قفزة مدوية.. “العبقري” الذي خسر 40 مليار دولار يعترف بالاحتيال في العملات المشفرة

تسوية دو كوون المتهم في احتيال العملات المشفرة تكشف تفاصيل جديدة عن حادثة خسرت 40 مليار دولار في 2022؛ حيث أقرّ دو كوون، رائد الأعمال الكوري الجنوبي ومؤسس شركة “تيرالابس”، بذنبه في تهمتي التآمر للاحتيال والاحتيال الإلكتروني في محكمة نيويورك، عقب انهيار عملتيه الرقميتين “تيرا يو إس دي” و”لونا” اللتين أثمرت خسائر فادحة للمستثمرين.

تفاصيل تسوية دو كوون في احتيال العملات المشفرة وانهيار تيرا

دو كوون، 33 عامًا، الذي أسس شركة “تيرالابس” بسنغافورة، كان وراء تطوير العملتين الرقمية “تيرا يو إس دي” (TerraUSD) و”لونا” (Luna) اللتين تم تسويقهما كعملات مشفرة مستقرة، حيث تعتمد “تيرا يو إس دي” على ربط قيمتها بالدولار الأميركي لضمان استقرارها أمام تقلبات السوق، مما جذب استثمارات بمليارات الدولارات وجعلها محط أنظار المستثمرين حول العالم. وصفت وسائل الإعلام الكورية كوون بـ”العبقري” لما حققه من نجاح في تسويق عملته، لكنه واجه كارثة في مايو 2022 عندما فقدت العملات قيمتها بشكل مفاجئ، ما أدى إلى خسران المستثمرين لأموال تقدر بأكثر من 40 مليار دولار.

قبل ذلك، كان دو كوون قد نفى التهم الموجهة له، التي شملت الاحتيال في الأوراق المالية والاحتيال الإلكتروني، إلى أن وافق في النهاية على تسوية مع مكتب المدعي العام الأميركي، متضمنةً دفع غرامة مدنية بقيمة 80 مليون دولار، ومنعه من إجراء معاملات في مجال العملات المشفرة، وذلك ضمن تسوية إجمالية تبلغ 4.55 مليار دولار مع هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية في عام 2024.

ملابسات احتيال العملات المشفرة المرتبط بتسوية دو كوون وكشف المخطط الذكي

بحسب المدعين، استخدم كوون الوعود التكنولوجية والإثارة التي رافقت العملات المشفرة لتنفيذ واحدة من أكبر عمليات الاحتيال في التاريخ، وذلك عبر تضليل المستثمرين في 2021 حين انخفضت قيمة عملة “تيرا يو إس دي” لأقل من سعر الدولار الأميركي. وأكد الادعاء أن كوون لم يعلّم المستثمرين بنية الخوارزمية التي تعرف بـ”بروتوكول تيرا” لإعادة ربط العملة بالدولار، وإنما أدار سرًا عمليات شراء ضخمة من خلال شركة تداول عالية التردد لدعم سعر العملة بشكل مصطنع.

هذه الإجراءات أدت إلى رفع قيمة عملة “لونا”، التي كانت مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بـ”تيرا يو إس دي”، إلى مستوى قياسي بلغ 50 مليار دولار في أوائل 2022، قبل أن تنهار بالكامل. وصف الخبراء ما جرى بالمخطط الهرمي العملاق الذي تسبب في خسارة أموال معظم المستثمرين، وهو ما دفع كوون لاحقًا للاعتراف في المحكمة بالتصريحات المضللة التي أدلى بها، معبرًا عن ندمه على هذه الأفعال.

التداعيات القانونية لتسوية دو كوون واعتقاله في قضية احتيال العملات المشفرة

تم اعتقال دو كوون في الجبل الأسود أثناء محاولته السفر، حيث وُجد بحوزته جواز سفر كوستاريكي مزور، وتم تسليمه إلى الولايات المتحدة لمواجهة المحاكم، ويواجه عقوبة سجن محتملة تصل إلى 25 عامًا، مع توقع صدور الحكم في ديسمبر القادم. بالرغم من ذلك، سمحت المدعية العامة بالمطالبة بعقوبة لا تتجاوز 12 عامًا شريطة إقراره بالذنب، ضمن الاتفاق والتحقيقات الجارية.

ويُعد كوون من بين عدة رؤساء ومسؤولين في سوق العملات الرقمية الذين تعرضوا لاتهامات فدرالية مع انخفاض أسعار العملات وفشل عدّة شركات في 2022. وتستمر اتهامات مماثلة بحقه في كوريا الجنوبية، بينما تتضمن تسوية الولايات المتحدة إمكانية طلب نقله إلى بلده الأصلي لقضاء باقي مدة الحكم بعد قضاء نصف العقوبة أمريكيًا.

شهدت قضية دو كوون وتيرالابس مراحل متعددة من التحقيقات والاتهامات، التي تضمنت:

• تسويق عملة “تيرا يو إس دي” كعملة مستقرة وغير قابلة للانهيار
• ارتكاب خداع متعمد للمستثمرين بشأن طرق تثبيت قيمة العملة
• تنفيذ استراتيجيات دعم غير معلنة لسعر العملة عبر شركات تداول
• ضياع مليارات الدولارات من أموال المستثمرين الفرديين والمؤسسات

واللافت أن اعتراف دو كوون بالذنب يأتي كمحاولة للتسوية القانونية وسط هذه العاصفة، مما يسلط الضوء على المخاطر التي تواجه قطاع العملات الرقمية، وخاصة في ظل غياب التنظيمات الصارمة، حيث يظل المستثمرون في مواجهة قضايا تعقيد عمليات الاحتيال.

تكشف تفاصيل تسوية دو كوون عن قصص معقدة داخل سوق العملات المشفرة التي شهدت صعوداً سريعاً تبعه انهيار وفضائح مالية، تظهر حاجة ماسة لتعزيز الشفافية والحوكمة لمواجهة مطامع المحتالين وضمان حماية أموال المستثمرين في المستقبل.