البنية الرقمية.. تأثيرها الحاسم على الصحة والتعليم والإغاثة في العالم الحديث

تُعد كابلات الإنترنت اليوم الأساس الحيوي لإعادة البناء بعد الأزمات، إذ أكد هذا المفهوم الأمين العام لـ«منظمة التعاون الرقمي»، ديمة اليحيى، مشيرةً إلى أن الاتصال هو أول ما ينبض حياة بعد الكوارث، وليس الأسمنت أو الحديد. تأتي منصة «الملتقى الدبلوماسي» لسد الفجوة بين الدبلوماسيين والمختصين التقنيين، في ظل تزايد أهمية الأدوات الرقمية في تعزيز التعافي في مرحلة ما بعد النزاعات.

دور الكلمة المفتاحية: تعزيز التعافي الرقمي بعد النزاعات وأهمية البنية التحتية الرقمية

في أوكرانيا، أثبت تطبيق «ديا» قدرته في الحفاظ على خدمات حكومية لنحو 20 مليون شخص رغم ظروف الحرب، بينما سهلت المحافظ الرقمية في الأردن وصول المساعدات إلى آلاف اللاجئين. ويُظهر انقطاع الإنترنت في غزة كيف يمكن أن تعطل الشبكات الرقمية مستشفيات الإغاثة، ويُبرز الانهيار المالي في لبنان أهمّية المدفوعات الرقمية التي أبقت التجارة اليومية على قيد الحياة. تُشير ديمة اليحيى إلى أن 2.6 مليار شخص ما زالوا خارج شبكة الإنترنت حتى 2025، مما يجعل تعزيز التعافي الرقمي عنصراً لا يقل أهمية عن توفير الماء والكهرباء.

الانضمام لمنظمة التعاون الرقمي وتأثيره في تسريع التعافي الرقمي بعد النزاعات

تعمل منظمة التعاون الرقمي على جمع الدول بإطار جماعي لتقوية البنية الرقمية، حيث يُعد الانضمام قرارًا جماعيًا يُعتمد عن طريق مجلس المنظمة. توجد حوارات جارية مع عدة دول مثل سوريا وفلسطين لدعم البنية الرقمية الضعيفة التي تضررت بفعل الصراعات. ويساعد مقياس نضج الاقتصاد الرقمي الحكومات في تقييم واقعها الرقمي، وتحديد الأولويات اللازمة لإعادة بناء الاتصالات والخدمات. وسوف يبرز هذا الموضوع بشكل رئيسي في الجمعية العامة للأمم المتحدة الـ80، لتأكيد دّور الاستثمار الرقمي كجزء من خطط التعافي على قدم المساواة مع خدمات الماء والكهرباء. وقد وفرت هذه المقاييس بيانات موثوقة لجذب استثمارات ضخمة، على غرار 700 مليون دولار استقطبتها باكستان، بالإضافة إلى تبني رواندا وعُمان لنفس النهج.

الابتكار الرقمي وحماية الحقوق لضمان تعافي مستدام بعد النزاعات الرقمية

تشدد ديمة اليحيى على أن الابتكار هو المحرك الأساسي للتقدم في المجال الرقمي، بينما تشكل حماية الحقوق حزام الأمان لضمان الاستخدام الآمن والمسؤول. تؤكد ضرورة تصميم الحلول الرقمية في الأزمات مع مراعاة الخصوصية، وقد أطلقت المنظمة أُطُرًا أخلاقية للذكاء الاصطناعي، إلى جانب «صناديق اختبار» للسياسات. يُعتبر مشروع «Optimus» التابع لـ«برنامج الغذاء العالمي» مثالًا ناجحًا، إذ استعمل الذكاء الاصطناعي لتحسين سلاسل الإمداد والوصول إلى 1.7 مليون شخص، مما وفر موارد مالية ضخمة تكفي لإطعام مليونَي إنسان لمدة سنة كاملة.

دور الشباب والنساء في تعزيز التعافي الرقمي عبر البنية الرقمية

يشكل الشباب ثلاثة أرباع سكان الدول الأعضاء في المنظمة، ويحظى دعم النساء بأهمية كبرى نظرًا للفجوة الرقمية التي تصل إلى 30% في استخدام الإنترنت المحمول ببعض البلدان. دعمت المنظمة أكثر من 15 ألف رائدة أعمال، و43% من المشاركين في برامج المهارات الرقمية هم نساء. تُظهر بيانات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الأردن أن المحافظ الرقمية أصبحت القناة الأبرز لصرف المساعدات في المخيمات، مما عزز شمول النساء والأسر الهشة. ومن التجارب الملهمة استخدام طائرات «Zipline» في أفريقيا التي قلّصت وقت توصيل الدم والأدوية من ساعات إلى دقائق، مسهمةً بشكل كبير في إنقاذ حياة النساء في المناطق الريفية.

مسارات جديدة للتعاون الدولي لترسيخ التعافي الرقمي الشامل

اعتمدت منظمة التعاون الرقمي نهجًا عمليًا للتعاون الدولي، يشمل عقودًا معيارية وآليات مواءمة وقياسًا مشتركًا، لتحويل الاتفاقيات إلى نتائج ملموسة. وتوصف هذه القواعد بأنها متجانسة بين الدول الأعضاء لدعم حماية الخصوصية وتنظيم تدفقات البيانات عبر الحدود، فضلاً عن وضع معايير أخلاقية للذكاء الاصطناعي، مما يمكّن الحكومات والشركات من العمل بفعالية دون الحاجة إلى إعادة الاختراع.

تعزيز العلاقات والشراكات الرقمية بين السعودية وبريطانيا لدعم التعافي الرقمي

أكد اللورد البريطاني فايزي الدور المحوري لـ«الملتقى الدبلوماسي» في مناقشة قضايا السلامة، والترابط الإلكتروني، والمرونة الرقمية. وصف العلاقات بين السعودية وبريطانيا بأنها «ممتازة للغاية»، مشيدًا بزيارة وزير التجارة السعودي الذي رأس أكبر وفد خارج المملكة. وأشار إلى احترام متبادل قوي بين العائلتين الملكيتين، واعتبر أن التعاون الرقمي جزء لا يتجزأ من طموحات السعودية التي تؤثر في مجالات الرياضة والسياحة والتكنولوجيا والدبلوماسية، وتعزز مكانة الرياض كقائد جيوسياسي.