع ندرة في الشحنات الفورية وتوقف الصادرات من مراكز مهمة، إذ قُدرت الأسعار عند 605 دولارات للطن المتري، متجاوزة أعلى سعر مسجل منذ 9 أشهر. رغم قلة العرض، استفاد الإنتاج المحلي الأوروبي من انخفاض أسعار الغاز الطبيعي، مما ساعد في السيطرة على تكاليف الإنتاج وزيادة هوامش الربح للمنتجين.

ارتفاع أسعار الأمونيا في شمال غرب أوروبا وتأثيرات السوق

شهدت أسعار الأمونيا المُسلّمة إلى شمال غرب أوروبا على أساس التكلفة والشحن—سواء بالرسوم الجمركية أو المعفاة منها—ارتفاعاً إلى 605 دولارات للطن المتري بتاريخ 18 سبتمبر 2025، بحسب منصة بلاتس (Platts) التابعة لشركة إس آند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس (S&P Global Commodity Insights). يعكس هذا الرقم زيادة قدرها 5 دولارات للطن المتري عن اليوم السابق، وهو الأعلى منذ 18 ديسمبر 2024، وأعلى بـ15 دولاراً مقارنة بنفس التاريخ من العام الماضي. يأتي هذا الارتفاع وسط تقارير عن صفقة غير مؤكدة تجاوزت 600 دولار للطن، مع عروض شراء تصل إلى 650 دولاراً.

ويعود السبب في ارتفاع أسعار الأمونيا في شمال غرب أوروبا إلى أربعة عوامل رئيسية:

• الندرة الحادة في الشحنات الفورية داخل شمال غرب أوروبا والمناطق المحيطة خلال الأشهر الأخيرة.
• توقف الصادرات من مراكز حيوية مثل شمال أفريقيا وترينيداد وتوباغو.
• تأخر بدء تشغيل مصنع الأمونيا الجديد على الساحل الأميركي لخليج المكسيك.
• تباطؤ الإنتاج في مناطق إمداد رئيسة أخرى كالشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا، بسبب عمليات صيانة مخططة وغير مجدولة.

وأشار أحد الموردين الأوروبيين إلى أن العثور على شحنة أصبح مهمة صعبة، وعندما يتوفر العرض تكون الأسعار مرتفعة للغاية، مما يحد من بيع المنتجات بأسعار منخفضة. وأكد تاجر آخر أن نقص العرض واضح حتى لدى الشركات العريقة التي تواجه صعوبة في التوريد. بالمقابل، استفادت السوق الأوروبية من انخفاض أسعار الغاز، التي ساهمت في إنتاج كميات ضخمة من الأمونيا والأسمدة داخل القارة، رغم عدم تسويق جميع الكميات المنتجة بعد.

تحليل أسعار الأمونيا في أوروبا وعوامل الربحية للمنتجين

انطلاقاً من الأسعار التي بلغت 605 دولارات للطن المتري، أصبح الفارق بين تكلفة الإنتاج المحلي وأسعار الاستيراد نحو 160 دولاراً مما أعطى دفعة لهوامش الربح للمنتجين الأوروبيين، خصوصاً مع تحسّن شروط السوق. وهذا الفارق الكبير يضع المنتجين في موقف قوي رغم ندرة المعروض، حيث ساعد انخفاض أسعار الغاز الطبيعي الأوروبي في خفض تكاليف التصنيع وتحسين الربحية.

في الجدول التالي، نستعرض مقارنة بين أسعار الأمونيا في 18 سبتمبر 2025 والسنوات السابقة:

يبرز هذا النمو في الأسعار كيف تتفاعل الأسواق مع العوامل التشغيلية والصناعية، خصوصاً مع تغيرات العرض والطلب والتأثيرات الجيوسياسية والبيئية التي تشهدها صناعة الأمونيا على مستوى العالم.

تأثير انخفاض أسعار الغاز الطبيعي على سوق الأمونيا في أوروبا

يأتي انخفاض أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا كعامل أساسي لتحسن إنتاج الأمونيا المحلي والتقليل من الضغوط التكاليفية على المنتجين. فقد شهد العقد الهولندي المرجعي لشهر أكتوبر 2025 منخفضاً طفيفاً، ليصل إلى 31.81 يورو لكل ميغاواط/ساعة (37.36 دولاراً)، بينما انخفض عقد اليوم التالي إلى 31.38 يورو، وفق بيانات بورصات لندن. كما شهدت أسعار الغاز في المملكة المتحدة تراجعاً ملحوظاً حيث بلغ سعر العقد الشهري 77.80 بنساً لكل وحدة حرارية بريطانية.

ويعزى هذا الانخفاض إلى استقرار إمدادات الغاز القادمة من النرويج وقوة تدفقات الغاز الطبيعي المسال (LNG) إلى أوروبا، بالإضافة إلى استمرار شحنات محطة أركتيك 2 الروسية إلى الصين وأوروبا، التي تضفي ضغطاً تنافسياً يدفع الأسعار نحو الانخفاض.

ومع مخزونات الغاز التي بلغت حتى الآن 80.6% بحسب رابطة مشغلي البنية التحتية الأوروبية “غاز إنفراستركتشر يوروب”، تتوقع الأسواق أن تظل أسعار الغاز منخفضة خلال الفترة المقبلة، وهو ما يدعم استمرار إنتاج الأمونيا الأوروبي بكميات جيدة ويؤثر بالتالي على استقرار أسواق الأسمدة والطاقة المرتبطة بها.

في ظل هذه التطورات، يظل مراقب السوق ضرورة ملحّة للمتعاملين في قطاع الطاقة والكيماويات، لفهم تحركات أسعار الأمونيا والغاز الطبيعي وتأثيرهما المتبادل على الاقتصاد الأوروبي والعالمي.