عودة مفاجئة.. سيلفي على سطح المريخ يظهر الكوكب الأحمر كما لم يُر من قبل

بيرسيفيرانس تلتقط بانوراما مذهلة وسيلفي فريد على سطح المريخ عند مستودع العينات “ثري فوركس”

التقطت مركبة بيرسيفيرانس التابعة لوكالة ناسا صورة سيلفي فريدة لها على كوكب المريخ قرب مستودع العينات “ثري فوركس”، كما صممت بانوراما بصرية مبهرة مكونة من 96 صورة في موقع يُعرف باسم “فالبرين”، تكشف عن صخور عائمة وتضاريس قديمة تمثل نافذة عميقة لفهم تاريخ الكوكب الأحمر. هذه الصور تأتي ضمن مهمة استكشافية تهدف للكشف عن أسرار جغرافية وجيولوجية مهمة للمريخ.

البانوراما التفصيلية من مركبة بيرسيفيرانس تكشف تضاريس وسماء المريخ

استفاد فريق مركبة بيرسيفيرانس من أجواء صافية على سطح المريخ لإنتاج واحدة من أكثر الصور البانورامية تفصيلاً في تاريخ المهمة، حيث جمعت الصورة 96 لقطة منفصلة التقطت في “فالبرين”، موقع بارز في دراسة علوم الكوكب الأحمر. يظهر المشهد صخرة جاثمة على قمة تموج رملي، مع خط فاصِل واضح بين نوعين مختلفين من التضاريس المُحيطة، إضافة إلى تلال بعيدة تمتد لنحو 65 كيلومترًا (40 ميلًا). في نسخة مطورة من الصورة، بدت السماء صافية غير معتادة بلون أزرق مذهل، خلاف الصورة الطبيعية التي تظهر السماء بدرجاتها الحمراء المعروفة.

أوضح شون دافي القائم بأعمال مدير ناسا أن الجهود الجريئة لاستكشاف الفضاء تهدف إلى إعادة رواد الفضاء إلى القمر، مشيرًا إلى أن الصور الطبيعية الخلابة مثل تلك التي التقطتها بيرسيفيرانس في موقع فالبرين تقدم لمحة عما سيتم مشاهدته قريباً. كما أكد أن هذه المشاهد تساهم في تعزيز المهمات الرائدة لوكالة ناسا، بدءًا من برنامج أرتميس الذي يسعى لاستكشاف الإنسان للفضاء وصولًا إلى مهمة المريخ، مع استمرار الوكالة في تعزيز شجاعتها وقوة جهودها في هذا المجال. وذكر جيم بيل الباحث الرئيسي في مشروع Mastcam-Z بجامعة ولاية أريزونا، أن السماء النقية نسبيًا من الغبار توفر رؤية واضحة للتضاريس المحيطة، حيث تم تعزيز تباين الألوان في الصورة الفسيفسائية لتسليط الضوء على اختلافات التضاريس والسماء.

لغز الصخرة العائمة واستخدام المثقاب الإيقاعي في تحليل التكوينات المريخية

لفت انتباه الفريق العلمي الصخرة الكبيرة التي تبدو وكأنها تستقر على تموج رملي داكن هلالي الشكل، على بعد حوالي 4.4 أمتار من المركبة؛ تُعرف هذه الظاهرة باسم “الصخور العائمة”، إذ يُعتقد أنها تشكلت في مكان آخر قبل أن تنتقل إلى موقعها الحالي. لا يزال السبب وراء انتقال هذه الصخور مجهولاً، إذ يشير الفريق إلى احتمال حدوث ذلك عبر انهيار أرضي، مياه، أو رياح، مع اشتباههم في وصولها قبل تشكل التموج الرملي الموجود.

في 10 يونيو 2025 (اليوم المريخي 1531)، استخدمت بيرسيفيرانس ذراعها الآلي المثبت بمثقاب إيقاعي لحفر نتوء صخري قرب حافة فوهة جيزيرو، المسماة “كينمور” لدى الفريق العلمي، بعد التأكد من جدوى استخراج عينة عبر كشط السطح. أظهرت الصور وجود دائرة بيضاء لامعة تمثل بقعة تآكل حديثة بعرض يقارب 5 سنتيمترات، ما يُعد الصخرة الثالثة والأربعين التي تتعرض لهذا الإجراء منذ هبوط المركبة عام 2021، حيث يمكن رؤية الطبقات الداخلية للصخرة قبل استخراج العينة الأساسية التي تُخزن في أنابيب التيتانيوم المصممة خصيصًا للمهمة.

قام المسبار بهذه العملية بتاريخ 22 مايو، متبعًا تحليلاً ميدانيًا مفصلًا باستخدام أدواته العلمية، مع تركيز دراسات الفريق على منطقة “فالبرين” اعتقادًا منها بأنها تضم تضاريس قديمة ربما سبقت تكوّن فوهة جيزيرو، مما يسهم في تعميق فهم التاريخ الجيولوجي للمريخ.

سيلفي بين عينات “ثري فوركس” وخط التماس الجيولوجي بين الصخور المريخية

في لحظة مميزة، التقطت مركبة بيرسيفيرانس صورة شخصية لها قرب مستودع العينات “ثري فوركس”، حيث تظهر بجانب عشرة أنابيب قامت بإيداعها كمخزون أول من نوعه على سطح المريخ. يمكن ملاحظة آثار رحلة المركبة نحو الموقع على الجانب الأيمن من الفسيفساء، على بعد حوالي 90 مترًا (300 قدم)، التي تنحرف يسارًا وتختفي في محطة جيولوجية سابقة تُعرف لدى الفريق باسم “كينمور”.

يمتد عبر الفسيفساء خط تماس واضح يفصل بين وحدتين جيولوجيتين بارزتين؛ منطقة الصخور ذات اللون الأفتح والأقرب إلى المركبة، والتي تمتاز بغناها بمعدن الزبرجد الزيتوني، وبين الصخور الداكنة الأبعد، التي يُعتقد أنها طينية وعتيقة جدًا. يعكس هذا الخط الفاصل تعقيد التشكل الجيولوجي للمريخ مع مرور الزمن.

• اختلاف واضح بألوان الصخور وتكوينها الكيميائي
• وجود تضاريس قديمة تعود لعصور ما قبل تشكل فوهة جيزيرو
• جمع عينات متعددة تمثل منافع علمية ضخمة لتاريخ الكوكب الأحمر

تشكل هذه الصور البانورامية وتحليل العينات باستخدام تقنية الحفر دليلاً حيويًا لاستكشاف تاريخ المريخ الجيولوجي العريق، إذ تفتح نافذة على أسرار ماضيه المائي وإمكانية وجود حياة سابقة. مع استمرار مهمة بيرسيفيرانس واستكشافها للتلال والصخور العائمة، تتزايد الآمال واﻹنتظارات للنتائج المقبلة التي قد تمهد الطريق للخطوة التالية، وهو أن تطأ أقدام البشر حاملاً الأمل مستقبلًا على سطح الكوكب الأحمر.