قفزة جديدة.. تأثير عوائد السندات الأمريكية على أسواق الذهب وترقب تحركات سعر الذهب القادمة

كيف أثرت عوائد السندات الأمريكية على أسواق الذهب؟ شهدت أسعار الذهب حالة من الاستقرار النسبي خلال تعاملات الثلاثاء، مدعومة بتراجع الدولار الأمريكي وهبوط عوائد سندات الخزانة، بينما يترقب المستثمرون خطاب رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول في ندوة جاكسون هول، إلى جانب متابعة التطورات الجيوسياسية للأزمة الروسية – الأوكرانية، بحسب منصة «آي صاغة» لتداول الذهب والمجوهرات عبر الإنترنت.

تأثير عوائد السندات الأمريكية على أسعار الذهب المحلية والعالمية

أوضح سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة «آي صاغة»، أن أسعار الذهب في السوق المحلية شهدت ارتفاعًا بنحو 10 جنيهات خلال تعاملات اليوم مقارنة بإغلاق الأمس، إذ سجل جرام الذهب عيار 21 مستوى 4540 جنيهًا، بينما ارتفعت أوقية الذهب بنحو 7 دولارات إلى 3340 دولارًا. وسجل جرام الذهب عيار 24 نحو 5189 جنيهًا، وعيار 18 عند 3891 جنيهًا، وعيار 14 عند 3027 جنيهًا، ووصل سعر جنيه الذهب إلى 36,320 جنيهًا. يذكر أن هذا التحسن جاء بعد تراجع الأسعار يوم الإثنين بنحو 10 جنيهات محليًا، حيث افتتح الذهب التعاملات عند 4540 جنيهًا واختتمها عند 4530 جنيهًا، مع تراجع الأوقية من 3336 إلى 3333 دولارًا. يرتبط هذا الارتفاع المحدود بأسعار الذهب بتراجع عوائد السندات الأمريكية، التي أثرت بشكل مباشر على تكلفة الفرصة البديلة للاحتفاظ بالذهب، كونه أصلًا لا يدر عوائد.

العوامل المرتبطة بتقلبات الذهب: عوائد السندات، الدولار، والآفاق المستقبلية

تزامن التحسن المحدود في أسعار الذهب مع تراجع مؤشر الدولار الأمريكي بنسبة 0.1%، ما عزز من جاذبية الذهب للمستثمرين غير الأمريكيين، إلى جانب استقرار نسبي في عوائد سندات الخزانة الأمريكية؛ حيث بلغ العائد على السندات لأجل 10 سنوات 4.324%، فيما انخفض عائد السندات لأجل عامين إلى 3.761%، ما قلل من تكلفة الفرصة البديلة لاحتفاظ المستثمرين بالذهب. ترتبط حركة أسعار الذهب ارتباطًا وثيقًا بعوائد السندات الأمريكية، إذ كلما انخفضت العوائد، ارتفعت قيمة الذهب كملاذ آمن في ظل أصول أخرى ذات عائد. في سياق دولي، تترقب الأسواق خطاب رئيس الفيدرالي جيروم باول خلال ندوة جاكسون هول المقررة بين 21 و23 أغسطس، خصوصًا ما يتعلق بالسياسة النقدية المقبلة، التضخم، وأوضاع سوق العمل، حيث تشير أداة CME FedWatch إلى احتمالية 83% لخفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس الشهر القادم.

المخاطر الجيوسياسية وتوقعات البنوك لأسعار الذهب في ظل عوائد السندات الأمريكية

شكلت المخاطر الجيوسياسية عاملًا حاسمًا في حالة الترقب للسوق، حيث انعقدت قمة البيت الأبيض بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بحضور قادة أوروبيين بارزين، و بالرغم من بعض التقدم الدبلوماسي، فإن غياب اتفاق ملموس لوقف إطلاق النار أبقى المخاطر مرتفعة، ومن ثم كان الذهب ملاذًا آمنا للمستثمرين. كما أشار ترامب إلى محادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لعقد قمة ثلاثية محتملة، مؤكدًا العمل مع الأوروبيين على ضمانات أمنية طويلة الأمد لأوكرانيا. في ظل هذه الأجواء، رفعت مؤسسات مالية كبرى توقعاتها لأسعار الذهب، حيث عدل بنك UBS توقعاته ليصل سعر الأوقية إلى 3600 دولار بحلول مارس 2026، ثم إلى 3700 دولار منتصف العام ذاته، مدفوعًا بزيادة الطلب من البنوك المركزية وصناديق الاستثمار. أما جولدمان ساكس، فأكد رؤيته الصعودية، متوقعًا ارتفاع الأسعار إلى 3700 دولار نهاية 2025، و4000 دولار منتصف 2026. تستند هذه التوقعات على عدة عوامل رئيسية:

• استمرار الضغوط على الدولار الأمريكي
• تزايد المخاطر الاقتصادية الكلية عالميًا
• تنامي دور البنوك المركزية في تعزيز الاحتياطات من الذهب

تشير معطيات الاقتصاد الأمريكي إلى تناقض في المؤشرات؛ إذ سجّلت مبيعات التجزئة مؤشرات مرنة تعكس استمرار إنفاق المستهلكين، بينما أظهرت مؤشرات ثقة المستهلكين تراجعًا مع ارتفاع توقعات التضخم على المدى الطويل، مما يعكس حذر الأسر الأمريكية تجاه المستقبل الاقتصادي. هذه التطورات دفعت الأسواق إلى تقليص توقعاتها بشأن تيسير نقدي حاد، مع إمكان استمرار خفض الفائدة في سبتمبر كأكثر السيناريوهات ترجيحًا. استطلعت وكالة رويترز آراء 110 اقتصاديين بتاريخ 15 أغسطس، وجاءت نتائج الاستطلاع كما يلي:

• 67 اقتصاديًا توقعوا خفض الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية الشهر المقبل
• 42 اقتصاديًا رجحوا بقاء السياسة النقدية دون تغيير
• اقتصادي واحد فقط توقع خفضًا بمقدار نصف نقطة مئوية

يبقى التركيز منصبًا على محضر اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي المقبل وخطاب جيروم باول في جاكسون هول، إذ أن أي إشارة إلى تيسير السياسة النقدية ستكون محفزًا قويًا لارتفاع أسعار الذهب؛ مع استمرار استغلال المعدن الأصفر لدوره كملاذ آمن وسط حالة عدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي العالمي، ما يحافظ على مكانته كأصل استثماري استراتيجي في الظروف غير المستقرة.