خفض تاريخي.. ردود فعل المتداولين على خطاب باول تؤثر بقوة في الأسواق

السياسة النقدية المحدثة لرئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول في أغسطس 2025 كشفت عن تحول جوهري يستجيب للظروف الاقتصادية المتغيرة، حيث أشار باول إلى أن “التوقعات الأساسية وتغير ميزان المخاطر قد يبرر تعديل موقف سياستنا”، مما يعكس احتمال حدوث تغييرات في السياسة النقدية تختلف بين صعود التضخم ومخاوف التوظيف الهابطة. هذا الخطاب الذي ألقاه في 22 أغسطس 2025 على الموقع الإلكتروني للاحتياطي الفيدرالي أثار تفاعلاً إيجابيًا واسعًا في الأسواق، إذ استقبل المستثمرون توجيهاته بحذر واعتبروها مؤشراً على احتمال تضييق أقل قبل اجتماع سبتمبر القادم.

أبرز التحولات في إطار السياسة النقدية المحدثة لرئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول

شكل خطاب جيروم باول في 22 أغسطس 2025 نقطة تحول مهمة في إطار السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي، خاصةً بعد إلغاء استراتيجية استهداف التضخم “التركيبي” التي عُرفت في 2020. فقد تم حذف اللغة التي كانت تبرز الحد الأدنى الفعال كعنصر أساسي في المشهد الاقتصادي، وبدلاً من ذلك، شدد باول على أن استراتيجية السياسة النقدية الجديدة مصممة من أجل “تعزيز أقصى فرص العمل واستقرار الأسعار تحت مختلف الظروف الاقتصادية”؛ وهو ما يعكس توجهًا أكبر نحو المرونة والتكيف حسب الحاجة.

كما أكد باول على أهمية التوقعات الراسخة للتضخم في نجاح الاحتياطي الفيدرالي في التحكم بالتضخم دون إحداث ارتفاع كبير في معدلات البطالة، مشيرًا إلى تحديات اقتصادية حالية مؤثرة مثل زيادة التعريفات الجمركية المشددة بين الدول الشريكة وتشديد السياسات المهاجرة، التي أدت إلى تباطؤ واضح في نمو القوى العاملة الأميركية. ففي النصف الأول من عام 2025 انخفض نمو الوظائف إلى 35,000 وظيفة شهريًا بعد أن كان 168,000 وظيفة خلال عام 2024، مع تسجيل نمو اقتصادي بنسبة 1.2% فقط في ذات الفترة.

وتعليقاً على آثار التعريفات الجمركية، أشار باول إلى أن آثارها على أسعار المستهلك باتت واضحة ومباشرة مع تسجيل التضخم الكلي نسبة 2.6%، ومؤشر التضخم الأساسي عند 2.9% في يوليو 2025. أما بشأن موقف السياسة النقدية، فأقر بأن “المخاطر المتعلقة بالتضخم تميل إلى الصعود، بينما المخاطر المتعلقة بالتوظيف تأخذ منحى هبوطي”، ما يشكل حالة معقدة للإدارة النقدية. وأوضح أن سعر الفائدة بات أقرب إلى الحياد بمقدار 100 نقطة أساس مقارنة بالسنة الماضية، حيث ساهم استقرار البطالة ومؤشرات سوق العمل في خلق بيئة تسمح بمراجعة دقيقة لسياسة الفائدة. نصح باول بأن “السياسة النقدية ليست على مسار ثابت مسبقًا”، وأن كافة القرارات ستكون معتمدة فقط على البيانات الاقتصادية وتقييمات المخاطر.

تفاعل الأسواق مع السياسة النقدية الجديدة والارتفاع القوي في المؤشرات الرئيسية

شهدت أسواق الأسهم الأميركية رد فعل إيجابيًا قويًا بعد خطاب جيروم باول في جاكسون هول، حيث سجلت المؤشرات الرئيسية مكاسب ملحوظة بنهاية تداولات صباح 22 أغسطس 2025. ارتفع مؤشر داو جونز الصناعي بمقدار 880.52 نقطة، أي بنسبة 1.97%، ليصل إلى 45,666.02 نقطة، في حين صعد مؤشر S&P 500 بمقدار 103.86 نقطة وبنسبة 1.63% إلى 6,474.03 نقطة. قادت أسهم قطاع التكنولوجيا هذا الارتفاع، حيث قفز مؤشر ناسداك المركب بمقدار 415.35 نقطة أو 1.97% ليصل إلى 21,515.66 نقطة، مع صعود مؤشر سهم التكنولوجيا المختصر بـ 410.73 نقطة أو 1.77% إلى 23,553.31 نقطة.

عكست الأسهم الفردية هذا التفاؤل الواسع، مع تصدر الأسهم المالية والصناعية قائمة الصعود. تضم قائمة أبرز الأسهم الرابحة في مؤشر داو جونز شركات مثل أمريكان إكسبريس بزيادة 3.88% إلى 320.13 دولار، وكاتربيلر بارتفاع 3.82% ليصل إلى 433.86 دولار، وهوم ديبوت بمكاسب 3.59% إلى 411.99 دولار. أما في قطاع التكنولوجيا، فقد شهدت الشركات الكبرى مكاسب ملموسة، حيث ارتفع سهم NVIDIA بنسبة 1.61% إلى 177.79 دولار، وسهم أمازون بنسبة 2.00% إلى 226.38 دولار، وسهم آبل بنسبة 1.55% إلى 228.39 دولار.

انخفض مؤشر التقلبات VIX بشكل حاد بنسبة 12.23% إلى 14.57، وهو ما يعكس تراجع مخاوف المستثمرين في السوق، بينما حققت قطاعات أخرى زيادات واضحة تشمل مؤشر داو جونز للتكنولوجيا بنسبة 1.83%، ومؤشر الأسهم المالية بنسبة 1.84%. هذا الأداء يعكس استجابة المستثمرين لأسلوب باول المرتكز على البيانات، والاحتفاظ بالمرونة في قرارات تيسير السياسة النقدية مستقبلاً، حيث انخفض العائد على سندات الخزانة القياسية بنسبة 0.89% ليصل إلى 97.635، في مقابل ارتفاع الذهب بنسبة 1.15% إلى 3,420.37 دولار.

الواقع الاقتصادي الراهن وتأثير السياسة النقدية المحدثة على سوق العمل والتضخم

تركز السياسة النقدية المحدثة التي كشف عنها باول في أغسطس 2025 على مواجهة التحديات المحتدمة في الاقتصاد الأميركي، فكان من أهم المحاور معالجة الأثر السلبي لارتفاع التعريفات الجمركية على المستهلكين ومحدودية نمو القوى العاملة بسبب السياسات المشددة في الهجرة. ويظهر هذا جليًا في التباطؤ الحاد لنمو الوظائف التي انخفضت إلى 35,000 وظيفة شهرية، مقارنة بـ168,000 وظيفة خلال العام السابق، مع تسجيل النمو الاقتصادي بنسبة 1.2% فقط في النصف الأول من العام الحالي.

يمكن توضيح تأثيرات هذه التحديات الاقتصادية على الأسعار ونمو الوظائف من خلال الجدول التالي:

المؤشر القيمة أو النسبة
نمو الوظائف الشهري (2025) 35,000 وظيفة
نمو الوظائف الشهري (2024) 168,000 وظيفة
النمو الاقتصادي (النصف الأول 2025) 1.2%
التضخم الإجمالي في يوليو 2025 2.6%
التضخم الأساسي في يوليو 2025 2.9%

وسط هذا الواقع الاقتصادي، يظل نهج السياسة النقدية المحدثة يعتمد على مراقبة دقيقة وتقييم مستمر للبيانات، مع إبقاء الباب مفتوحًا أمام تعديل المواقف بسرعة تماشياً مع الأوضاع. تشدد استراتيجية باول على تحقيق التوازن بين التحديات الصاعدة في التضخم والضغوط الهابطة في سوق العمل، متجنبًا بذلك الاستقرار على مسار سياسي محدد مسبقًا. في هذا الإطار، قدمت السياسة النقدية الجديدة أدوات مرنة وموجهة نحو تعزيز أقصى استفادة ممكنة من فرص العمل إلى جانب الاستقرار في الأسعار، متكاملةً مع بيانات السوق المتجددة وحالة الاقتصاد الكلي.

  • مراقبة مستمرة لمؤشرات التضخم وسوق العمل
  • مرونة في تعديل سياسة الفائدة بناءً على البيانات
  • التكيف مع تأثيرات التعريفات الجمركية والسياسات الهجرية
  • التركيز على تحقيق استقرار الأسعار وتعزيز فرص العمل