استثمار جديد.. كيف يعيد الذكاء السعودي تشكيل المستقبل؟

يشهد التعليم في السعودية تقدمًا ملموسًا في مجال رعاية الموهوبين، حيث أصبحت برامج تنمية القدرات الوطنية محورها الأساسي ضمن رؤية 2030، مما يعكس اهتمام المملكة العميق بتطوير الطاقات البشرية بأحدث الوسائل. ويبرز هذا التوجه عبر مبادرات متعددة، أهمها توسيع التعليم في مدارس الموهوبين، التي تُشكّل عنصرًا جوهريًا في تحسين منظومة التعليم المتخصصة داخل المملكة.

دور مدارس الموهوبين الثقافية في تنمية الإبداع الفني وتطوير المواهب

افتتحت السعودية مؤخرًا مدارس الموهوبين الثقافية لاستقبال الطلاب المبدعين في مختلف المجالات الفنية والثقافية مع بداية العام الدراسي الجديد؛ ويتضمن ذلك مدرسة للبنين في الرياض وأخرى للبنات في جدة ضمن جهد مشترك بين وزارتي التعليم والثقافة. تقوم هذه المدارس على دمج التعليم الأكاديمي الرسمي مع برامج ثقافية وفنية متخصصة توفر بيئة تعليمية محفزة تدعم اكتشاف وتنمية المواهب. تستهدف المدارس الطلاب الموهوبين من الصف الرابع الابتدائي وحتى الصف الأول المتوسط مع تسليط الضوء على مجالات مثل الرسم، المسرح، التمثيل، العزف، والغناء؛ وهو ما يجعلها نموذجًا متفردًا في توسيع نطاق التعليم الموجه نحو الفنون، مع التركيز على تطوير المهارات الشخصية والاجتماعية وتعزيز الهوية الوطنية. يسير المشروع وفق منهجيات معتمدة تهدف إلى رفع جودة البيئة التعليمية وضمان شمولية التعليم، بالتعاون بين وزارة التعليم وبرامج وزارة الثقافة.

مدارس الموهوبين الثقافية ودورها الحيوي في دعم الاستدامة الثقافية وتعزيز الابتكار

تركز مدارس الموهوبين الثقافية على ربط نتائج التعليم بحاجات سوق العمل في القطاعات الثقافية والإبداعية، لضمان استدامة هذا المجال الحيوي داخل المملكة. تؤكد وكيل وزارة الثقافة السعودية للشراكات الوطنية وتنمية القدرات، نهى قطان، أن الطلاب يملكون حرية اختيار المسارات التعليمية التي تتناسب مع مواهبهم، والتي تجمع بين المناهج النظرية والتطبيقية، وفق معايير توازن بين المستويات العالمية والمحافظة على الهوية الوطنية. تشمل المسارات التعليمية مجالات متعددة مثل الفنون الأدائية كالتمثيل والمسرح، والفنون الموسيقية التي تضم العزف والغناء، إضافة إلى الفنون البصرية التي تشمل الرسم والتصميم. تم تسجيل 150 طالبًا وطالبة، مع تعيين كوادر تدريسية متخصصة تعزز تجربة التعلم وتطور مهارات الموهوبين في هذه المدارس.

مدارس الموهوبين التقنية و “فصول موهبة” لتعزيز المهارات الرقمية والتقنية في أجيال المستقبل

تهدف مدارس الموهوبين التقنية، التي أُعلن عنها بالتعاون بين وزارة التعليم وأكاديمية طويق، إلى تأهيل الطلاب تقنيًا بدءًا من عام 2025، وبدأت بعدة مناطق رئيسية تشمل الرياض، والمنطقة الشرقية، والمدينة المنورة، والقصيم، بجانب جدة التي استقبلت الطلاب هذا العام. تركز هذه المبادرات على تدريب طلاب الصف الأول الثانوي في المهارات الرقمية والتقنية اللازمة لمواكبة التحول الوطني والاقتصاد الرقمي. تشمل الدراسة تخصصات مثل علوم الحاسب، الذكاء الاصطناعي، الميكاترونيكس، والأمن السيبراني ضمن بيئة تعليمية تدعم الابتكار والبحث العلمي. منذ عام 2009، تطبق وزارة التعليم برنامج “فصول موهبة” الذي يقدّم مناهج متطورة للطلاب الموهوبين عبر تعاون مع المدارس الحكومية والخاصة، ما يعزز فرص تطوير مهاراتهم ضمن النظام التعليمي. وتشير الإحصاءات إلى وجود أكثر من 71,002 طالب موهوب مسجلين، منهم 93% صُنّفوا كمواهب عادية و7% مصنفون كمواهب استثنائية، وهو دليل واضح على الاهتمام الكبير الذي تمنحه المملكة لتعزيز المواهب وتنمية أجيال مستقبلية مبدعة.