تراجع ملحوظ.. لماذا تجاهلت الأسواق انخفاض الدولار رغم تحسن موارد النقد الأجنبي واستمرار الغلاء؟

بعد أشهر من تحرير سعر صرف الجنيه المصري، يشهد سعر صرف الدولار مقابل الجنيه تراجعًا مستمرًا وصل سعر البيع في البنك المركزي إلى 48.36 جنيه، فيما تراوح بين 48.38 و48.36 جنيه في البنوك التجارية الكبرى؛ هذا التغير في سعر صرف الجنيه أثر على الأسواق لكنه لم يترجم بشكل واضح على انخفاض أسعار السلع في السوق المحلية، مما يثير تساؤلات حول مدى استدامة تعافي سعر الصرف وتأثيره الحقيقي على الاقتصاد.

تأثير تغيرات سعر صرف الجنيه على أسعار السلع الأساسية

يرى خبراء الاقتصاد أن استمرار ارتفاع الأسعار على الرغم من تحسن سعر صرف الجنيه يعود إلى عوامل هيكلية عميقة متجذرة داخل السوق، حيث يحتاج تأثير تغيرات سعر الصرف على أسعار السلع إلى فترة زمنية تمتد بين ستة وتسعة أشهر قبل أن ينعكس بالكامل على مستوى الأسعار في السوق المحلية. من جهة أخرى، يعتمد العديد من المستوردين على عقود آجلة تم التعاقد عليها بأسعار صرف مرتفعة سابقًا، ما يؤخر انعكاس انخفاض سعر صرف الجنيه على تكاليف الاستيراد الفعلية.

بالإضافة إلى ذلك، تلعب الممارسات الاحتكارية داخل سلاسل التوزيع دورًا رئيسيًا في إبقاء أسعار السلع عند معدلات مرتفعة، حيث يهيمن عدد محدود من التجار على الأسواق، مما يحد من المنافسة ويمنع تمرير التغييرات في تكاليف الاستيراد إلى المستهلك النهائي بشكل كامل. هذه العوامل تجعل من تأثير سعر صرف الجنيه على الأسعار تحديًا في الوقت الراهن، ويتطلب التعامل معه رؤى اقتصادية متكاملة.

تحسن سعر صرف الجنيه ومصادر النقد الأجنبي يؤثران إيجابيًا على الاقتصاد

تشير المؤشرات الاقتصادية إلى تحسن واضح في مصادر النقد الأجنبي بالسوق المصرية، حيث ارتفع احتياطي النقد الأجنبي إلى إحصائيات قياسية تجاوزت 48 مليار دولار، بدعم كبير من تحويلات المصريين في الخارج التي بلغت 33 مليار دولار خلال أحد عشر شهراً، بالإضافة إلى ارتفاع إيرادات السياحة والعائدات من قناة السويس. هذا التقدم في مصادر النقد الأجنبية ساهم في تعزيز الثقة بسعر صرف الجنيه ورفع سيولة العملة الأجنبية في السوق.

نتيجة لذلك، قام البنك المركزي بتخفيف القيود على التعاملات بالعملة الأجنبية، من خلال رفع الحد الأقصى للسحوبات النقدية للمسافرين إلى الخارج إلى عشرة آلاف دولار، وتقليل عمولات البطاقات الائتمانية المستخدمة في الخارج من خمسة إلى ثلاثة في المئة، مما يعكس رغبة البنك في دعم استقرار سعر صرف الجنيه وتعزيز حرية الحركة المالية للمواطنين.

العنصر البيان
سعر بيع الدولار في البنك المركزي 48.36 جنيه
سعر بيع الدولار في البنوك التجارية بين 48.38 و48.36 جنيه
الاحتياطي الأجنبي أكثر من 48 مليار دولار
تحويلات المصريين بالخارج 33 مليار دولار
معدل التضخم في يوليو 13.9٪

تراجع التضخم وتحديات الاستقرار السعري مع تحسن سعر صرف الجنيه

رغم المؤشرات الإيجابية على مستوى سعر صرف الجنيه وانخفاض معدل التضخم إلى 13.9% خلال شهر يوليو، إلا أن التأثير على الأعباء المعيشية للمواطنين ما زال محدودًا؛ إذ يستمر أكثر من ثلثي الأسر في الشعور بثقل التكاليف المعيشية، خاصة مع ارتفاع أسعار السلع الغذائية والخدمات الأساسية. تشير الدراسات الميدانية إلى أن رفع سعر صرف الجنيه وحده لا يكفي لتحقيق استقرار حقيقي في الأسعار دون معالجة الأسباب الهيكلية.

يرى الخبراء أن الحل يتطلب تدخلاً حكوميًا أوسع للحد من الممارسات الاحتكارية ومراقبة الأسواق بشكل أكثر فاعلية، بالإضافة إلى التركيز على تقليل الاعتماد على الاستيراد وزيادة الإنتاج المحلي لتعزيز الاقتصاد الوطني. كما يجب العمل على تحسين كفاءة سلاسل التوريد والتوزيع لضمان وصول فوائد تحسن سعر صرف الجنيه إلى المستهلك بشكل مباشر.

  • تعزيز الرقابة على الأسواق لمكافحة الاحتكار
  • دعم الإنتاج المحلي وتنويع المصادر الاقتصادية
  • تحسين كفاءة سلاسل التوريد والتوزيع
  • تفعيل السياسات النقدية لتعزيز استقرار الأسعار