انطلاق إجراءات قانون الإيجار القديم.. هل تحل الأزمة أم تثير مزيداً من المخاوف؟

الإيجار القديم في مصر وتأثيره على المستأجرين: أزمة السكن البديل ومستقبل العقود

لم تهدأ مخاوف المصري إسلام محمد (33 عاماً) وعائلته من تطبيق قانون الإيجار القديم الذي دخل حيز التنفيذ في 5 أغسطس 2023؛ رغم إعلان الحكومة المصرية بدء تلقي طلبات المستأجرين للحصول على وحدات بديلة، إلا أن إسلام، المقيم في منطقة حلمية الزيتون شرق القاهرة، ما زال يشعر بالغموض حيال الشروط ومواقع الوحدات السكنية الجديدة، والتي يحتمل أن تكون في المدن الجديدة بعيداً عن مكان سكنه الحالي.

الإيجار القديم وتأثير قانون تحرير العقود على المستأجرين في مصر

أحدث قانون الإيجار القديم جدلاً واسعاً في المجتمع المصري، إذ يفرض تحرير العقود بين الملاك والمستأجرين في مدة انتقالية تمتد إلى 7 سنوات للشقق السكنية، و5 سنوات للمحلات التجارية، الأمر الذي يهدد نحو 1.6 مليون أسرة تسكن في وحدات قيمتها الإيجارية منخفضة، وفق بيانات رسمية. وقد أثار القانون اعتراضات كبيرة من المستأجرين الذين يرون أن التغيير قد يُفقدهم حقهم في السكن بأسعار مناسبة.

ورغم إعلان وزارة الإسكان عن المستندات المطلوبة للحصول على وحدات بديلة وطرق التقديم عبر مواقع إلكترونية أو مكاتب البريد، إلا أن إسلام محمد، العامل في مجال تكنولوجيا المعلومات، أعلن تردده في تقديم طلبه عبر الموقع الرسمي، معتبراً أن «الشقق غالباً ما ستكون في مناطق نائية» ومتسائلاً عن قدرة الحكومة على تسليم مليون وحدة خلال فترة زمنية قصيرة.

التباين الاجتماعي بين المستأجرين وأصحاب العقارات زاد من تعقيدات أزمة الإيجار القديم، حيث تغيب الثقة ويشعر الكثيرون بعدم وضوح الخطوات التنفيذية، رغم التأكيدات الحكومية المتكررة على قدرتها بتوفير وحدات سكنية بديلة تناسب مختلف الطبقات الاجتماعية بحلول نهاية الفترة الانتقالية.

الجدل المجتمعي وردود فعل المستأجرين تجاه قانون الإيجار القديم والسكن البديل

تتخطى أزمة الإيجار القديم مسألة اقتصادية لتلامس أبعاداً اجتماعية وإنسانية، كما يظهر من آراء ناشطين ومستأجرين مثل شيماء سامي، الباحثة والناشطة الحقوقية، التي ترفض فكرة قبول شقق بديلة قائلة: «لا نريد شققاً بديلة، نريد البقاء في منازلنا»، وهي تعيش مع أسرتها في شقة ورثتها بمنطقة أبو قير في الإسكندرية.

من جانب آخر، أثنت عضو مجلس النواب، سكينة عبد السلام، على الإجراءات الحكومية السريعة في التعامل مع ملف الإيجار القديم، خاصة توفير سكن بديل للمستحقين، موضحة أن الحكومة بدأت فعلاً في تحديد طرق تلقي طلبات المستأجرين، مما يعكس توجهًا جديدًا يتماشى مع مطالب الأغلبية البرلمانية.

وبالتزامن مع ذلك، تعمل الحكومة على تقييم وتصنيف المناطق السكنية إلى اقتصادية ومتوسطة ومتميزة، لتحديد الزيادات الإيجارية أثناء الفترة الانتقالية وفق القانون، والذي نص على تكوين لجان حصر في المحافظات تتولى تقسيم المناطق السكنية بناءً على عوامل موقعية وإنشائية وخدمية.

نوع المنطقة الزيادة في الإيجار (أضعاف) الحد الأدنى للزيادة (جنيه مصري)
متميزة 20 ضعفاً 1000 جنيه (~20 دولار)
متوسطة 10 أضعاف 400 جنيه
اقتصادية 10 أضعاف 250 جنيه

تشكل لجان الحصر برئاسة مسؤولين كبار في المحافظات، وبمشاركة ممثلين عن وزارات الإسكان والمرافق والضرائب، لضمان شفافية القرارات ومنع التلاعب. وشدد رئيس الوزراء مصطفى مدبولي على حيادية هذه اللجان، وأن القرارات السابقة تُظهر مدى حرص الحكومة على معالجة شؤون الإيجار القديم بشكل جاد ومنظّم.

خطوات التقديم على وحدات السكن البديل ومستقبل تطبيق قانون الإيجار القديم في مصر

توضحت وزارة الإسكان طرق التقدم للحصول على وحدات بديلة للمستأجرين المتضررين نتيجة قانون الإيجار القديم، حيث يمكن تقديم الطلبات عبر الموقع الرسمي للوزارة أو من خلال مكاتب البريد، مع ضرورة توفير الأوراق المطلوبة التي تشمل بطاقات الهوية وأوراق تثبت الإقامة والوضع القانوني للعقد القديم.

  • بطاقة الرقم القومي للمستأجر
  • عقد الإيجار القديم مع إثبات السكن
  • بيانات مقدمة الطلب كاملة وصحيحة

لكن ثمة مخاوف مستمرة بين كثير من المستأجرين بشأن نزاهة العملية وإمكانية فقدان وحداتهم بالسكن الحالي، كما انتشرت تحذيرات عبر صفحات التواصل الاجتماعي تحث على الحذر من التسجيل باعتباره تنازلاً نهائياً عن حقوقهم. كما أعلن رئيس اتحاد المستأجرين، شريف الجعار، عن التوجه إلى المحكمة الدستورية العليا للطعن على القانون.

يعلق المحلل السياسي عماد جاد على الوضع قائلاً إن القلق الشعبي ينبع من السرعة في إصدار وتنفيذ القانون دون دراسة كافية لحالات السكان المختلفة، مما يزيد من حالة عدم الثقة التي يشعر بها الناس، خاصة أن الحكومة أعلنت عن تحملها إيجار وحدات كبار الفنانين لتجنب إخراجهم، مما أثار ضجة كبيرة وسط محدودي الدخل وكبار السن الذين يواجهون صعوبة في الانتقال للشقق البديلة ذات الخدمات المحدودة والمواقع البعيدة.

يبقى تطبيق قانون الإيجار القديم في مصر أمام تحديات كبيرة تتعلق بإرضاء أطراف متعددة، وضرورة التوفيق بين حقوق المستأجرين وأصحاب العقارات، وسط حاجة ملحة لتوضيح كامل للآليات والشروط لضمان حقوق كل الأطراف وسلامة عملية نقل السكن بشكل يحفظ التوازن الاجتماعي والاقتصادي.