تطوير عاجل.. صياغة قوانين جديدة لحسم النزاعات بين الملاك والمستأجرين بعد أزمة كرداسة

قانون الإيجار القديم يهدد استقرار المجتمع بشكل واضح، فالمستأجرون الذين عاشوا لسنوات طويلة في وحدات سكنية وفقًا لهذا القانون أصبحوا الآن يواجهون خطر الطرد والتشرد، مما يشكل أزمة اجتماعية خطيرة تهدد أمن وسلامة العديد من الأسر. هذا القانون أثار مخاوف كبيرة ودفع إلى مواجهة حادة بين مالكي العقارات والمستأجرين في مناطق متعددة، ما يبرز حاجة ملحة لإعادة النظر في آليات تطبيق القانون والموازنة بين حقوق الجميع.

تأثير قانون الإيجار القديم على استقرار المجتمع والمخاطر الاجتماعية

شهدت منطقة كرداسة بمحافظة الجيزة مشاجرة عنيفة بين مالك عقار ومستأجر، أسفرت عن إصابة خمسة أشخاص بينهم المالك واثنان من المارة، بعدما حاول مالك العمارة وزوج شقيقته إجبار المستأجر على إخلاء الشقة المؤجرة بنظام الإيجار القديم تمهيدًا لبيعها. تطورت الأزمة إلى اشتباكات استخدمت فيها أسلحة خرطوش وآلات حادة، وأدت إلى حادث دموي استدعى نقل المصابين إلى المستشفى، في حين ما زالت التحقيقات جارية. تُعد هذه الحادثة جرس إنذار مهم يوضح مدى التأثير السلبي لقانون الإيجار القديم على استقرار المجتمع، خصوصًا مع تهديد وسقوط عدد كبير من المستأجرين في دوامة الطرد والتشرد.

في ظل هذه الظروف، يعبّر المستأجرون عن خوفهم الشديد من تنفيذ القانون، خاصة في ظل ارتفاع الأسعار وتدهور الوضع الاقتصادي. يقول محمد إسماعيل، مستأجر قديم: “اشتغلت طوال حياتي واعتقدت أنني سأرتاح بعد التقاعد، ولكن المفاجأة أن الدولة تنصف المالك وتطالبني بشراء شقة بالتقسيط لعقود طويلة”. ويضيف إسماعيل أن معاشه بالكاد يغطي نصف مصاريف المنزل بسبب الغلاء الفاحش، معبّرًا عن الفرق الكبير بين حقوق المتقاعدين في دول أخرى حيث يحصلون على سكن مناسب وضمان صحي وتسهيلات متعددة، مقابل الضغوط المستمرة في مصر التي تفرض عليهم دفع أقساط عقارية طويلة الأمد تجدد حتى للأبناء.

القانون الجديد للإيجار القديم: تحديات وفرص إيجابية على السوق العقاري

الخبير الاقتصادي الدكتور علي الإدريسي يشير إلى أن تطبيق قانون الإيجار القديم الجديد سيُحدث إعادة هيكلة حاسمة لسوق الإيجارات في مصر، حيث ستبدأ القيم الإيجارية بالارتفاع التدريجي حتى تقترب من السعر الحقيقي للسوق. ويتوقع الإدريسي زيادة طفيفة قصير الأجل في أسعار الإيجارات الجديدة بسبب تصاعد الطلب على الوحدات المحررة، ولكن السوق سينهض ويتوازن مع زيادة المعروض من الوحدات المتاحة. كما يؤكد أن وجود قانون واضح يوفر شفافية أكثر، ويمنع التلاعب بالأسعار.

أما عن النتائج الاقتصادية، فالملاك سيستفيدون بزيادة ملموسة في دخلهم الشهري مقارنة بما كانوا يحصلون عليه من إيجارات رمزية، ما قد يعزز من استثماراتهم وإنفاقهم، فيما يفقد المستأجرون ميزة الإيجار المدعوم، وقد يضطر بعضهم للنزوح إلى مناطق أقل تكلفة أو تقليص مساحة مساكنهم، مما يثقل الميزانية الأسرية. وفي هذا السياق، يحدد الإدريسي أربعة محاور رئيسية للتحديات التي تواجه تنفيذ هذا القانون:

  • حماية الفئات ذات الدخل المنخفض من الزيادات المفاجئة
  • توفير آليات تمويل ودعم للمستأجرين المتضررين
  • وضع جدول زمني تدريجي لتطبيق القانون لتجنب صدمات السوق
  • تطوير آليات قانونية فعالة وسريعة لفض النزاعات بين مالكين ومستأجرين

مبادرات وحلول بديلة لمواجهة تداعيات قانون الإيجار القديم

أكد المحامي أيمن محفوظ أن هناك حلولًا عملية لتخطي أزمة الإيجار القديم، منها توفير مساكن بديلة للمستأجرين، إلى جانب دعم ترخيص هدم المباني القديمة والعشوائية لبناء عقارات جديدة بتسهيلات ائتمانية، مع ضمان حصول المستأجرين على وحدات في المباني الجديدة. وشرح محفوظ أن الزيادة المقترحة في قيمة الإيجار تبدأ بخطوة رمزية لا تزيد على 250 جنيهًا شهريًا، ولا تعتبر عبئًا ثقيلًا على الأسر ذات الدخل المحدود، فيما تحدد لجان متخصصة زيادات أعلى بناءً على المستوى الاجتماعي.

وأضاف محفوظ أن حكم المحكمة الدستورية العليا بشأن الإيجار القديم يعد «شهادة وفاة» لهذا القانون الاستثنائي، الذي فُرض في ظروف سياسية سابقة، لكونه ظلم الطرفين بتثبيت الأجرة لسنوات طويلة دون مراعاة التغيرات الاقتصادية وتغير القيمة الشرائية للمال. ويخيّر التشريع الجديد الملاك والمستأجرين بإبرام عقود جديدة مدنية تستند لآليات العرض والطلب، مع منح الملاك حق فرض زيادات محددة وتتراوح مدة العقود الجديدة بين خمس إلى سبع سنوات حسب نوع الوحدة.

وحذر محفوظ من أن رفض دفع الزيادة المقررة، والتي قد تصل حتى خمسة أضعاف الإيجار للوحدات التجارية، يعرض المستأجر للطرد الفوري، بناءً على تقييمات لجان حكومية تراعي المستوى الاجتماعي وقيمة العقار ومكانه وتاريخ إنشائه.

نوع الوحدة مدة انتهاء العقود الجديدة
الوحدات السكنية سبع سنوات
الوحدات التجارية خمسة سنوات

إن قانون الإيجار القديم وتأثيراته الاجتماعية والاقتصادية يعكس صراعًا معقدًا بين حماية المستأجرين أصحاب الحقوق المكتسبة والحفاظ على حقوق الملاك في استثمار ممتلكاتهم بشكل عادل، ما يستوجب حلولاً متوازنة وشفافة تراعي الظروف الاقتصادية للمجتمع وتضمن استقرار السوق العقاري على المدى الطويل