قرار صادر.. كيف تؤثر العولمة على قانون الإيجار القديم؟

العولمة وتأثيرها على المواطنين في مصر: قانون الإيجار القديم والخصخصة وتحولات الاقتصاد

العولمة وتأثيرها على المواطنين في مصر باتت واقعًا ملموسًا، خصوصًا في ظل التغييرات التشريعية والاقتصادية التي تهدف إلى جذب الاستثمارات وتحفيز التنمية، لكنها تثير الكثير من التساؤلات حول مدى استفادة المواطن المصري من هذه التحولات، وبين حماية حقوقه أو فقدان مكتسباته.

قانون الإيجار القديم وأثره على المواطنين في مصر تحت ضغط العولمة

في ستينيات القرن الماضي، جاء قانون الإيجار القديم لردم أزمة السكن التي كانت تضرب شريحة واسعة من المجتمع المصري، حيث وضع سقفًا للإيجارات ومنح المستأجر حق الإقامة مدى الحياة. كان القانون يعكس رؤية اجتماعية إنسانية، حيث اعتبر السكن حقًا أساسيًا لكل أسرة، وليس سلعة تُباع لمن يدفع أكثر، مما أتاح استقرارًا نسبيًا لملايين الموظفين والعمال، وساعدهم على تحسين أوضاعهم المعيشية من خلال الادخار وتوفير التعليم لأبنائهم. بيد أن التعديلات الأخيرة على القانون قلبت موازين الحماية هذه، إذ تحوّل القانون تدريجيًا إلى أداة لطرد الملايين من منازلهم، وفتح الباب أمام تهجير الأسر من أحيائها التاريخية مقابل مشاريع استثمارية تهدف إلى تحقيق أرباح للشركات الكبرى على حساب الإنسان والمجتمع.

الخصخصة وأثرها على الطبقة العاملة ومستوى معيشة المواطنين في مصر

منذ مطلع التسعينيات، شهدت مصر حملة خصخصة واسعة شملت بيع أكثر من 300 شركة عامة بأسعار زهيدة، شملت قطاعات استراتيجية كالغزل والنسيج والحديد والصلب والأسمنت. لم تقتصر الخصخصة على بيع الأصول فقط، بل عكست تراجعًا للدولة الراعية التي كانت تقدم التعليم والصحة بأسعار مدعومة، وتوفر وظائف مستقرة للعاملين. تم استبدال القوى العاملة المستقرة بعمال مؤقتين بلا ضمانات، ما أدى إلى فقدان حوالي 270 ألف فرصة عمل مستقرة، وارتفاع أسعار السلع الأساسية. على سبيل المثال، بعد خصخصة مصانع الأسمنت والحديد، شهدت الأسواق ارتفاعًا في الأسعار، مما انعكس سلبًا على تكاليف البناء والسكن التي تهم المواطن المصري. تُظهر هذه الحالة كيف أن العولمة وتحرير السوق ترسخان الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وتؤديان إلى تفكك النسيج الاجتماعي.

التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه المواطن المصري في ظل العولمة

تُلقي التغيرات الاقتصادية بثقلها على الأسرة المصرية، فارتفاع أسعار السلع الأساسية من غذاء ودواء ومتطلبات يومية يزيد من صعوبة تأمين لقمة العيش. تصبح هذه المعركة اليومية مصدرًا لضغط نفسي واجتماعي، يؤثر على العلاقات الأسرية ويزيد من احتمالية هجرة البعض بحثًا عن فرص في الخارج، مما يؤدي إلى اضطراب في استقرار المجتمع. كذلك، تؤثر هذه التحولات على الخدمات العامة كالتعليم والصحة التي تعد ركيزة العدالة الاجتماعية، حيث تضعف قدرة الأسر على الوصول إلى خدمات ذات جودة عالية بسبب ارتفاع التكاليف وزيادة فجوة تكافؤ الفرص. يمكن تلخيص أبرز التحديات في النقاط التالية:

  • صعوبة تأمين الاحتياجات الأساسية بسبب ارتفاع الأسعار
  • تراجع فرص العمل المستقرة وميل العمالة المؤقتة
  • تراجع جودة وتوفر الخدمات العامة كالتعليم والصحة
  • تأثير الضغوط الاقتصادية على الصحة النفسية والاستقرار الأسري
  • زيادة الفجوة الاجتماعية بين طبقات المجتمع

تفرض العولمة تحديات ثقافية واجتماعية تتطلب منا إعادة التفكير في كيفية الحفاظ على الهوية والقيم الاجتماعية، خاصة دور الأسرة في تكريس هذه القيم والتأكيد على الاستقرار المجتمعي. العولمة ليست قدرًا مؤكدًا، بل هي نتاج قرارات سياسية واقتصادية يمكن إعادة صياغتها بما يحمي المواطنين ويحقق العدالة الاجتماعية.

في مصر، تعدّدت التجارب التي تثبت إمكانية جذب الاستثمار الأجنبي دون الإضرار بالمواطنين الأصليين، إذ تُظهر نماذج دولية مثل سنغافورة كيف يمكن تنظيم سوق العقارات وضبط الأسعار لتوفير فرص سكنية بأسعار مناسبة تجمع بين التنمية الاقتصادية وحماية السكان.

إن التحديات المرتبطة بالعولمة تستوجب سياسات حكيمة، تشريعات تراعي الإنسان، واستراتيجيات اقتصادية تضمن المصلحة الوطنية وتحافظ على الحقوق الاجتماعية والاقتصادية للأجيال القادمة. على الحكومة والشعب التعاون للعمل نحو بناء مستقبل يوفر الكرامة والأمان لجميع المصريين، ويحمي أصول المجتمع من التفكك. القانونان اللذان يعكسان بشكل واضح تحويلات العولمة في مصر هما قانون الإيجار القديم وموجة الخصخصة؛ فهما مثالان على كيف يمكن للقوانين أن تتحول إلى أدوات تمكين قلة أصحاب المال والحظ، على حساب المواطن العادي وحقوقه المكفولة.

العامل الأثر في ظل العولمة
قانون الإيجار القديم تهجير ملايين الأسر من مساكنها التاريخية
الخصخصة فقدان وظائف مستقرة، ارتفاع أسعار السلع الأساسية
الخدمات العامة تراجع جودة التعليم والصحة وزيادة تكلفتهما