إلغاء الإيجار.. مصر تواجه موجة قلق بين المستأجرين بسبب التعديل الجديد

الإصلاحات الجديدة في قانون الإيجار القديم وتأثيرها على المستأجرين في مصر

كانت خضرة إبراهيم علي، التي تبلغ من العمر 84 عاماً، تعتمد على انخفاض إيجار شقتها الصغيرة في وسط القاهرة لتحقيق بعض الاستقرار المالي وسط موجات التضخم المتصاعدة وتراجع الدعم الحكومي، حيث تدفع بموجب قانون الإيجار القديم منذ عقود حوالي 11 جنيهاً شهرياً فقط مقابل شقتها في حي الأزبكية التي تسكنها منذ خمسين عاماً. لكن هذا الوضع تغير منذ إقرار البرلمان المصري في يوليو 2025 أكبر تعديلات على قانون الإيجار القديم، والتي ألغت الإيجار الشهري الثابت وبند السماح للمستأجرين وورثتهم بالبقاء في شققهم لأجل غير مسمى، مما أعاد تشكيل العلاقة الإيجارية بين الملاك والمستأجرين وأثار قلق آلاف الأسر.

التعديلات الجديدة في قانون الإيجار القديم وتأثيرها على المستأجرين

يشمل قانون الإيجار القديم الجديد فترة انتقالية قبل إنهاء عقود الإيجار القديمة، حيث يُطلب إخلاء الوحدات السكنية بعد سبع سنوات والوحدات غير السكنية بعد خمس سنوات، مما سيترتب عليه تغيير جذري في أوضاع المستأجرين الذين اعتمدوا على القيمة الإيجارية المنخفضة لضمان استقرار مادي بسيط. ينطبق هذا القانون على العقود الموقعة قبل 31 يناير 1996، وهو تاريخ تحررت فيه الدولة من تثبيت قيمة الإيجار. وبينما كان مستأجرو الإيجار القديم يتمتعون بالحماية ويسددون إيجارات زهيدة حتى في الأحياء الراقية، سيشهد السوق حالياً ارتفاعاً كبيراً في الإيجارات يصل إلى عشرين ضعفاً في المناطق المتميزة وعشرة أضعاف في المناطق المتوسطة والاقتصادية. وهذا ما يثير مخاوف عميقة كما عبرت عنها خضرة قائلةً: «بيتي من 1973، خايفة أخرج منه، أزعل أوي يمكن أموت، أزعل أوي، بعد العشرة دي كلها أمشي كده؟».

شبكة الحماية الحكومية والتحديات الاجتماعية بعد تحديث قانون الإيجار القديم

مع بدء تطبيق التعديلات على قانون الإيجار القديم، تعهدت الحكومة المصرية بتوفير شبكة أمان للمستأجرين القدامى من خلال تخصيص وحدات سكنية إيجاراً أو تمليكاً، حيث أقر مجلس الوزراء اللوائح ذات الصلة في 27 أغسطس 2025. وأكد وزير الشؤون النيابية والقانونية محمود فوزي التزام الدولة بضمان سكن مناسب للمستأجرين المستحقين قبل تنفيذ القانون، وتعهد بعدم ترك أي عائلة بدون مأوى. تأتي هذه الإجراءات نتيجة لحكم قضائي صدر في نوفمبر 2024 اعتبر قانون الإيجار القديم غير دستوري، وأمر الحكومة بإصلاح الوضع. مع ذلك، أثارت هذه الخطوات تساؤلات حول مدى دراسة ومدى شفافية البيانات التي قامت عليها التغييرات، كما أوضحت الباحثة مي قابيل أن هناك استعجالاً في تمرير القانون وأن التفاصيل الدقيقة مثل عدد الأسر التي تملك أكثر من عقار لم تُعلن بعد.

الآثار الاقتصادية والمعيشية لقانون الإيجار القديم على قطاع السكن في مصر

تؤثر التعديلات على قانون الإيجار القديم بشكل مباشر على سوق السكن في مصر، حيث تتوقع الجهات الرسمية زيادة الإيجارات تدريجياً بواقع 15% سنوياً بعد نهاية الفترتين الانتقاليتين، على أن تكون الحدود الدنيا للإيجارات 1000 جنيه في المناطق المتميزة و400 جنيه في المناطق المتوسطة و250 في الأحياء الفقيرة. ومن الجدير بالذكر أن الحد الأدنى للأجور في مصر يبلغ 7000 جنيه شهرياً، لكن العديد من العاملين في القطاع الخاص يحصلون على رواتب أقل، مما يزيد العبء الاقتصادي عليهم لا سيما أن السكن يستهلك نحو ربع مصروفات الأسرة، وهذا ما أكدت عليه الباحثة مي قابيل مشيرة إلى أن الزيادة المتوقعة في الإيجارات تشكل ضغطاً كبيراً على الفئات ذات الدخل المحدود وسط غلاء متزايد.

تشير بيانات وزارة المالية إلى أن المعروض السكني يواجه ضغطاً شديداً في مصر، رغم توفير برنامج الإسكان الاجتماعي نحو 69 ألف وحدة سكنية سنوياً خلال العقد الماضي، إلا أن هناك نحو 530 ألف أسرة تعيش في شقق إيجار قديم تحتاج لدعم إضافي، ويصاحب ذلك قوائم انتظار طويلة لتحقيق توزيع أسرع لوحدات الإسكان. وفي هذا السياق، يُحذر مصمم المدن أحمد زعزع من تداعيات تغير السوق السكني وتطوير المناطق التاريخية بشكل غير منظم بسبب التدفُّق المفاجئ للوحدات السكنية الجديدة للبيع أو الإيجار. ويتوقع زعزع أن يؤدي تحلل طبيعة العمارات والأنماط السكنية القديمة إلى هدم الكثير من الطابع الشعبي والتاريخي لوسط القاهرة، مع ظهور مبانٍ وعقارات جديدة بشروط بناء مختلفة، مما قد يحول ملامح المدينة بالكامل.

الفترة الانتقاليةمدة التنفيذالحد الأدنى للإيجار (جنيه شهرياً)
وحدات سكنية7 سنوات1000 (متميزة)، 400 (متوسطة)، 250 (فقيرة)
وحدات غير سكنية5 سنواتتختلف بحسب الاستخدام

يعيش محمد حسن، صاحب متجر في الخصوص شمال القاهرة، معاناة مزدوجة تتمثل في فقدان منزله ومصدر رزقه معاً، معبرًا عن قلقه من مستقبل غير مستقر حيث قال: «أنا حياتي ادمرت، أخرج من محلي بعد خمس سنين، ومن شقتي بعد سبع سنين، أروح فين؟». هذه الأصوات تعكس حالة التردد والقلق الواسع الذي يخيم على كبار المستأجرين وأصحاب الأعمال الصغيرة في مواجهة تداعيات قانون الإيجار القديم الجديد الذي يفتح الباب أمام تحولات جذرية في سوق العقارات ووضع المستأجرين الذين كانوا يُعتبرون ضمن الفئات الأقل دخلاً.

  • إلغاء الإيجار القديم الثابت وتطبيق فترة انتقالية
  • زيادة الإيجارات بشكل تدريجي خلال سنوات التنفيذ
  • تعهد الحكومة بتوفير سكن بديل للمستأجرين المستحقين
  • تحديات في المعروض السكني والضغط على الإسكان الاجتماعي
  • تأثيرات عمرانية وثقافية على المدن التاريخية