قرار صادر.. صالح يؤكد اختراق العراق لتقليص فجوة سعر الدولار الرسمي والموازي بشكل غير مسبوق

انخفاض سعر صرف الدولار وتأثيره على انتعاش الحركة الاقتصادية في العراق يعد من أبرز الموضوعات التي تشغل فكر المستثمرين والمواطنين على حد سواء، حيث ينعكس هذا الانخفاض على مجموعة واسعة من الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، مما يعزز تحسن النشاط التجاري ويخدم الاستقرار المالي في البلاد

أسباب انخفاض سعر صرف الدولار في السوق الموازية وتأثيره على الاقتصاد العراقي

شهدت السوق الموازية في العراق هبوطًا واضحًا في سعر صرف الدولار مقابل الدينار، الأمر الذي يعكس تغيرات مهمة في توازن العرض والطلب على العملة الأجنبية، ويطرح تساؤلات جوهرية حول تأثير هذا الانخفاض على النشاط الاقتصادي العام واستقرار أسعار السلع الأساسية، حسب ما أوضح المستشار المالي لرئيس مجلس الوزراء مظهر محمد صالح؛ إذ أشار إلى أن هذا الانخفاض نجم عن تفاعل عدة عوامل أبرزها التنسيق الفعّال بين السياسة المالية والنقدية والتجارية ضمن استراتيجية متكاملة، مما أدى إلى تحول السوق الثانوية للصرف من حالة فوضى معلوماتية ومضاربة سعرية إلى سوق منظمة ومستقرة تعتمد معلومات دقيقة، إلى درجة أن السوق الرسمية أصبحت توجه السوق الثانوية في كثير من الأحيان، وهذا يعكس نجاح السياسات الحكومية في ضبط ملف سعر الصرف.

دور التنسيق الحكومي في استقرار سعر صرف الدولار ومواءمته مع السعر الرسمي

بين مظهر محمد صالح أن من الأسباب الرئيسية التي أسهمت في تقارب سعر صرف الدولار في السوق الموازية مع السعر الرسمي هو التنسيق الحكومي المتكامل عبر عدة محاور محورية تشمل:

• تجريم استخدام الدولار في المعاملات المحلية، خاصة في قطاع العقارات الذي يشهد طلبًا مرتفعًا على العملة الأجنبية، مما عزز تداول الدينار في السوق المحلية
• الاعتماد على نظم تمويل خارجية من خلال المصارف العالمية المراسلة بدلًا من البنك المركزي مباشرة، مما خفّض مخاطر الامتثال وقلّل تكلفة التمويل بصورة ملحوظة
• دمج صغار المستوردين ضمن منظومة التمويل الرسمية لتوفير الدولار بأسعار رسمية مباشرة، دون الحاجة إلى الوسطاء، حيث يمثل هؤلاء حوالي 60% من النشاط الاستيرادي، بدعم من تبسيط الإجراءات الإدارية والجمركية
• تغير سلوك المسافرين نحو استخدام بطاقات الدفع الإلكتروني والعملات الأجنبية، الأمر الذي خفّض الطلب على الدولار النقدي، مع توفير حصة نقدية بشروط ميسرة في المطارات
• اتباع سياسة سعرية ذكية دفاعية ساعدت في استقرار سوق السلع الأساسية عبر دعم الجمعيات التعاونية التي توزع السلع الغذائية المدعومة بتمويل استيرادي محدد عند سعر رسمي 1320 دينار لكل دولار

التأثيرات الاقتصادية لانخفاض سعر صرف الدولار على حركة الأسواق والأسعار المحلية

يبرز تأثير انخفاض سعر صرف الدولار في عدة أبعاد اقتصادية مهمة، من بينها:

• خفض تكاليف الاستيراد مما رفع قدرة المواطنين الشرائية وعزز الطلب المحلي بشكل مباشر
• تعزيز الثقة بالدينار كعملة وطنية، وتحفيز الاستثمارات الداخلية عبر تخفيض مصاريف التشغيل
• انتعاش النشاط التجاري الداخلي بفضل استقرار أسعار الصرف وانخفاض تقلباتها، مما يخلق أجواءً اقتصادية مناسبة

فيما يتعلق بأسعار السلع الأساسية، أكد صالح أن انخفاض سعر الدولار ساهم في:

• انخفاض ملحوظ في أسعار المواد الغذائية والأدوية المستوردة
• تقليل معدلات التضخم الناتجة عن تقلبات أسعار صرف العملات
• تحسين تدريجي ومباشر في القدرة الشرائية للجمهور

أشار صالح أيضًا إلى أن عدم استقرار أسواق الصرف يفاقم من تقلبات أسعار السلع الأساسية، مؤثرًا سلبًا على استقرار الاقتصاد الكلي؛ لذلك فإن استقرار سعر صرف الدولار يعد ركيزة أساسية لتحقيق استقرار سوق السلع.

يختتم مظهر صالح بالتأكيد أن السيطرة المستدامة على سعر صرف الدولار تمر عبر استمرار التنسيق بين مكونات السياسة الاقتصادية الثلاثة: المالية، النقدية، والتجارية، إلى جانب تعزيز تطبيق القانون بصرامة؛ إذ تعد هذه العوامل مفتاحًا للحفاظ على استقرار سعر الصرف الرسمي والموازي بشكل تدريجي، وزيادة المعروض من الدولار عبر القنوات الرسمية، مع تشديد الرقابة لمكافحة المضاربة والسوق السوداء، فضلاً عن تشجيع الإنتاج الوطني للحد من الاعتماد على الاستيراد عبر سياسات واضحة تمنح المنتجين والفاعلين الاقتصاديين مرونة في تأمين مستلزمات الإنتاج والسلع الرأسمالية، وبالتالي تعزيز الاستقرار الاقتصادي وتوفير بيئة مناسبة للنمو والتطوير.