مكاسب الأسهم.. اليابان تستمر في جذب كبار المستثمرين العالميين

الارتفاع الكبير في سوق الأسهم الياباني مدفوع بتنويع صناديق الاستثمار العالمية لمحافظها، بعيداً عن مخاطر الصين والولايات المتحدة، مع الاعتماد على الإصلاحات الهيكلية التي أحدثت تحولات جوهرية في مجالس إدارة الشركات. هذه المكاسب ملفتة وجذبت اهتمام المستثمرين العالميين والمحليين، مع ترقب مستمر لتطورات مؤشر «توبكس» وآفاق حوكمة الشركات اليابانية.

تفاصيل موجة المكاسب في سوق الأسهم الياباني وتنويع الاستثمارات

قاد تنويع الاستثمارات في سوق الأسهم الياباني إلى تحقيق مكاسب كبيرة استمرت لأربعة أشهر، حيث دفعت صناديق الاستثمار العالمية محافظها للابتعاد عن الأسهم الصينية والأمريكية، مسلطةً الضوء على الفرص التي وفرتها الإصلاحات الهيكلية في اليابان خلال العقد الماضي. هذه المكاسب بدأت عقب حالة الذعر التي أثارها إعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن فرض تعريفات جمركية في «يوم التحرير» أبريل الماضي، لتجد دعماً إضافياً في الاتفاق التجاري الأخير بين الولايات المتحدة واليابان، ما دفع مؤشر «توبكس» الكمي إلى تخطي حاجز 3000 نقطة لأول مرة في أغسطس.

وعلى الرغم من تراجع المؤشر بنسبة 1% مؤخراً، يبقى «توبكس» مرتفعاً بأكثر من 34% منذ أدنى مستوياته في السابع من أبريل، متفوقاً على مكاسب مؤشرات «ستوكس يوروب 600» و«إس آند بي 500» التي بلغت 19.5% و33% على التوالي. ويُعزو المحللون هذا الصعود إلى اجتذاب السوق الياباني لاستثمارات المؤسسات الأجنبية والمحلية، ما عزز فرص الربحية وجذب الانتباه.

دور الإصلاحات والاتفاقيات التجارية في تعزيز سوق الأسهم الياباني

تبرز الإصلاحات الهيكلية التي شرعت اليابان في تنفيذها منذ 2012، خاصة في حوكمة الشركات، كأحد المحركات الأساسية لتقوية سوق الأسهم، حيث فرضت ضغوطاً على الشركات لبيع الأقسام غير المربحة وتبني سياسة ودية تجاه المساهمين. وتشهد السياسات الحكومية تفعيلاً مستمراً، خاصة بعد حملة «التشهير» التي أطلقتها بورصة طوكيو عام 2023 ضد الشركات التي لم تلتزم بمعايير الحوكمة، ما ساعد على اكتشاف القيمة الكامنة في بعض الأسهم اليابانية.

كما أسهم الاتفاق التجاري الأخير بين الولايات المتحدة واليابان، الذي خفّض نسبة التعريفات الجمركية على السلع اليابانية المستوردة إلى 15% بدلاً من 25% المهددة سابقاً، في تعزيز ثقة المستثمرين. وبحسب الخبراء، فإن ضخ المستثمرين الأجانب أكثر من 35.7 مليار دولار في سوق الأسهم اليابانية خلال عام 2024، مع استمرار صافي مشترياتهم، يُعد دافعاً رئيساً لارتفاع المؤشرات المالية، خاصة بعد «يوم التحرير» الذي أعاد توجيه أنظار المستثمرين نحو إعطاء اليابان دوراً محورياً في محافظ استثماراتهم.

تأثير المدخرين المحليين والآفاق المستقبلية لسوق الأسهم الياباني

لم تقتصر المكاسب في سوق الأسهم الياباني على الدعم الأجنبي فحسب، بل شهدت أيضاً موجة من مشتريات الأسر اليابانية المحلية، خاصة بعد توسيع نظام الاستثمار المعفي من الضرائب في 2023، حيث تمتلك الأسر أكثر من 14 تريليون دولار من الأصول المالية، مع غالبية هذه الأموال في صورة نقد وودائع. عودة التضخم وارتفاع الأجور للمرة الأولى منذ ثلاثة عقود أعطاها دوافع لتغيير مخصصاتها المالية، إذ يرى جوشوا كراب، رئيس قسم الأسهم في آسيا والمحيط الهادئ لدى «روبيكو»، أن هذا التحول يعكس توقعات التخلي عن الانكماش المالي والتوجه نحو تخصيص أصول أكبر نحو السوق.

وفي هذا السياق، أشار شريكانت كيل، الخبير الاستراتيجي لدى «جيفريز»، إلى أن نسبة السعر إلى الأرباح في سوق الأسهم الياباني وصلت إلى مستويات تحدّد جانباً كبيراً من شهية المستثمرين، مدفوعة بالتغيرات الإدارية وبيع الأقسام غير المربحة. ويظل اتجاه حوكمة الشركات قائماً ومستداماً كما يوضح أوليغ كابينوس من «أسيت مانجمنت وان»، ما يدعم توقعات حدوث تغييرات إيجابية طويلة الأمد في هيكل السوق.

• تنويع المحافظ بعيداً عن الصين والولايات المتحدة
• ضخ استثمارات أجنبية تجاوزت 35.7 مليار دولار
• تطبيق إصلاحات هيكلية وحوكمة شركات صارمة
• دعم من المستثمرين المحليين بعد مراجعة استراتيجيات الادخار
• اتفاقية تجارية تقلل التعريفات الجمركية وتزيد من الثقة

يمثل الأداء القوي لسوق الأسهم الياباني نتيجة مزيج من العوامل الداخلية والخارجية، إذ تنهد التصحيح الأخير مؤشر «توبكس» دون أن يمحو زخم الصعود، في ظل استمرار انخراط المستثمرين بمختلف فئاتهم في السوق. وتعكس هذه الديناميات انتعاشاً اقتصادياً متوازناً مدعوماً بإصلاحات هيكلية وتجارية وسياسات استثمارية مدروسة، مما يفتح آفاقاً واسعة للاستثمارات في الأسهم الصناعية التي تمتلك أصولاً كبيرة، عبر تركيز الشركات على أقسامها الأكثر ربحية.