قفزة جديدة.. البيتكوين يستقر عند 115 ألف دولار رغم تصاعد المخاوف والضغط البيعي

بيتكوين والإيثريوم يشهدان تراجعًا حادًا وتحولات كبيرة في أسواق العملات المشفرة مع تصاعد المخاوف الاقتصادية والسياسية العالمية

تراجع حاد في بيتكوين والإيثريوم وأثره على سوق العملات المشفرة

شهدت أسواق العملات المشفرة تراجعًا ملحوظًا مع بداية الأسبوع الحالي، حيث أدت المخاوف الاقتصادية الكلية المتزايدة إلى عمليات بيع قسرية تفوق 500 مليون دولار من المراكز الطويلة، ما أثر بشكل مباشر على أداء بيتكوين والإيثريوم. تراجعت عملة بيتكوين بنسبة 1.1% لتصل إلى 116,394.87 دولارًا، بعد أن سجلت الأسبوع الماضي أعلى مستوى تاريخي لها عند 124,496 دولارًا، وهو أعلى مستوى رابع تحققه خلال العام الحالي. كما انخفضت في لحظة تداول إلى أدنى مستوى يومي عند 114,706 دولارات. في ذات السياق، هبطت عملة الإيثريوم بنسبة 2.5% إلى 4,354 دولارًا، بعد أن اقتربت الأسبوع الماضي من رقمها القياسي الذي يقارب 4,800 دولار. ويرجع هذا التراجع بشكل جزئي إلى صدور بيانات التضخم الصناعي لشهر يوليو التي جاءت أعلى من التوقعات، مما أثار الشكوك حول إمكانية قيام الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة في سبتمبر المقبل.

عمليات جني الأرباح أدت إلى موجة تصفيات واسعة في السوق، حيث أظهرت بيانات منصة Coin Glass أن 123,836 متداولًا باعوا أصولهم بمبلغ إجمالي يصل إلى 530.79 مليون دولار خلال 24 ساعة، منها 124 مليون دولار من تصفيات المراكز الطويلة في بيتكوين و184 مليون دولار في إيثريوم. تحدث هذه التصفية عندما يُجبر المتداولون على بيع أصولهم بالسعر السوقي لتسوية الديون، مما يزيد الضغط الهبوطي على الأسعار.

تأثير العوامل الجيوسياسية والبيانات الاقتصادية على سوق العملات المشفرة في ظل ترقب اجتماع جاكسون هول

زاد من حالة التوتر في سوق العملات المشفرة تصريح لوزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، الذي أوضح أن الاحتياطي الاستراتيجي من بيتكوين المعلن عنه في مارس سيشمل فقط عملات بيتكوين المصادرة من الحكومة، ضمن مساعي “محايدة ماليًا” لتعزيز الحيازة. هذا الإعلان جاء لزيادة خيبة أمل المستثمرين الذين كانوا يتطلعون إلى دعم أكبر.

تراجعت العملات الرقمية الكبرى ليشمل ذلك انخفاض مؤشر CoinDesk 20 بحوالي 1.2%، في حين شهدت أسهم الشركات المرتبطة بالعملات المشفرة تحركات متفاوتة، منها:

• انخفاض سهم Bitmine Immersion بنسبة 5.4%
• تراجع أسهم بورصة Bullish بنسبة 8.9% بعد إدراجها العام الأخير
• ارتفاع سهم Coinbase بنسبة 1.0%
• ارتفاع سهم Galaxy Digital بنسبة 2.2%

تترقب الأسواق بشغف الندوة الاقتصادية السنوية التي يعقدها الاحتياطي الفيدرالي في جاكسون هول، وايومنغ، لاستخلاص مؤشرات بشأن اتجاه السياسات النقدية القادمة، لا سيما في ظل ترقب بيانات طلبات إعانة البطالة يوم الخميس، التي من المتوقع أن تؤثر بدورها على قرارات الفيدرالي. جاء اختبار بيتكوين والإيثريوم لمستويات قياسية الأسبوع الماضي كمفاجأة للعديد من المتداولين الذين توقعوا تراجعًا موسميًا في أغسطس، نظرًا للمخاوف الاقتصادية التي كان من المتوقع أن تلقي بظلالها على زخم التبني المؤسسي والاقتصادي للعملات الرقمية، قبل اجتماع الفيدرالي المرتقب في سبتمبر.

رغم التراجع الحالي، يرى العديد من الخبراء أن هذه التحركات تُعد صحية واستراتيجية، لا أزمات حقيقية، مدعومةً بالدعم المستمر من صناديق المؤشرات المتداولة (ETFs) والشركات التي تستمر في شراء بيتكوين وإيثريوم بشكل مكثف. ومن الجدير بالذكر أنه على الرغم من تسجيل صناديق ETFs للبيتكوين والإيثريوم صافي تدفقات خارجة يوم الجمعة، إلا أن الأسبوع أُغلِق بصافي تدفقات دخول مرتفع، بلغ 547 مليون دولار لبيتكوين و2.9 مليار دولار لإيثريوم، وهو رقم قياسي للإيثريوم ويمثّل الأسبوع الـ14 على التوالي من التدفقات الداخلة. وتتحرك بيتكوين حاليًا دون تغيّر جوهري منذ بداية الشهر، بينما لا تزال عملة إيثريوم مرتفعة بنسبة 15%.

الفرص والتحديات المستقبلية لبيتكوين والإيثريوم وسط التقلبات والسياسة النقدية

وسط الظروف الجيوسياسية المتقلبة؛ حيث شهد السوق رد فعل قوي لقمة البيت الأبيض التي جمعت الرئيس الأميركي ترامب مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وقادة أوروبيين لمناقشة جهود السلام، برزت حالة من الغموض والتوتر التي تؤثر عادة على الأصول عالية المخاطر مثل العملات المشفرة. أتاحت تصريحات ترامب التي أشارت إلى محادثات محتملة مباشرة مع موسكو وكييف، مع احتمالية عقد قمة ثلاثية، فضلاً عن التفاؤل الحذر من جانب زيلينسكي، أجواءً مشحونة بالشكوك والتقلبات.

يتجه التركيز هذا الأسبوع نحو خطاب رئيس الفيدرالي جيروم باول المرتقب في جاكسون هول، وسط تباطؤ التوقعات لخفض أسعار الفائدة بشكل كبير في سبتمبر المقبل. السوق حاليًا تسعر احتمال خفض بمقدار 25 نقطة أساس فقط بنسبة 83%، بعد أن كانت التوقعات تتجه نحو خطوات أكثر جرأة.

رغم الهبوط إلى أقل من 115 ألف دولار يوم الثلاثاء، بخسارة تقارب 6% من أعلى مستوياتها السابقة، شهدت شركات خزينة مثل Metaplanet وStrategy إضافة 1,185 بيتكوين يوم الاثنين، مستفيدة من تراجع الأسعار. وأكدت تحليلات QCP Capital أن التقلبات الضمنية لا تزال منخفضة نسبيًا، ما يشير إلى توقعات السوق بتداول مستقر نسبيًا دون انفجار سعري كبير. وبيّنت الشركة أن:

• الانخفاضات قرب 112 ألف دولار تستقطب مشترين جدد
• الارتفاعات نحو 120 ألف دولار تواجه موجات بيع
• توقع استمرار هذا النمط حتى خطاب باول يوم الجمعة

تشير بيانات CryptoQuant إلى أن أرباح وخسائر المستثمرين طويلين الأجل لبيتكوين إيجابية ومعتدلة، مع تحقيق أرباح بوتيرة أقل مقارنة بالذروة التي شهدتها في دورات 2017 و2018–2019 و2022–2023. هذا يدل على أن بيتكوين تتداول قرب مستوياتها التاريخية الأعلى، رغم استمرار ضغوط البيع تحت السيطرة، مع احتمالية الصعود مستقبلاً.

أما التوقعات الفنية لبيتكوين، فيشير الرسم البياني إلى تسجيلها أعلى مستوى عند 124,474 دولارًا يوم الخميس الماضي، لكنها لم تستطع الحفاظ على زخم الصعود، حيث تراجعت 4% في نفس اليوم، لتستقر حول 117,300 دولار خلال عطلة نهاية الأسبوع. وواصلت الهبوط يوم الاثنين مغلقة دون 116,300 دولار، مع استمرار التداول الهابط حتى وقت كتابة التقرير يوم الثلاثاء، مخترقة خط الاتجاه الصاعد المرسوم منذ أبريل الماضي.

إذا أغلقت بيتكوين دون المتوسط المتحرك الأسي لـ50 يومًا وخط الاتجاه الصاعد على أساس يومي، قد تمتد خسائرها إلى مستوى الدعم اللاحق عند 111,980 دولارًا. أما إذا وجدت الدعم حول 115,046 دولارًا وتمكنت من الإغلاق فوق 116,000 دولار، فسيزداد احتمال تعافيها نحو المستوى النفسي المهم عند 120,000 دولار.

تُظهر حركة بيتكوين والإيثريوم الأخيرة مدى تأثير العوامل الاقتصادية والسياسية على سوق العملات المشفرة، في حين يبقى المستثمرون والمتداولون في حالة ترقب حذرة، مستفيدين من التقلبات المنضبطة والفرص التي يتيحها السوق في هذه المرحلة الحرجة.