14 عامًا.. الفضة تتجه لأعلى سعر منذ عقد مع تصاعد توقعات خفض الفائدة

شهدت أسعار الفضة ارتفاعات قوية خلال تعاملات يوم الثلاثاء في الأسواق المحلية والعالمية، حيث اقترب سعر الأوقية من أعلى مستوى له منذ 14 عامًا، مدفوعةً بزيادة التوقعات بأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سيخفض أسعار الفائدة في اجتماعه المرتقب منتصف سبتمبر.

تحليل ارتفاع أسعار الفضة وتأثير خفض الفائدة الأمريكية

وفقًا لتقرير مركز “الملاذ الآمن” للأبحاث، ارتفع سعر جرام الفضة عيار 800 بنحو جنيه واحد ليصل إلى 55 جنيهًا، بينما ارتفع سعر الأوقية عالميًا من 42 دولارًا إلى 42.80 دولارًا، وهو أعلى مستوى له منذ سنوات. كما بلغ سعر جرام الفضة عيار 999 حوالي 69 جنيهًا، وعيار 925 نحو 64 جنيهًا، فيما صعد سعر جنيه الفضة (عيار 925) إلى 512 جنيهًا. هذا الارتفاع الحاد في أسعار الفضة مرتبط أيضًا بضعف الدولار الأمريكي وتوقعات خفض الفيدرالي لأسعار الفائدة في الاجتماع القادم.
تزامن هذا الصعود مع ارتفاع أسعار الذهب، حيث سجلت نسبة الذهب إلى الفضة حوالي 86، وهو مستوى قريب من أدنى مستوياته هذا العام. منذ بداية 2025، حققت الفضة مكاسب تقارب 50%، متفوقةً على الذهب في الأداء.

سلوك المستثمرين وتوقعات مستقبل أسعار الفضة

يوضح التقرير أن سوق الصناديق الاستثمارية شهد تحركات متقلبة، حيث سجل أكبر صندوق متداول في الفضة تدفقات خارجية بقيمة 313 طنًا خلال يومي الأربعاء والخميس الماضيين، قبل أن يعود بتدفقات واردة قدرها 192 طنًا يوم الجمعة. تعكس هذه التذبذبات انقسامات بين المستثمرين بشأن مستقبل أسعار الفضة. ورغم ذلك، يؤكد المحللون أن ارتفاع الذهب سيستمر في دعم الفضة، حتى وإن كان الوصول إلى أعلى مستوياتها التاريخية البالغة 50 دولارًا للأوقية في أبريل 2011 لازال بعيدًا إلى حد ما.

العوامل المؤثرة على أسعار الفضة: السياسة النقدية، المعروض والاستخدام الصناعي

يراهن المستثمرون على خفض وشيك للفائدة الأمريكية، مما يقلل تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الفضة، وهي أصول لا تعطي عائدًا مباشرًا. كما أن انخفاض الدولار يجعل الفضة أرخص للمستثمرين الذين يحملون عملات أخرى، مما يزيد من جاذبيتها الاستثمارية خاصة مع تراجع عوائد السندات الأمريكية التي تعزز الطلب على المعادن النفيسة. بالإضافة إلى ذلك، فإن البُعد الصناعي لمعدن الفضة يضيف بعدًا جديدًا لقيمته، إذ تدخل في صناعة الإلكترونيات الدقيقة، والألواح الشمسية، ومشاريع الطاقة المتجددة، والمركبات الكهربائية، ما يجعل الطلب عليها في ازدياد مستمر مع التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة والتكنولوجيا المتقدمة.
من ناحية العرض والطلب، هناك إشارات واضحة إلى تناقص المعروض من الفضة، مع ارتفاع الأقساط على الفضة المادية في بعض الأسواق، بينما حذر محللو TD Securities من أنه إذا استمر الطلب الاستثماري بوتيرة مرتفعة مع عجز العرض، فقد تنفد مخزونات بورصة لندن للأونصات خلال أربعة إلى سبعة أشهر.

• تراجع مؤشر التضخم الأمريكي لشهر أغسطس إلى 2.9% سنويًا
• ضعف سوق العمل بإضافة 22 ألف وظيفة مقابل توقعات 75 ألف
• ارتفاع معدل البطالة إلى 4.3%، أعلى مستوى منذ 2021

أدت هذه البيانات إلى تعزيز توقعات الأسواق نحو خفض أسعار الفائدة بنسبة 88% بانخفاض قدره 25 نقطة أساس خلال اجتماع سبتمبر، مع احتمال ضئيل لخفض أكبر. وأكدت مؤسسات مالية كبرى مثل HSBC على هذه التوقعات، مشيرة إلى أن الطلب التكنولوجي وقلة المعروض يدعمان ارتفاع أسعار الفضة، فيما شدد جيروم باول، رئيس الفيدرالي، على استعداد البنك المركزي لدعم سوق العمل في حال ضعف مؤشرات الاقتصاد، مما يزيد من فرص التيسير النقدي.

تعتبر الفضة قيمة استثمارية مهمة خصوصًا في أوقات التضخم، إذ تبقى أداة فعالة لحماية القوة الشرائية، لا سيما مع نسبة الذهب إلى الفضة التي تزيد عن 86، في حين أن المتوسط التاريخي يتراوح بين 50 و60، ما يجعل الفضة أقل تقييمًا نسبيًا من الذهب، مع تزايد أهميتها الصناعية بالمقارنة مع دور الذهب النقدي. وترتفع فرص الفضة في إعادة تموضع استراتيجي داخل المحافظ الاستثمارية على المستوى العالمي، مدفوعةً بعوامل متعددة تشمل خفض الفائدة الأمريكية، ضعف الدولار، وزيادة الطلب الصناعي المرتبط بالطاقة النظيفة والتكنولوجيا الحديثة، إضافة إلى توترات جيوسياسية متصاعدة.

مفاهيم أساسية في سوق الفضة وأساسيات التداول

يشرح مركز “الملاذ الآمن” أن سعر الفضة في السوق، أو السعر الفوري، هو السعر الذي يمكن عنده شراء أو بيع الفضة فورًا، ولكن المستثمر قد يدفع سعرًا أعلى لتغطية تكاليف إضافية مثل الشحن والتأمين وهوامش التجار. كما يشير مفهوم “فارق السعر” أو الـ Spread إلى الفارق بين سعر الشراء (Ask) وسعر البيع (Bid)، وكلما ضاق هذا الفارق، ارتفعت قوة الطلب والسيولة في السوق، مما يدل على نشاط إيجابي في التداول.