الذهب يلمع.. تزايد الطلب على الذهب يعزز قيمته مع تقلبات الاقتصاد الأمريكي

الارتفاع الحاد في أسعار الذهب وتأثير تراجع الدولار وتقلبات الأسواق على سعر المعدن النفيس يبرز كظاهرة أساسية في المشهد المالي الحالي، خصوصاً في ظل الهجوم المستمر على مجلس الاحتياطي الفيدرالي وتداعياته. تستجيب أسواق الذهب بشكل ملحوظ لمخاطر الاقتصاد الأمريكي، ما يجعل فهم اتجاهات أسعار الذهب وأسباب ارتفاعها أمرًا ضروريًا لكل متابع ومستثمر.

كيف يؤثر تراجع الدولار وتقلبات الأسواق على ارتفاع أسعار الذهب

يعد ضعف الدولار العامل الأساسي وراء الارتفاع الأخير في أسعار الذهب، فالمعدن النفيس مسعر بالدولار الأمريكي، مما يجعل أي تراجع في قيمة العملة الأمريكية يدعم زيادة سعر الذهب بشكل طبيعي؛ إذ يعكس هذا التراجع مخاوف متزايدة بشأن القوة المالية للولايات المتحدة وهشاشة مؤسساتها. ويرى «دين كورنت»، استراتيجي في «ماكرو ريسك أدفايزرز»، أن العلاقة بين الذهب ومؤشر «فيكس» لتقلبات الأسواق هي علاقة إيجابية؛ فكلما ارتفعت التقلبات زاد توجه المستثمرين نحو الذهب كملاذ آمن. ومؤشر فيكس في الأيام الأخيرة أظهر مؤشرات صعود، بالرغم من بقائه عند مستويات متدنية، وهو ما يُعزز من جاذبية الذهب ويؤهله للاستفادة من بيئة تتسم بتراجع الدولار وزيادة تقلبات الأسواق المالية.

دور فئات المستثمرين في تحديد اتجاهات أسعار الذهب الحالية

أحد أسباب الارتفاع المستمر في أسعار الذهب يعود إلى تحول بناء قاعدة المستثمرين الأساسية التي تؤثر بالسوق. فهناك نوعان من المشترين وفقًا لما أوضحته لينا توماس من بنك «غولدمان ساكس» في مذكرة حديثة:

  • المشترون عن قناعة: وهم صناديق المؤشرات المتداولة والبنوك المركزية والمضاربون، الذين يشترون الذهب بغض النظر عن السعر ووفق قناعات استراتيجية تحوط طويلة الأمد.
  • المشترون الانتهازيون: وهم أفراد في الأسواق الناشئة يعتمدون على توقيت السوق والأسعار المناسبة، يدخلون السوق عند الانخفاض ويخرجون مع الارتفاع.

تُظهر تحركات السوق أن المشترين عن قناعة هم من يتحكمون في تحديد الاتجاه العام للأسعار، وينتجون مستويات شراء قوية تحرك السوق؛ وهذا يفسر لماذا استمر سعر الذهب في الارتفاع من 2,000 إلى أكثر من 3,500 دولار للأونصة خلال عام ونصف فقط، رغم توقعات ضعف الطلب من المشترين الحساسين للثمن.

تأثير منحنى العائد والبنوك المركزية على استمرار ارتفاع أسعار الذهب

يرى آكاش دوشي من شركة «ستيت ستريت» أن ظاهرة «انحدار منحنى العائد» تلعب الدور الأكبر في الارتفاع الحالي، حيث بدأت أسعار الفائدة قصيرة الأجل في الانخفاض ما يقلل تكلفة الفرصة البديلة لامتلاك الذهب بدلاً من النقد. بالمقابل، ظلت أسعار الفائدة طويلة الأجل مرتفعة بسبب مخاوف تضخمية متزايدة، وهو ما يدعم استمرار الطلب على الذهب. إضافة إلى ذلك، المعدن المحصن ضد المخاطر السياسية والمالية والاقتصادية يعبر عن تحذيرات مبكرة بشأن ديون الولايات المتحدة وتدهور قوة الدولار، وهو ما لا تعكسه كثير من الأصول المالية الأخرى مثل الأسهم والسندات.

يلعب الطلب المتزايد من البنوك المركزية دورًا هامًا في تعزيز أسعار الذهب، فبالرغم من تباطؤ شرائها خلال النصف الأول من العام، يبقى الاتجاه طويل الأجل نحو زيادة الاحتياطيات مقنعًا، خاصة مع ميل هذه البنوك إلى تنويع استثماراتها بعيدًا عن الدولار. ويرتبط هذا التحول بشكل واضح بتحركات إدارة ترامب ضد الاحتياطي الفيدرالي، التي أدت إلى تسريع اتجاه البنوك المركزية نحو تعظيم استثماراتها في الذهب لاستقرار احتياطاتها وتخفيف المخاطر السياسية والاقتصادية.

العامل الأساسيتأثيره على سعر الذهب
تراجع الدولار الأمريكيرفع قيمة الذهب بسبب التسعير بالدولار
ارتفاع تقلبات الأسواق (مؤشر فيكس)زيادة الإقبال على الذهب كملاذ آمن
انحدار منحنى العائدخفض تكلفة الفرصة البديلة للذهب
زيادة شراء البنوك المركزيةدعم الطلب طويل الأجل وأسعار الذهب

يرتبط ارتفاع أسعار الذهب ارتباطًا وثيقًا بالمتغيرات المعقدة في الأسواق المالية والاقتصادية الحالية، التي تعكس ورود تحذيرات بشأن الاقتصاد الأمريكي والمؤسسات المالية فيه؛ ما يجعل متابعة اتجاهات الذهب وفهم العوامل المؤثرة عليه أمرًا ضروريًا لمن يسعى لتحقيق استثمار آمن ومستقر في ظل الظروف العصيبة التي يمر بها السوق العالمي.