عودة مفاجئة.. سن جنشيتسو المُعلّم الذي حوّل فنجان الشاي إلى رمز للسلام

الدكتور سن جنشيتسو، المعلم الـ15 لمدرسة أوراسينكيه لتقاليد الشاي الياباني، يُعد رمزًا عالميًا لـ«السلام من خلال كوب شاي» الذي جسده طوال حياته، مما جعله من أبرز الشخصيات التي جمعت بين التراث الياباني العريق ورسالة السلام الدولية. بفضل جهوده المتميزة، أصبح رمزًا للتعارف بين الثقافات، وداعمًا قويًا لتعزيز التفاعل الثقافي بين الإمارات واليابان.

الدكتور سن جنشيتسو ومسيرته في مدرسة أوراسينكيه لتقاليد الشاي الياباني

ركز الدكتور سن جنشيتسو في مسيرته على نشر فن الشاي التقليدي الياباني المعروف بـ«سادو» الذي يُعد محور مدرسة أوراسينكيه لتقاليد الشاي الياباني، حيث شغل منصب المعلم الأكبر من 1964 حتى 2002، وعُرف بطرحه لفلسفة السلام من خلال فنجان الشاي. وُلد عام 1923 في عائلة عريقة تنتمي إلى مدرسة أوراسينكيه، وهي مدرسة تحمل إرث المعلم التاريخي سن نو ريكيو، مؤسس أسلوب «وابي» في فن الشاي، مما أكسبه خلفية ثقافية غنية تمكنه من جعل طقوس الشاي جسراً للتقارب بين الحضارات المختلفة.

خلال حياته، تنقل الدكتور جنشيتسو بين أكثر من 60 دولة، مقدّمًا طقوس الشاي لكبار الشخصيات العالمية من ملوك وقادة بينها الملكة إليزابيث الثانية، والبابا يوحنا بولس الثاني، والرئيس الأمريكي جورج بوش الابن، حيث كان يسعى لترسيخ رسالة السلام العالمية عبر هذا الفن. كما ألقى محاضرات في جامعات عريقة مثل جامعة هاواي، وأسهم في تأسيس مؤسسات تعليمية لفن الشاي في الصين بعد لقائه بالزعيم الصيني الراحل دنغ شياو بينغ.

الدكتور سن جنشيتسو وتعزيز التواصل الثقافي بين الإمارات واليابان

لعب الدكتور سن جنشيتسو دورًا محوريًا في تعزيز التفاعل الثقافي بين الإمارات واليابان، حيث عرف الشعب الإماراتي بعراقة وتقاليد الشاي الياباني من خلال فعاليات ثقافية مميزة. وفي ديسمبر 2009، شارك في افتتاح كوخ الشاي الياباني «يوين» في أبوظبي بفندق قصر الإمارات، بحضور صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الذي أطلق مع الدكتور اسم «الواحة الخضراء» على الكوخ، تخليدًا للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حبّه للمساحات الخضراء والزراعة.

وقد نال الدكتور سن جنشيتسو وسام الاستقلال من الطبقة الأولى من المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، تأكيدًا على الدور البارز الذي قام به في بناء جسر ثقافي وإنساني بين البلدين، ليصبح إرثه دافعًا لأجيال المستقبل للاعتزاز بالتراث الياباني وتبنيه بصورة تعكس السلام والتفاهم في عالم اليوم.

طقوس الشاي الياباني وأثرها في نشر رسالة السلام مع الدكتور سن جنشيتسو

تُعتبر المراسم التقليدية لتحضير وتقديم الشاي، التي كان الدكتور سن جنشيتسو من أبرز حامليها، من أعظم مظاهر التبادل الروحي بين الإنسان وضيوفه، حيث تتم الاستفادة من كافة الحواس في خلق مناسبة تهدف إلى تحقيق الاستمتاع الجمالي والفكري والجسدي، إلى جانب صفاء الذهن والشعور بالسلام العميق. هذه التجربة الفريدة جعلت من «سادو» رسالة متجددة تناقلها جنشيتسو عبر أكثر من 300 حفل شاي في 70 دولة، مناهضًا للحروب وداعمًا لثقافة السلام.

وخلال مسيرته، قدّم جنشيتسو الشاي في مناسبات عالمية، منها تقديمه طقوس الشاي أمام البابا في الفاتيكان، مما يعكس عمق وأهمية التواصل الثقافي والإنساني. بالإضافة لذلك، شارك في عام 2011 بتكريم أرواح ضحايا الهجوم على بيرل هاربور من خلال حفل شاي أقيم في النصب التذكاري لسفينة «يو إس إس أريزونا» في هونولولو، هاواي، معبّرًا عن رسالة السلام والاحترام بين الشعوب.

• انتقال رسالة السلام من خلال فنجان الشاي في أكثر من 60 دولة حول العالم
• تعريف الشعوب بفن الشاي الياباني والتراث الثقافي
• تعزيز العلاقات الثقافية بين اليابان والإمارات عبر المهرجانات والفعاليات
• النشاطات التعليمية والتدريبية بفن الشاي ضمن مؤسسات تعليمية في دول عدة

نال الدكتور سن جنشيتسو جملة من الجوائز والتكريمات التي تُبرز إسهاماته البارزة، منها وسام الثقافة الذي منحته له الحكومة اليابانية عام 1997 كأول شخصية في عالم الشاي تحظى بهذا الشرف، ووسام «جوقة الشرف» الفرنسي برتبة قائد في 2020. كما شغل مناصب مهمة، منها سفير النوايا الحسنة لمنظمة اليونيسكو ومساعد خاص لوزير الخارجية الياباني، مما يعكس مدى التقدير الدولي لعبقريته في دمج التراث بالرسائل الإنسانية.

لقد ترك الطبيب والمعلم سن جنشيتسو إرثًا خالدًا، يربط بين تقاليد الشاي الياباني وروح السلام العالمي، في وقت تزداد فيه الحاجة إلى أواصر التفاهم بين الأمم، تأثيره لا يقتصر على اليابان فقط لكنه يشمل مختلف أنحاء العالم، مجسّدًا حقيقة أن «السلام من خلال كوب شاي» هو أكثر من فلسفة، إنه رسالة حياة.