تغيير دائم.. كيف تؤثر رحلات الفضاء على جسم الإنسان بشكل لا رجعة فيه؟

السفر إلى الفضاء وتأثيراته على شيخوخة الخلايا الجذعية يتصدر اهتمام العلماء في مجال الطب الفضائي، حيث كشفت دراسات حديثة عن تسريع رحلات الفضاء لعملية الشيخوخة الجزيئية في الخلايا الجذعية التي تلعب دوراً محورياً في تجديد أنسجة الجسم وإصلاحها، ما يجعل نظام الإصلاح الطبيعي يواجه ضغوطاً متزايدة خلال الرحلات الفضائية الطويلة.

كيف يسرّع السفر إلى الفضاء من شيخوخة الخلايا الجذعية؟

أظهرت تجارب أجراها فريق من جامعة كاليفورنيا أن نقل الخلايا الجذعية إلى المحطة الفضائية الدولية لمدة بين 32 و45 يوماً أدى إلى فقدان هذه الخلايا قدرتها على إنتاج خلايا جديدة وصحية، مع زيادة تلف الحمض النووي وتقليل طول نهايات التيلوميرات، وهي مؤشرات مؤكدة لتسارع الشيخوخة البيولوجية. أشارت البروفيسورة كاترينا جاميسون، مديرة معهد سانفورد للخلايا الجذعية، إلى أن بيئة الفضاء التي تتميز بانعدام الجاذبية وتعرض الجسم للإشعاع الكوني، تُسرّع الشيخوخة الجزيئية لخلايا الدم الجذعية، ما يضع النظام الطبيعي لتجديد الأنسجة تحت ضغط غير مسبوق.

تجارب رواد الفضاء تكشف عن مخاطر الشيخوخة المتسارعة في الفضاء

تظهر آثار السفر إلى الفضاء بشكل واضح لدى رواد ناسا الذين قضوا فترات طويلة في المحطة الفضائية، مثل بوث ويلمور وسوني ويليامز، الذين كان من المفترض أن تنحصر مهمتهم في ثمانية أيام، إلا أن المشكلة الفنية في مركبة بوينج ستارلاينر أبقتهم في المدار ما يزيد عن 286 يوماً. عند العودة، بدا الزوجان أكثر نحافة مع تغير لون شعر ويليامز، مما يعكس تأثيرات الشيخوخة والإجهاد الناتجة عن بيئة الفضاء القاسية. بالإضافة إلى ذلك، يواجه رواد الفضاء مخاطر صحية متعددة مثل فقدان العضلات والعظام وصعوبات الحركة، إلى جانب تغيرات في الرؤية وأقدام القدمين، والتأثير على الجهاز المناعي وطول التيلوميرات. وقد أظهرت تجارب التوأمين سكوت ومارك كيلي تغيرات جينية معقدة واستجابة جزئية للتعافي بعد العودة إلى الأرض، كما أفادت صحيفة “ديلي ميل”.

الدراسات الحديثة تؤكد إمكانية التدخل لعكس أضرار الخلايا الجذعية في الفضاء

أظهرت الدراسة الجديدة أن خلايا الدم الجذعية في الفضاء تزداد نشاطاً بشكل يجهد احتياطيات الطاقة ما يؤدي لفقدان قدرتها على التجدد والتعافي، مع ظهور علامات التهاب وإجهاد في الميتوكوندريا وتنشيط أقسام جينومية كانت ساكنة، ما قد يعرض الجسم لخطر الأمراض ويضعف المناعة. إلا أن النتائج أشارت إلى إمكانية عكس بعض الأضرار عند إعادة الخلايا إلى بيئة صحية، مما يفتح آفاقاً للتدخل الطبي في تجديد الخلايا المتقدمة في العمر. كما أكدت البروفيسورة جاميسون أن هذه المعرفة هي حجر الزاوية للاستعداد لعصر السفر التجاري إلى الفضاء والمهام الطويلة في المدار المنخفض، مع الإشارة إلى اعتماد رواد الفضاء على تمارين شديدة مرتين يومياً للحد من فقدان العضلات والعظام، وهو ما ساعد في تعافي بوث وويليامز بسرعة بعد عودتهم للأرض.

مدة المهمة الفضائيةالتأثير على الخلايا الجذعية
32-45 يوماًفقدان إنتاج خلايا جديدة وتلف جيني
286 يوماً (براش وويلماور)نحافة واضحة وتغيرات في لون الشعر
  • زيادة نشاط خلايا الدم الجذعية وتعب مخزون الطاقة
  • تقصير طول التيلوميرات بوضع غير صحي
  • ظهور علامات الالتهاب والإجهاد الميتوكوندري
  • تنشيط أقسام جينومية خاملة قد تؤدي إلى مشاكل صحية
  • جزئيّة إمكانية إعادة تأهيل الخلايا في البيئات الصحية المثلى

وكشفت وكالة ناسا أن السفر إلى الفضاء يسرّع الشيخوخة البيولوجية عبر إحداث خلل في استقرار المادة الجينية، إجهاد الميتوكوندريا، وارتفاع مستوى الالتهابات، ما يؤكد أهمية فهم هذه التأثيرات خاصة مع التوجه المتزايد لمهام طويلة الأمد نحو القمر والمريخ، حيث يستوجب ذلك تطوير استراتيجيات فعالة لتحصين أجسام رواد الفضاء وبناء بيئات داعمة تحمي مستقبل الإنسان في الفضاء.