تراجع ملحوظ.. مصر تخفض أسعار مئات السلع وتواجه خطر التضخم

الارتفاع الكبير في سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار وتأثيره على خفض أسعار السلع الأساسية في مصر

استغلّت مصر ارتفاع سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار الأميركي منذ أبريل 2024، في توجه واضح لتخفيض أسعار السلع الأساسية، ما دفع الشركات العاملة في السوق المصري إلى تقليص أسعار مئات السلع، وذلك استجابة للتوجيهات الحكومية الصادرة في نهاية يوليو، والتي جاءت في إطار تحفيز الاقتصاد وتحسين القدرة الشرائية للمواطنين

الارتفاع الكبير في سعر صرف الجنيه وتأثيره على خفض أسعار السلع الأساسية في مصر

شهد سعر صرف الدولار تراجعاً ملحوظاً أمام الجنيه المصري خلال الأشهر الأربعة الأخيرة، إذ انخفض من 51.60 جنيهاً في أبريل إلى 48.33 جنيهاً منتصف أغسطس، ما أسهم في توجيه الشركات العاملة في مصر نحو خفض أسعار السلع الأساسية التي شملت السلع الاستهلاكية، الأجهزة المنزلية والكهربائية، مواد البناء، والسيارات بنسبة تراوح بين 5 و35%، بحسب تصريحات مجلس الوزراء المصري الأربعاء الماضي، في خطوة حيوية لتحسين مستويات المعيشة وتعديل الأسعار بما يتناسب مع المؤشرات الاقتصادية الإيجابية التي تعكس تجاوز البلاد للأزمة الاقتصادية السابقة

وفي هذا السياق، أشار رئيس الوزراء مصطفى مدبولي نهاية يوليو إلى أن مؤشرات أداء الاقتصاد المصري جميعها جيدة رغم عدم تناسب أسعار السلع مع هذا التحسن، مضيفاً أن تراجع مؤشرات التضخم في الربع الثاني من العام ساعد الحكومة على التفاوض مع الغرف التجارية لتقليل هوامش ربح الشركات، ما أسهم في تنفيذ خفض الأسعار بنجاح

كيف ينعكس الارتفاع الكبير في سعر صرف الجنيه على معدلات التضخم والتدخل الحكومي؟

يرى الخبير الاقتصادي مصطفى بدرة أن المبادرات الحكومية في خفض أسعار السلع الأساسية، مدعومة بالارتفاع الكبير في سعر صرف الجنيه المصري، ستسهم في استقرار معدلات التضخم عند مستوى يتراوح بين 12 و13% بنهاية 2024، مقارنة بنحو 13.1% بنهاية يوليو الماضي، مع الأخذ في الاعتبار التوقعات بزيادة مرتقبة في أسعار المحروقات والكهرباء خلال الربع الأخير من العام الحالي؛ حيث أوضح بدرة إمكانية خفض التضخم إلى حدود 10% إذا تأجلت الزيادات المتوقعة وأسهم استقرار سعر الصرف وإنجاح مبادرات تخفيض الأسعار في هذا الإنجاز

وأكد بدرة أن توطين الصناعة يمثل رهان مصر الأساسي لمواجهة تحديات تقلبات العملة وتقليص فاتورة الاستيراد، مستعرضاً التحسن الكبير في مصادر النقد الأجنبي مثل السياحة والتصدير وتحويلات العمالة بالخارج والاستثمارات الأجنبية، إلى جانب زيادة احتياطي النقد الأجنبي التي تدفع نحو مزيد من الاستقرار

يتوقع بدرة أن ينعكس هذا التحسن الاقتصادي على مزيد من الانخفاض في سعر الدولار مقابل الجنيه المصري، خاصة مع إعلان استثمارات ضخمة من الكويت وقطر خلال الفترة المقبلة، وهو ما يدعم محاولات استقرار الأسعار وخفض التضخم على المدى المتوسط

تحديات مرتقبة وتأثير زيادة أسعار المحروقات والكهرباء على التضخم رغم إجراءات خفض الأسعار

على الرغم من التفاؤل الكبير المرتبط بالارتفاع الكبير في سعر صرف الجنيه المصري ومبادرات خفض أسعار السلع، أبدى الخبير الاقتصادي محمد أنيس رؤية أكثر تحفظاً؛ حيث رجح ارتفاع معدلات التضخم في مصر إلى نطاق يتراوح بين 18 و20% بنهاية عام 2024، نتيجة الزيادات المتوقع تنفيذها في أسعار البنزين والكهرباء والغاز، والتي ستزيد من تكاليف الإنتاج الصناعية، ما يضغط على مؤشرات التضخم العامة

ومع ذلك، اعتبر أنيس أن مبادرات الحكومة بخفض أسعار 15 سلعة في المجمعات الاستهلاكية خطوة استباقية مهمة للحد من التأثير السلبي للزيادات القادمة في أسعار المحروقات والكهرباء خلال شهري سبتمبر وأكتوبر، مما سيساعد في تجنيب الاقتصاد المصري زيادة حادة في مستوى التضخم خلال الربع الأخير من العام

• خفض أسعار مجموعة واسعة من السلع الاستهلاكية بنسبة بين 5 و35%
• تأجيل الزيادات في أسعار الوقود والكهرباء إلى العام المقبل
• تعزيز استقرار سعر الصرف وتحسين مؤشرات الاقتصاد الكلي

وأشار إلى أن مصر شهدت موجة تضخم قوية منذ 2023، لكنها بدأت تتراجع مؤخراً نتيجة استقرار سعر الصرف وانضباط الأسواق الاقتصادية، ومن المتوقع أن تتراجع معدلات التضخم إلى حوالي 7% (±2%) بحلول العام المقبل، وهو الهدف الذي يلتزم به البنك المركزي المصري منذ العام الماضي، ويشكل دعامة أساسية لتحقيق استقرار اقتصادي طويل الأجل، يبني على ارتفاع كبير في سعر صرف الجنيه مقابل الدولار وتحسين الأداء الاقتصادي

هذا التفاعل بين الارتفاع الكبير في سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار ومبادرات خفض أسعار السلع الأساسية يعكس تحولاً استراتيجياً في السياسة الاقتصادية المصرية، التي تسعى بجدية إلى موازنة سوق العملة والأسعار للحفاظ على مناخ اقتصادي أكثر استقراراً وملاءمة للمواطنين والشركات على حد سواء