قفزة جديدة.. كيف أثرت عوائد السندات الأمريكية على تحركات أسعار الذهب؟

كيف أثرت عوائد السندات الأمريكية على أسواق الذهب خلال الفترة الأخيرة، خصوصًا مع تراجع الدولار وهبوط عوائد سندات الخزانة الأمريكي؟ شهد المعدن الأصفر استقرارًا نسبيًا مدعومًا بتلك العوامل، فيما يترقب المستثمرون كلام رئيس الفيدرالي جيروم باول في ندوة جاكسون هول، إلى جانب متابعة التطورات الجيوسياسية في الأزمة الروسية – الأوكرانية، مما يعزز أهمية فهم العلاقة بين عوائد السندات وأسواق الذهب.

كيف أثرت عوائد السندات الأمريكية على استقرار أسعار الذهب في الأسواق المحلية والعالمية؟

تزامن ثبات أسعار الذهب عالميًا مع انخفاض مؤشر الدولار بنسبة 0.1%، مما دفع المعدن الأصفر للاستفادة من ضعف العملة الأمريكية وجذب المستثمرين من خارج الولايات المتحدة، خاصة بعد استقرار عوائد سندات الخزانة الأمريكية؛ إذ بلغ العائد على السندات العشر سنوات 4.324%، بينما تراجع للعائد على السندات ذات العامين إلى 3.761%، وهذا التغير ساهم في تقليل تكلفة الفرصة البديلة للاحتفاظ بالذهب الذي لا يدر عائدًا مباشرًا. في الأسواق المحلية، شهدت أسعار الذهب ارتفاعًا ملحوظًا بنحو 10 جنيهات سجل بها سعر جرام الذهب عيار 21 مستوى 4540 جنيهًا، وارتفعت الأوقية الأمريكية بنحو 7 دولارات إلى 3340 دولارًا.

شهدت أسعار الذهب انخفاضًا أمس الإثنين بحوالي 10 جنيهات محليًا، حيث افتتح التداول عند 4540 جنيهًا قبل أن ينتهي عند 4530 جنيهًا، وتراجعت الأوقية من 3336 إلى 3333 دولارًا، مما يوضح التأثير المستمر لعوائد السندات الأمريكية وقوة الدولار على تقلبات أسعار الذهب المحلية والعالمية.

دور عوائد السندات الأمريكية في توجيه أنظار الأسواق نحو فعالية جاكسون هول

تتركز توقعات المستثمرين ومتداولي الذهب حول محضر اجتماع الاحتياطي الفيدرالي لشهر يوليو، وخطاب جيروم باول المنتظر في ندوة جاكسون هول التي تقام بين 21 و23 أغسطس، حيث من المتوقع أن تبين الإشارات سياسة الفيدرالي القادمة تجاه التضخم وسوق العمل، مما يعكس بشكل مباشر على أسعار الفائدة في سبتمبر. الأداة المعروفة CME FedWatch تشير إلى احتمال 83% لخفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس الشهر المقبل، مما يدعم احتمال ارتفاع أسعار الذهب مع انخفاض تكلفة الفرصة البديلة للاحتفاظ به.

على الجانب السياسي والجيوسياسي، جاءت قمة البيت الأبيض التي جمعت الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وعدد من القادة الأوروبيين كعامل مساهم في رفع حالة الترقب حول أية تحركات دبلوماسية. ورغم تحقيق بعض التقدم، لم يظهر اتفاق نهائي لوقف إطلاق النار، مما يحافظ على مستوى عدم اليقين المرتفع ويدفع المستثمرين للتمسك بالذهب كملاذ آمن. بالإضافة لذلك، أشار ترامب إلى محادثات أولية مع روسيا بشأن قمة ثلاثية محتملة، مؤكدًا التزام واشنطن بالتنسيق الأوروبي لدعم الضمانات الأمنية لأوكرانيا.

توقعات أسعار الذهب بين تأثير عوائد السندات الأمريكية وظروف الاقتصاد العالمي

رفعت عدة مؤسسات مالية كبرى توقعاتها لأسعار الذهب مستشهدة بتأثير عوائد السندات الأمريكية المتذبذبة، واستمرار ضغوط الدولار، بالإضافة إلى تصاعد المخاطر الاقتصادية الكلية، والدور المتنامي للبنوك المركزية في زيادة الطلب على المعدن النفيس. على سبيل المثال، عدّل بنك UBS مستهدفه ليصل سعر الأوقية إلى 3600 دولار في مارس 2026، ثم إلى 3700 دولار بحلول منتصف العام نفسه، بينما احتفظ جولدمان ساكس بتوقعاته الصاعدة مستهدفًا 3700 دولار بنهاية 2025، و4000 دولار في منتصف 2026.

• زيادة الطلب من البنوك المركزية وصناديق الاستثمار
• تراجع الدولار الأمريكي وتأثيره على أجندة الاستثمار
• ارتفاع المخاطر الجيوسياسية والعوامل الاقتصادية الكلية

أما على صعيد معطيات الاقتصاد الأمريكي، فقد كشفت البيانات الأخيرة عن صورة متباينة؛ إذ أظهرت مبيعات التجزئة قوة تعكس مرونة المستهلكين، بينما تراجعت مؤشرات الثقة، وزادت توقعات التضخم على المدى الطويل؛ ما يدل على حذر مستمر من الأسر الأمريكية. هذه المعطيات دفعت الأسواق لتقليص التوقعات بشأن تيسير نقدي حاد، ولكن خفض الفائدة في سبتمبر يبقى السيناريو الأكثر احتمالاً، وفقًا لاستطلاع أجرته رويترز حيث توقع 67 من بين 110 اقتصاديين خفض الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية الشهر المقبل، مقابل 42 رأوا بقاء السياسة دون تغيير، واقتصادي واحد توقع تخفيضًا أكبر.

تظل عوائد السندات الأمريكية هي العامل المؤثر الأبرز في تشكيل حركة أسواق الذهب، حيث تراقب الأسواق عن كثب محضر الفيدرالي وخطاب باول المقبل في جاكسون هول، إذ ستُعتبر أي دلالات على تيسير نقدي حافزًا قويًا لصعود الذهب، الذي يواصل دوره كأصل استثماري استراتيجي وسط حالة عدم اليقين السياسي والاقتصادي العالمي.