عودة رسمية لكنز بيئي نادر.. فاكهة البادية “المصع” تتصدر المشهد في شمال المملكة

فاكهة البادية أو “شجرة المصع” تجدد حضورها بقوة في شمال المملكة، خاصة في مناطق طبرجل والقريات، بعد سنوات من الإهمال، حيث أعاد الأهالي الاهتمام بهذه الفاكهة الصحراوية الفريدة التي تتمتع بمقاومة استثنائية للظروف البيئية الصعبة، مكونة جزءًا أصيلاً من التوازن الطبيعي في تلك البيئات الصحراوية القاسية التي تمتد بين الوديان والسهول المفتوحة، مما يجعلها رمزًا لا يمكن تجاهله في تراث الجنوب.

فاكهة البادية: تذكرة بحلاوة الطفولة وثمار تشبه الكرز

فاكهة البادية، التي تنتجها شجرة المصع، تتميز بثمار حمراء صغيرة ذات حجم قريب من الكرز أو العنب، وتتميز بطعمها الحلو الذي يأخذ الكثيرين إلى ذكريات الطفولة في رحلاتهم البرية بمنطقة الجوف؛ إذ اعتاد الأطفال قطفها وأكلها مباشرة من فروعها، مما يجعلها جزءًا من التراث الغذائي لأهالي المنطقة. يؤكد العديد من السكان المحليين، مثل مشعل الشراري من طبرجل، على أن هذه الشجرة كانت عنصرًا أساسيًا في مناظر الطفولة والطبيعة البدوية؛ فهي ليست مجرد فاكهة بل ذاكرة حية تربط الأجيال بالماضي.

شجرة المصع كفاكهة البادية ودورها الحيوي في البيئة الصحراوية

تعتبر شجرة المصع إحدى الأشجار التي تجسد مفهوم التكيف البيئي في شمال المملكة؛ فهي بلونها الأخضر الفاتح وصمودها أمام قسوة المناخ الصحراوي، تعيش في ظل ندرة المياه والتربة القاحلة دون الحاجة إلى ري منتظم أو عناية خاصة. هذا يجعل فاكهة البادية رمزًا للتوازن بين الإنسان والبيئة، حيث تساهم هذه الشجرة في تثبيت الرمال وحفظ النظام البيئي الهش داخل الصحراء. شجرة المصع ليست فقط مصدرًا للغذاء الطبيعي ولكنها أيضًا تمثل قوة طبيعية تعزز استدامة الأراضي الصحراوية.

التراث البيئي والثقافي: فاكهة البادية وشجرة المصع في قلب الثقافة البدوية

فاكهة البادية وشجرة المصع تتجاوز قيمتهما الغذائية والبيئية لتصل إلى جوهر الثقافة البدوية في شمال المملكة؛ إذ تعتبر هذه الشجرة رمزًا للتواصل الروحي بين سكان البادية وأرضهم. تعكس قصص هذه الشجرة حياة الاستقرار والارتباط العميق بالأرض، وتبسط مفاهيم الحياة البدوية ومبادئها المشبعة بالبساطة والعراقة. لهذا السبب، تصنف شجرة المصع كمرآة للتراث وقاعدة صلبة لهوية المجتمع البدوي، مما يعزز أهميتها التي لا تُقدر بثمن.

يدعو السكان المحليون والخبراء في مجال التنوع النباتي إلى ضرورة الحفاظ على شجرة المصع وإعادة زراعتها في المناطق التي شهدت تراجعًا في أعدادها؛ ويشددون على أن هذه الخطوة ضرورية لتعزيز الاستدامة البيئية وصون التنوع البيولوجي وضمان بقاء فاكهة البادية التي تمثل فريدة لمنطقة الجوف. وتشمل مقومات الحفاظ على هذه الشجرة:

  • تشجيع الزراعة المستدامة لشجرة المصع في المناطق المناسبة
  • تنظيم حملات توعوية لأهمية تلك الشجرة بيئيًا وثقافيًا
  • توفير الدعم المحلي والرسمي للحفاظ على المناطق الطبيعية التي تنمو بها
المنطقة خصائص النمو
طبرجل تحمل جفاف الأراضي والرياح القوية
القريات تزدهر في الوديان والسهول المفتوحة

مرحلة الاهتمام بشجرة المصع تعكس إدراكًا متزايدًا لقيمتها البيئية والثقافية، إذ تمثل فاكهة البادية هذه أكثر من مجرد شجرة أو فاكهة؛ فهي جسر بين الإنسان والطبيعة، وتُظهر كيف يمكن للبيئة الصحراوية أن تحتضن حياة قائمة على التوازن والاحترام المتبادل بين الإنسان وأرضه، وهو ما يعزز الحفاظ عليها للأجيال القادمة، في ظل تحولات بيئية حضرية جذرية تحد من وجودها في العديد من المناطق.