التحقق من العمر.. جدل بين حماية الأطفال وتهديد الخصوصية للكبار

التحقق من العمر على الإنترنت أصبح موضوعًا محوريًا في النقاشات العالمية، حيث يتصاعد الضغط على الحكومات والشركات التقنية لتحقيق توازن دقيق بين حماية الأطفال من مخاطر الفضاء الرقمي، وضمان خصوصية البالغين. هذا التوازن الصعب يطرح تحديات كبيرة ترتبط بالقوانين الجديدة وآليات التنفيذ، والتي أثارت جدلاً واسعًا حول مستقبل الحريات الرقمية وكيفية مراقبة أعمار المستخدمين عبر الإنترنت.

التشريعات الحديثة للتحقق من العمر على الإنترنت بين الحماية والخصوصية

تشهد الولايات المتحدة تطورًا ملحوظًا في سن قوانين التحقق من العمر، فقد أقرت 23 ولاية حتى أغسطس 2025 تشريعات تهدف إلى الحد من وصول القاصرين إلى المحتوى غير المناسب، ولا سيما المواقع الإباحية، وهو ما دفع بعض المنصات إلى حظر خدماتها في تلك الولايات عوضًا عن جمع بيانات حساسة للمستخدمين؛ الأمر الذي يطرح أسئلة كبيرة حول فعالية هذه القوانين ومدى تأثيرها على حرية الاستخدام. في بريطانيا، بدأ تطبيق “قانون السلامة على الإنترنت” في يوليو، ويُلزم هذا القانون المنصات الكبرى مثل “يوتيوب” و”سبوتيفاي” و”غوغل” بالتحقق من هوية المستخدمين، بما يشمل أيضًا المواقع التعليمية والإخبارية؛ هذه الخطوة أثارت موجة من الانتقادات حول خطر تحول التحقق من العمر إلى أداة تحد من حرية الوصول إلى المعلومات، وهو ما يعيق حرية المستخدمين في الفضاء الرقمي.

مخاطر التحقق من العمر على الإنترنت وتأثيرها على خصوصية المستخدمين

تثير آليات التحقق من العمر على الإنترنت مخاوف أمنية واضحة، حيث يبين خبراء الأمن السيبراني أن هذه الطرق ليست محصنة بشكل كامل من الاختراقات والتسريبات؛ فقد شهد العام الماضي فضائح كبيرة مثل تسريب صور وهويات آلاف مستخدمي تطبيق “Tea”، بالرغم من تعهد الشركة بحذف البيانات فورًا. ويشير المتخصصون إلى أنه لا توجد طريقة تحقق تجمع بشكل مثالي بين الدقة العالية في التعرف على العمر وضمان سلامة وخصوصية بيانات المستخدمين في الوقت ذاته. كما يحذر نشطاء حقوق الرقابة من أن القوانين الخاصة بالتحقق من العمر قد تُستغل لأغراض سياسية، عبر تقييد المحتوى المتعلق بحقوق الأقليات والحركات السياسية، وهو ملف حساس خصوصًا في البلدان التي تعاني من توتر في الحريات المدنية.

الدولةعدد الولايات/المدن التي أصدرت قوانين تحقق من العمرأبرز منصات مُلزِمة بالتحقق من العمر
الولايات المتحدة23 ولاية (تستعد ولايتان للتطبيق)مواقع إباحية رئيسية
بريطانياالبلد كامل حسب القانونيوتيوب، سبوتيفاي، غوغل، منصات تعليمية وإخبارية

التحديات التقنية والابتكارات في التحقق من العمر على الإنترنت

رغم منافع التحقق من العمر على الإنترنت في الحد من وصول القاصرين إلى محتوى ضار، إلا أن هذه الإجراءات تواجه تحديات كبيرة، أبرزها ارتفاع استخدام شبكات VPN كوسيلة للتحايل على القيود، لاسيما في دول مثل أميركا وبريطانيا وفرنسا؛ فالعديد من المستخدمين يلجأون إلى هذه الشبكات لتجاوز حظر المحتوى أو التحقق الإجباري، مما يقلل من فعالية القوانين. بالمقابل، يحذر خبراء الخصوصية من أن شبكات VPN المجانية تمثل تهديدًا جديدًا لخصوصية المستخدمين، إذ قد تفتح الباب أمام تسريبات وانتهاكات بيانات مرتكزة على ضعف تلك الخدمات. هذا الواقع يضع صانعي السياسات أمام تحدٍ مركب يتطلب تطوير حلول مبتكرة للتحقق من العمر تعزز الحماية دون المساس بالخصوصية أو حرية الوصول.

  • تشديد التشريعات مع مراعاة خصوصية المستخدمين
  • تصميم آليات تحقق قوية وآمنة مع تقليل المخاطر الأمنية
  • مراقبة استخدام شبكات VPN للحفاظ على فاعلية القوانين
  • التوعية المجتمعية بالمخاطر والحلول التقنية الحالية

يبقى التحقق من العمر على الإنترنت محط جدل مستمر؛ ففي الوقت الذي يؤكد فيه المشرعون على ضرورتها لحماية القاصرين من مخاطر الفضاء الإلكتروني، يحذر المختصون من عيوبها التي قد تتحول ضد المستخدمين أنفسهم، بتنفيذ غير مدروس يمس خصوصيتهم ويحد من حرياتهم؛ هذه المعركة الرقمية بين حماية الأجيال القادمة وضمان عدم التضحية بحرية وخصوصية البالغين ستبقى محور نقاش دولي مع تطور التكنولوجيا والأدوات المستخدمة في التعريف والرقابة.