تحدي كبير.. كيف يؤثر دمج غوغل للذكاء الاصطناعي على مستقبل مواقع الأخبار؟

الانخفاض الكبير في حركة المرور للمواقع الإخبارية بسبب دمج محرك البحث غوغل للذكاء الاصطناعي بات يشكل تحديًا وجوديًا يؤثر على مستقبل الصحافة الرقمية، إذ أصبحت الخلاصات التي يقدمها الذكاء الاصطناعي تغني الباحثين عن النقر والانتقال إلى المواقع الإخبارية، مما أدى إلى تراجع ملحوظ في أعداد الزوار، بحسب صحيفة الغارديان البريطانية.

تحديات انخفاض حركة المرور للمواقع الإخبارية وتأثير الذكاء الاصطناعي

تواجه المواقع الإخبارية أزمة حقيقية تتمثل في انخفاض حركة المرور بشكل كبير نتيجة اعتماد غوغل على الذكاء الاصطناعي لعرض خلاصات الأخبار مباشرة في محرك البحث، ما يقلل من الحاجة للنقر على الروابط والولوج إلى مواقع الأخبار. هذا الانخفاض في حركة المرور يأتي في وقت تتعرض فيه الصحافة الرقمية وزوبان محتواها للاستغلال من قبل شركات الذكاء الاصطناعي، التي تستخدم المحتوى دون تعويض مالي جدي، ما يزيد من تعقيد الأزمة التمويلية التي يعيشها الناشرون. تجدر الإشارة إلى أن أكثر من 90% من المستخدمين يعتمدون على استفسارات غوغل، وهي المحرك الرئيسي لضمان تصنيف مرتفع وزيادة عوائد النقرات؛ لذلك يبذل المحررون جهودًا مستمرة لتحسين المحتوى والعناوين لتفادي المزيد من الانخفاض.

إجراءات المواقع الإخبارية لمواجهة انخفاض حركة المرور للمواقع الإخبارية

وفقًا لما أورده مارك سويني في الغارديان، تسعى المواقع الإخبارية إلى اتخاذ خطوات متعددة تشمل:

  • التفاوض مع غوغل على صفقات تسمح باستخدام المحتوى في أدوات “إيه آي أوفر فيو” و”إيه آي مود” مقابل الحصول على تعويضات؛
  • الانسحاب من نتائج البحث كخيار أخير في حال عدم الموافقة على الشروط؛
  • الضغط على الجهات التشريعية من خلال القطاع الإبداعي لإصدار قوانين تمنع استخدام محتوى الصحافة الرقمية دون إذن صريح، خصوصًا في المملكة المتحدة؛
  • إبرام اتفاقيات ترخيص ثنائية مع شركات الذكاء الاصطناعي لضمان تعويض مناسب؛
  • استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي الداخلية للإجابة على الاستفسارات، كما فعلت صحيفتا “الواشنطن بوست” و”فايننشال تايمز” بإطلاق روبوتات الدردشة التي تعتمد فقط على محتواها الخاص.

هذه الإجراءات تبرز محاولات التكيف مع التغييرات الكبيرة التي فرضها تطور الذكاء الاصطناعي في مجال البحث.

تداعيات انخفاض حركة المرور للمواقع الإخبارية ومخاوف جودة المعلومات

يعيش الناشرون ضغوطًا مالية كبيرة ناجمة عن ارتفاع التكاليف وتراجع عائدات الإعلانات، مع تناقص متواصل في أعداد القراء الذين يبتعدون عن متابعة الأخبار، ما يعمّق أزمة المواقع الإخبارية. كشف جون سليد، الرئيس التنفيذي لصحيفة “فايننشال تايمز”، عن انخفاض حاد ومستمر بين 25% و30% في حركة المرور من محركات البحث إلى مقالات الصحيفة، في حين بلغ مستوى الانخفاض لدى صحيفة “ديلي ميل” 89% بسبب ميزة “إيه آي أوفر فيو” التابعة لغوغل، وفق تصريحات مالك الصحيفة. وأثارت هذه الأرقام دعوات لشركة غوغل من قبل مؤسسات إعلامية وشركات كبرى مثل “دي إم جي ميديا” لمزيد من الشفافية وتزويد الناشرين بإحصائيات حقيقية عن حركة المرور، عبر تحقيقات هيئة مراقبة المنافسة.

يبدي الخبراء والمراقبون مخاوف بشأن دقة المحتوى المعتمد على الذكاء الاصطناعي، إذ تظهر ظاهرة “الهلوسة” التقنيّة بتقديم معلومات مضللة أو ملفقة على أنها حقائق، فضلًا عن ما يُعرف بـ”التحيز المدمج”، حيث تحل أنظمة الكمبيوتر محل الإنسان في تلخيص المصادر، مضيفة تحريفًا على الحقيقة. في مطلع العام، تعهّدت شركة “آبل” بتحسين أدواتها بعد إصدار ملخصات غير دقيقة لأخبار “بي بي سي”، تضمنت ادعاءات خاطئة عن أحداث وشخصيات بارزة.

الجهةالنسبة المئوية لانخفاض حركة المرور
فايننشال تايمز25% – 30%
ديلي ميل89%

موقف غوغل تجاه تقارير انخفاض حركة المرور للمواقع الإخبارية

تؤكد ليز ريد، رئيسة قسم البحث في غوغل، أن إدخال الذكاء الاصطناعي في محرك البحث أدى إلى زيادة ملحوظة في عدد الاستفسارات والنقرات عالية الجودة، معتبرة أن بعض التقارير التي تشير إلى انخفاض حركة المرور مبنية على منهجيات خاطئة، وأن التغييرات التي لوحظت حدثت قبل إطلاق ميزات الذكاء الاصطناعي في البحث. وأوضحت أن حركة المرور بشكل عام إلى مواقع الإنترنت مستقرة نسبيًا، لكن اتساع شبكة البحث أدى لتنوع اتجاهات المستخدمين، مما تسبب في انخفاض الزيارات في بعض المواقع وزيادتها في أخرى.

يبدو أن حركة المرور للمواقع الإخبارية تخضع لتحوّلات عميقة بفعل الذكاء الاصطناعي، مما يدفع هذه المواقع لإعادة التفكير في استراتيجياتها لضمان استمراريتها المالية والوظيفية ضمن مشهد رقمي متغير ذو تحديات كبيرة.