رد فعل الضبعان بعد إعادة تمثيل “باي باي لندن”: الصلاة على المسرح الكويتي يرحمكم الله

المسرح الكويتي يعاني من تراجع واضح في جودة الإنتاج المسرحي، فقد كان في السابق منبعًا للأعمال الفنية العميقة التي تكرّس احترام المتلقي وتعزز قيمة النص والحبكة والأداء، وهذا ما فقده المسرح الكويتي في العصر الحديث. تواجه المسرح الكويتي أزمة حقيقية في استعادة مكانته التي بُنيت عبر عقود بفضل روّاد مبدعين ساهموا في تقديم مسرح يتجاوز الترفيه إلى التثقيف والتنوير.

المسرح الكويتي وتأثير الروّاد في بناء مسرح محترم

منذ بداية المسرح الكويتي في ستينات القرن الماضي، ومن خلال أعمال مثل «عشت وشفت» 1964 و«قناص خيطان» 2002، مرورا بـ«على هامان يا فرعون»، و«عزوبي السالمية» و«باي باي لندن»، شكّل المسرح الكويتي نموذجًا يُحتذى به في احترام المتلقي ووضوح الأفكار وجودة النصوص، حيث كان النص يتميز بالبذخ من حيث القيمة الأدبية، والأداء المهني المتميز، والحبكة المحكمة التي تجعل العمل راسخا في ذاكرة الجمهور، يتردد صداها عبر الأجيال. لقد كان المسرح الكويتي في ذلك الحين قبلة محبة وتأمل، يعالج قضايا مجتمعية هامة ويسهم في صناعة الوعي الثقافي، ما جعله يحظى بإقبال وشغف من الجمهور في كل عرض.

التحديات التي تواجه المسرح الكويتي في ظل تراجع الجودة

ومع رحيل الروّاد، شهد المسرح الكويتي حالة من الانحراف في الأولويات، حيث سيطر على المشهد من وصفهم الضبعان بـ«الخلف»، الذين استهدفوا المسرح كوسيلة للمال والشهرة والضحك السطحي فقط، فتهاوى المسرح في تافه العروض التي تفتقر للنص السليم والحبكة المتماسكة والأداء المميز، وينعدم فيها احترام المتلقي، وبالتالي بات الفشل عنوان أغلب الأعمال المسرحية الحديثة. فقد ظهر ضعف التفكير النقدي عند الجمهور، مستثمراً من قبل مجموعات غير مسؤولة “قروبات الظلام” التي تُسيء إلى قيمة المسرح، فتفقد الأعمال توازنها كأداة نقد اجتماعي ومنبع تنوير وتعليم. في هذا السياق، صادف الضبعان نجمًا مسرحيًا معروفًا يشير إلى مشهد سيناريو لا يتجاوز أربع صفحات ومع ذلك يمتد العرض لثلاث ساعات، ما يعكس ضياع الغاية الفنية وحرفية التصميم.

الاعتلال المسرحي وضرورة إنقاذ المسرح الكويتي

مر المسرح الكويتي بمرحلة اعتلال حقيقية استولى فيها البعض على المسرح بدوافع واهية، معتمدين على الضحك والـ”قطّات” (الإفيهات) التي لا ترتقي لحالة فنية راقية، رغم التوقعات باستعادة المسرح عافيته. لكن الوضع ساء أكثر، إذ تعمد البعض إعادة إنتاج مسرحيات قديمة وخالدة بشكل مشوه، مما أضعف قيمتها على جماليتها الأصلية، وهذا يحدث حينما تكون الجهات المعنية غائبة أو غير مبالية. تجدر الإشارة إلى أن الراحل عبدالحسين عبدالرضا علم ويعلمنا حب الكويت واللهجة الكويتية، وأسس لمسرح عميق ورفيع، يستحق الاحترام والتقدير. لذا، فإن رفض الأعمال المسرحية المبتذلة والمستوى المتدني ضرورة حيوية للحفاظ على إرث المسرح الكويتي واجتثاث التراجع، الأمر الذي يتطلب من القائمين على المشهد المسرحي العمل الجاد لتقديم مسرح أصيل ذا قيمة، يرتكز على احترام المتلقي ومقومات العمل الفني المحترف.

  • التركيز على نصوص ذات جودة عالية تحترم عقل المتلقي
  • تطوير الأداء الاحترافي للممثلين بما يتناسب مع البيئة الثقافية
  • تحصين المسرح ضد التفاهة بتفعيل النقد البنّاء والمستمر
  • تشجيع الأعمال التي تجمع بين التثقيف والإبداع الفني