الجفاف المدمر.. الحكومة تتبنى تقنية مبتكرة لإنقاذ الزراعة العراقية من الخطر

الجفاف يضرب الزراعة العراقية بشكل حاد مع تراجع المساحات المزروعة إلى حدود منخفضة للغاية، وسط تحديات ندرة المياه المتزايدة التي أضرت بمحصول الشلب وغيره من المحاصيل الرئيسية. وتعتمد الحكومة العراقية الآن على تبني تقنية جديدة وهي منظومات الري بالرش لتخفيف الضغط على الموارد المائية وتحسين إدارة المياه لضمان استمرار الإنتاج الزراعي.

تأثير ندرة المياه على الزراعة العراقية ومساحة محصول الشلب

شهدت الزراعة العراقية تراجعاً ملموساً في مساحة زراعة محصول الشلب، التي انخفضت إلى 200 دونم فقط، نتيجة ندرة المياه التي وصلت إلى مستويات حرجة وفقاً لتصريحات وزارة الموارد المائية العراقية. وأكد مهدي ضمد القيسي، مستشار وزارة الزراعة، أن انخفاض الخزين المائي انعكس سلباً على الخطة الصيفية لمحصول الشلب، مما جعل المساحة المزروعة تقتصر على هذه النسبة بهدف الحفاظ على ديمومة الأصناف الزراعية. ويشكل هذا التراجع انعكاسًا واضحًا لجفاف متفاقم يؤثر على القطاع الزراعي في البلاد، ويهدد الأمن الغذائي لملايين العراقيين الذين يعتمدون على الزراعة كمصدر رئيسي للمعيشة.

الحكومة العراقية تتجه لاستخدام تقنية منظومات الري بالرش لمواجهة أزمة الجفاف

في مواجهة هذه التحديات، اتخذت وزارة الزراعة إجراءات استباقية من أبرزها الاعتماد على منظومات الري بالرش التي توفر بين 70 إلى 80 بالمئة من المياه مقارنة بالري السيحي التقليدي، خاصة لمحصول الحنطة. خلال العامين الماضيين، أبرمت الوزارة مناقصات وتعاقدات مع وزارة الصناعة لتوفير 13 ألف منظومة ري بالرش بسعات مختلفة تتناسب مع المساحات الزراعية (60، 80، و120 دونم)، وقُدمت هذه المنظومات بدعم حكومي يغطي 30 بالمئة من سعرها، مع إمكانية تقسيط المبلغ المتبقي على مدى 10 سنوات. يأتي هذا الدعم لتعزيز اقتناء هذه التقنية الحديثة، ما سمح بالتوسع في استخدامها إلى جانب المياه الجوفية، وأسهم في تحقيق اكتفاء ذاتي بمحصول الحنطة الاستراتيجي خلال الثلاث سنوات الماضية، كما تسعى الوزارة للحصول على موافقات منظمة لتوسيع نطاق استخدام هذه المنظومات خلال العام المقبل لضمان استدامة هذا النموذج الزراعي.

توفير المياه للمحاصيل الأخرى ودور الزراعة الحديثة في تصدي الجفاف العراقي

أكد القيسي أن وزارة الموارد المائية التزمت بتأمين المياه للمحاصيل البستانية مثل الحمضيات والنخيل والخضروات المزروعة بنظام الري بالتنقيط، الذي يعد أكثر ملائمة لتقليل استهلاك المياه، كما لا توجد مخاوف بشأن مياه التمور نظراً لوجود ضمانات خاصة لمصادر المياه فيها. وأضاف أن النخيل يتمتع بقدرة عالية على تحمل الجفاف، وهناك توسع ملحوظ من القطاع الخاص في استثمار الأراضي الخاصة عبر تبني أساليب الزراعة الحديثة والري بالتنقيط، مع الحفاظ على مسافات زراعية دقيقة لا تقل عن 8 أمتار بين النخلة والأخرى لتحسين الموارد المائية والزيادة في الإنتاجية. وتبرز هذه الخطوات كجزء من الحلول للاستجابة لأزمة الجفاف التي يعاني منها العراق، والتي ترتبط بالتغير المناخي، وانخفاض معدلات هطول الأمطار، والحصار المائي الناتج عن تراجع واردات المياه من تركيا وإيران.

• تراجع المساحات الزراعية بسبب نقص المياه
• اعتماد منظومات الري بالرش الموفرة للمياه بنسبة تصل إلى 80%
• توفير الدعم الحكومي لتسهيل اقتناء التقنيات الجديدة
• ضمان توفير المياه لمحاصيل البستنة والتمور بنظام الري بالتنقيط
• تقدم القطاع الخاص في تطبيق الزراعة الحديثة لتقليل الأضرار

يواجه العراق أزمة جفاف حادة تتفاقم عاماً بعد آخر بفعل عوامل متعددة أبرزها التغيرات المناخية، وانخفاض معدلات الأمطار، فضلاً عن تقليل دول المنبع كتركيا وإيران لحصص المياه الواصلة للعراق، الأمر الذي أدى إلى تقلص المساحات الزراعية، وارتفاع نسب التصحر، وتضاعف تهديدات الأمن الغذائي. في الوقت نفسه، يعاني العراق نقصاً حاداً في الخزين المائي داخل السدود والخزانات، حيث تراجعت مستويات المياه إلى أقل من المعدلات الآمنة، ما يفرض ضغطاً إضافياً على عمليات الري واستهلاك المياه. وتعتمد وزارة الموارد المائية خططاً دقيقة لترشيد استهلاك المياه وتوزيعها وفق الأولويات التي تشمل الشرب والبستنة، في ظل غياب خطة زراعية صيفية شاملة، مما يجعل خطوة تبني منظومات الري بالرش أحد الحلول الحاسمة لمواجهة هذه الأزمة وضمان ديمومة القطاع الزراعي.