تعبئة الموارد.. شرط أساسي لانطلاق الاقتصاد الأخضر وتحقيق التكامل بين المناخ والتنمية في COP30

تعبئة الموارد المالية شرط لتحقيق الاقتصاد الأخضر تعتبر من الركائز الأساسية التي أكد عليها الدكتور محمود محيي الدين، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لتمويل التنمية المستدامة، مشيرًا إلى أن تعبئة الموارد المالية من كافة المصادر ضرورية لتحقيق تحول حقيقي نحو الاقتصاد الأخضر، وتمكين الدول النامية من دعم المساهمات المحددة وطنياً.

أهمية تعبئة الموارد المالية لتحقيق الاقتصاد الأخضر ودعم المساهمات الوطنية

في إطار فعاليات مؤتمر الأطراف الثلاثين وعبر جلسة “حشد القطاع الخاص ومؤسسات التمويل وجهات العمل الطوعي من أجل تحول اقتصادي حقيقي ومساهمات وطنية أكثر طموحًا”، أكد محيي الدين على ضرورة التعبئة الشاملة للموارد المالية، بمشاركة حكومات، وقطاع خاص، ومؤسسات مالية، وشركاء تطوع، بهدف توفير تمويل عادل وكافٍ لأنشطة المناخ المختلفة، خاصة في الدول النامية. وشدد على دعم دعوة البرازيل، رئيسة مؤتمر الأطراف الثلاثين، لكافة الأطراف لإيجاد حلول تعزز سرعة تنفيذ اتفاقية باريس من خلال آليات منسقة تضمن تحقيق أهداف التنمية المستدامة والمناخ.

كما أكد محيي الدين أن دمج نتائج المؤتمر الرابع لتمويل التنمية (FFD4) في فعاليات COP30 سيساهم في تعزيز التكامل بين أجندتي المناخ والتنمية، ويدعم الالتزامات المتعلقة باستدامة الديون، ويتيح توسيع نطاق التمويل القائم على المنح والتمويل الميسر. وأوضح أن تفعيل توصيات فريق خبراء الأمم المتحدة المعني بالديون، ومنها أطر إعادة هيكلة ديون عادلة تتماشى مع أهداف المناخ والتنمية، وتطوير أدوات مبادلة الديون مقابل إجراءات مناخية، فضلاً عن تفعيل تجميد خدمة الديون في أوقات الأزمات، كلها خطوات ستجعل من عدالة الديون محورًا رئيسيًا لتحقيق عدالة المناخ.

تحديات وأهداف تمويل المناخ في سبيل اقتصاد أخضر مستدام

أشار محيي الدين إلى الأرقام المالية الهائلة المطلوبة لتحقيق الاقتصاد الأخضر، حيث تستهدف خارطة طريق باكو-بيليم تعبئة تمويل سنوي مقدار 1.3 تريليون دولار بحلول عام 2025، بهدف تلبية الأهداف الكمية الجديدة لتمويل المناخ؛ فيما تتوقع مبادرة سياسة المناخ (CPI) ارتفاع هذه الاحتياجات السنوية من 8.1 تريليون إلى 9 تريليونات دولار حتى 2030. تقديرات فريق الخبراء المستقل رفيع المستوى المعني بتمويل المناخ (IHLEG) تضع الحاجة السنوية بين 5.8 و6.2 تريليون دولار حتى 2030، موزعة بواقع:

المنطقة متطلبات التمويل السنوي (تريليون دولار)
الاقتصادات المتقدمة 2.4 – 2.6
الصين 1.1
الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية (باستثناء الصين) 2.3 – 2.5

تعكس هذه الأرقام الحقيقة الملحة لحشد كافة الجهات المعنية لتوفير التمويل الضروري بشكل عادل وفعال لضمان تحقيق اقتصاد أخضر مستدام يقلل من الأضرار البيئية ويعزز التنمية الشاملة.

إصلاح منظومة تمويل المناخ والتنمية: آليات وأدوات مبتكرة لتحقيق الاقتصاد الأخضر

شدد محيي الدين على أهمية إعادة هيكلة منظومة تمويل المناخ والتنمية بأساليب تضمن تدفقات مالية أكبر وأكثر استدامة لمشروعات الاقتصاد الحقيقي، مثل الطاقة المتجددة، والنقل النظيف، وإدارة الموارد الطبيعية، مع تبنّي أدوات تمويلية مبتكرة كالتمويل المختلط والسندات الخضراء، التي تتيح مشاركة أوسع للقطاع الخاص وتخفف من المخاطر الاستثمارية.

كما أكد على ضرورة:

  • تفعيل التمويل المختلط وآليات الحد من المخاطر، إلى جانب إصلاح عمل البنوك التنموية متعددة الأطراف (MDBs).
  • تطوير وتحديث صناديق التمويل المناخي مثل صندوق المناخ الأخضر (GCF)، وصندوق استثمار المناخ (CIFs)، وصندوق التكيف لمواجهة تحديات التغير المناخي.
  • دعم أُطُر التمويل الوطنية المتكاملة (INFFs) التي تجمع بين الأولويات الوطنية والتمويل العام والخاص وتوائمها مع المشروعات الاستثمارية، وخصوصًا مشروعات التكيف والمرونة المناخية.

تابع محيي الدين بالتركيز على ضرورة أن تكون المساهمات المحددة وطنيًا (NDCs 3.0) قابلة للاستثمار عبر وضع خريطة استثمارية واضحة ترتبط بالموارد المالية، مما يجسد التحول من التعهدات النظرية إلى تنفيذ ملموس يشمل جميع أبعاد التنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر.

تطلعات العالم في مؤتمر COP30 تركز على الانتقال الفوري من وضع الخطط والتعهدات إلى تطبيقها على أرض الواقع، باعتبار الطموحات وحدها لا تكفي دون وجود أفعال عملية تُرسي دعائم الاقتصاد الأخضر وتحقق التكامل بين مكافحة التغير المناخي والتنمية المستدامة، وهو ما يمثل الجوهر الحقيقي لتعبئة الموارد المالية شرط لتحقيق الاقتصاد الأخضر فعلاً.