ودائع الليرة.. أنقرة تختم تجربة الـ4 سنوات وتحول مسار الاقتصاد بشكل مفاجئ

برنامج الودائع المحمية من تقلبات سعر الصرف في تركيا يُعلن رسمياً عن نهايته، حيث قرر البنك المركزي التركي وقف فتح أو تجديد أي حساب جديد ضمن البرنامج اعتباراً من 23 أغسطس 2025، مع استمرار الحسابات القائمة حتى موعد استحقاقها؛ وهذا القرار يعكس تحوّلاً واضحاً في السياسات الاقتصادية التركية بعد سنوات من اللجوء إلى أدوات غير تقليدية للتعامل مع أزمة الليرة التركية.

برنامج الودائع المحمية من تقلبات سعر الصرف منقذ مؤقت لأزمة الليرة

أُطلق برنامج الودائع المحمية من تقلبات سعر الصرف في ديسمبر 2021 بناءً على توجيهات الرئيس رجب طيب أردوغان، بهدف تعويض مدخلي الودائع بالليرة التركية في حال تجاوزت خسائر العملة المحلية أسعار الفائدة في المصارف، وقد جاء هذا البرنامج كخطوة لتعزيز استقرار الليرة وتقليص الإقبال على الدولار، خصوصاً بعدما فقدت الليرة 44% من قيمتها أمام العملة الأمريكية خلال عام 2021 فقط. وقد أسهم هذا البرنامج في رفع قيمة الليرة مؤقتاً، لكنه كلف المالية العامة التركية ما يقارب 60 مليار دولار. ساعدت هذه الخطة تركيا على اجتياز استحقاقات انتخابات 2023 التي نجح فيها أردوغان، إلا أنها أدت إلى زيادة الضغوط التضخمية. في هذا السياق، صرح وزير المالية محمد شيمشك عام 2024 بأن برنامج الودائع المحمية صعّب مكافحة التضخم وأثر سلباً على انتقال السياسة النقدية، مما جعل إنهاء البرنامج أمراً ضرورياً.

تراجع حجم حسابات برنامج الودائع المحمية وتأثيراته الاقتصادية

أظهرت بيانات هيئة الرقابة المصرفية التركية تراجعاً حاداً في قيمة الحسابات ضمن برنامج الودائع المحمية من تقلبات سعر الصرف، حيث انخفضت من ذروة بلغت 3.4 تريليون ليرة (ما يعادل 140 مليار دولار) في عام 2023 إلى حوالي 440.6 مليار ليرة (قرابة 11 مليار دولار) في منتصف أغسطس 2025، وفقاً لوكالة رويترز. ويعود هذا التراجع تدريجياً إلى ارتفاع أسعار الفائدة وجاذبية الحسابات التقليدية بالليرة، الأمر الذي قلل اهتمام المستثمرين بالبرنامج. وصرح البنك المركزي المصري في بيان رسمي أن الظروف اللازمة لإنهاء البرنامج قد توفرت، مع تحسن نسب التضخم وجاذبية الودائع المحلية، مما أتاح الأرضية المناسبة للخروج من النظام السابق.

السنةقيمة الحسابات (تريليون ليرة)القيمة بالدولار (مليار دولار)
20233.4140
2025 (منتصف أغسطس)0.4411
  • انخفاض الإقبال على حسابات البرنامج مع تحسن المزايا للحسابات التقليدية
  • التغير في أسعار الفائدة أثّر بشكل مباشر على جاذبية الودائع
  • تراجع التضخم ساعد في تغيير توجهات السياسة الاقتصادية

تصريحات رسمية وتوجهات مستقبلية بعد إلغاء برنامج الودائع المحمية من تقلبات سعر الصرف

في خطوة تؤكد على تحول السياسة الاقتصادية، وصف وزير المالية محمد شيمشك إلغاء برنامج الودائع المحمية من تقلبات سعر الصرف كإنجاز مهم ضمن برنامج الإصلاح المالي، مشيراً إلى أن هذه الخطوة ستدعم الاستقرار المالي وتقلل من المخاطر على الموازنة العامة للدولة. ووفق بلومبيرغ، فإن توجه السلطات التركية يتجه نحو اتباع سياسات نقدية أكثر صرامة عبر رفع أسعار الفائدة بدلاً من الاعتماد على أدوات استثنائية كما كان الحال خلال سنوات الأزمة. بالرغم من ذلك، يحذر المراقبون من أن إنهاء برنامج الودائع المحمية سيضع السوق أمام اختبار هام لكيفية استيعاب تدفقات رؤوس الأموال، خاصة في ظل استمرار هشاشة الثقة بالليرة التركية بين المستثمرين، ما يعكس تحديات تتطلب متابعة دقيقة من السلطات المالية والنقدية في البلاد.