بعد إعلان تحالف “تأسيس” بين قوات “الدعم السريع” و”الحركة الشعبية” (عبدالعزيز الحلو) وطوائف أخرى عن مجلسه القيادي وتعيين رئيس وزراء الحلف، انتشر هاجس بأن السودان ذات الحكومة الموازية في طريق ليبيا، وهو أمر أثار جدلاً واسعًا حول مدى صحة هذا التشبيه السياسي والجيوسياسي. في هذا المقال، سنفصل هذه المقارنة ونحلل أسباب خلفية تكرار هذا التشبيه، لكشف حقيقة ما يمر به السودان مقارنة بليبيا.
لماذا يُقال إن السودان في طريق ليبيا؟ تحليل مقارن للحكومتين الموازيتين
يعود تشبيه السودان بليبيا إلى وجود حكومتين موازيتين في البلدين، وهو تشبيه يحمل أبعادًا أكبر من مجرد الفأل السيئ، بل هو أداة سياسية يراد من خلالها ترهيب النظام القائم في السودان. منذ استقلال السودان، والنخب السياسية والإعلامية تنشغل بمعارضة حكومات متعاقبة، مما جعلهم يلجؤون لمقارنات عشوائية لا تستند إلى تحليل عميق للواقع العسكري والسياسي للسودان، بل يهدفون إلى تصوير السودان على شاكلة ليبيا المتداعية.
الحقيقة أن مقارنة السودان بليبيا لا تستند إلى حقائق جغرافية وسلطوية وسياسية متماسكة، بل تعتمد على أسوأ السيناريوهات المطروحة، مُهمة بذلك إثارة الخوف والترهيب بين المواطنين والقيادات السياسية. السودانيون لم يدرسوا حتى الآن خصوصيات مايوجد في ليبيا ولا انتقالاته التاريخية والجيوسياسية قبل أن تنطبق عليهم المقارنة، وهذا يؤكد أن التشابه قائم فقط على سطح الظواهر لا أكثر.
الاختلافات الجيوسياسية والتاريخية بين السودان وليبيا تفند تشبيه الحكومة الموازية
إذا ما تناولنا الحقائق الجيوسياسية والتاريخية للسودان وليبيا، تتضح فجوة هائلة في بنية كل دولة. طرابلس وبنغازي، اللتان يمثلان في ليبيا التحالفات المتصارعة، اجتمعتا فقط تحت الاستعمار الإيطالي عام 1934 بعد حوالي قرن من الانفصال، بخلاف دارفور التي اندمجت في السودان بشكل مختلف 18 سنة بعد غزو بريطانيا لشمال البلاد. دارفور لم تكن كيانًا مستقلاً، بل اقليمًا تابعًا للسودان برضى الإنجليز عبر نظام سلطان علي دينار ودفعه للجزية كإقرار بالسيادة البريطانية، ثم أُدمج لاحقًا بالقوة مع السودان الإنجليزي-المصري.
الفرق الثاني الجوهري هو أن النزاع الليبي انتهى إلى مواجهة ميليشيات مسلحة بالكامل، ولم يكن هناك جيش وطني محترف يحكم رقابتها كما هو حال السودان. الجيش السوداني ما زال يتمتع بهيكلية وطنية وعسكرية محترفة ودولة تقاتل للحفاظ على الأرض والسلطة، وقد احتفت هذه المؤسسة بمرور مئة عام على تأسيسها، رغم خسائرها المؤقتة في معارك مع “الدعم السريع”. هذا الواقع العسكري يجعل التشابه مع ليبيا مجانبًا للدقة، إذ ليبيا لم تشكل جيشًا وطنيًا سوى جزئياً بعهد القذافي الذي أهمل هذا الجانب لصالح ميليشيات قبلية وأحزاب محلية.
- طرابلس وبنغازي كانتا كيانين منفصلين لخمسين عاماً قبل توحيدهما
- دارفور كانت إقليماً تابعاً عند إخضاعها للسودان وليس كدولة مستقلة
- السودان له جيش وطني محترف مقارنة بليبيا التي تفتقر له
الحكومة الموازية في السودان: هل تعني لُب الأزمة أم سردية معارضة؟
تشغيل فكرة “الحكومة الموازية” في السودان من قبل بعض الأطراف السياسية هي أحد أدوات المعارضة التي تسعى لإلقاء تبرير مستند على رهاب مقارنات غير دقيقة بين السودان وليبيا. هذه المعارضة التي تشكلت خلال عقود من الحكومات القمعية، تحاول باستمرار استخدام أساليب تحذيرية لا تخلو من المبالغة لتحقيق أهدافها السياسية، حتى ولو كان ذلك على حساب تقييم واقعي للمشهد.
يرى العديد من المراقبين أن الحكومة السودانية المنتظرة ليست نسخة من الحكومات الممزقة في ليبيا؛ فالقوات المسلحة السودانية لم تُهزم أو تُفكك وتسلمت مواقعها في مواجهة تحديات كبيرة، بينما ليبيا فقدت جيشها الوطني وتعطلت بنيتها العسكرية بسبب تصعيد الميليشيات والتوزع القبلي. علاوة على ذلك، لا تجدر مقارنة الخرطوم بدول أخرى لأنها واجهت ظروفًا تاريخية واستعمارًا مكلفًا وتسلسلاً معقدًا لبناء الدولة لم يمر به آخرون، وهو ما يظهر في تعثرات مرحلة الاستقلال وتحديات بناء الدولة الوطنية.
يرتبط هذا التصور بطبيعة الصراعات السياسية والاجتماعية الداخلية التي تمر بها السودان والتي تعكسها دعوات البعض لرفض “الدعم السريع” وتغليب خيار الحرب على السلام، مستدلين بملحمة ليبيا كتحذير مستقبلي. من ناحية أخرى، إذا أوقفنا زخم المقارنات الارتجالية سنجد أننا أمام واقع قائم على معركة بناء وطن وليس مجرد تراكم أحقاد وآمال قائمة على التشابه السياسي مع ليبيا.
العنصر | السودان | ليبيا |
---|---|---|
الجيش الوطني | متماسك ومحترف، يحتفل بمئوية تأسيسه | مشتت وغياب القيادة المركزية |
الانضمام الإقليمي | دارفور اندمجت بموجب الاستعمار الإنجليزي-المصري | طرابلس وبنغازي كيانان منفصلان لمئات السنين |
نوع الصراع | نزاع بين قوات نظامية ومتمردين مسلحين | صراع ميليشيات لا جيش محترف |
إجمالًا، فهم حكومات السودان الموازية لا يجب أن يخضع لتصوير هش يستند إلى مقارنة سطحية وليست مبنية على فهم عميق للمقومات الجغرافية التاريخية والسياسية والعسكرية التي تحكم كل من السودان وليبيا، بل تقود إلى ترويع المشهد السياسي بدلاً من العمل على إيجاد حلول توافقية تخدم الدولة والشعب. السودانيون يُواجهون تحديات صعبة، لكنها ليست استنساخًا لأزمات ليبيا، خاصة مع وجود مؤسسات قوية تسعى لاستعادة الاستقرار والنظام، في مواجهة اقتتال لا يخدم سوى أطراف الصراع بلا خلاص.
موعد رفع الرواتب 2025: الحكومة تعلن زيادة الأجور وتحدد تاريخ التنفيذ
«فتح سريع» فتح حساب بنك أ درمان الوطني الجديد 2025 بهذه الخطوات السهلة والبسيطة
مواصفات هاتف vivo V60 الجديد.. أداء سريع وبطارية تدوم طوال اليوم مع شحن فائق السرعة
ارتفاع غير مسبوق.. درجات الحرارة تسجل أرقاما صادمة في مصر الجمعة 22 أغسطس 2025
«مفاجأة جديدة».. سعر أنبوبة البوتاجاز اليوم الجمعة 25 أبريل 2025 الآن!
«تعزيزات قوية» تعاقد الأهلي مع الناشئ ياسين مرعي هل يغير موازين الدفاع؟
«تعاقد رسمي» نيوم يتعاقد مع المدرب غالتييه ويفاوض نجم يوفنتوس في دوري روشن السعودي