الأنبار تلاحق كوردستان في النمو وترحب بعودة المارينز.. ماذا يعني ذلك؟

الفلوجة والأنبار تتصدران مشهد النمو الاقتصادي في العراق بعد كوردستان، وترحبان بعودة المارينز الأمريكي إلى المحافظة. بعد عقدين من الصراعات العنيفة مع تنظيم القاعدة، باتت الأنبار مثالاً واضحاً على التعافي، حيث يتغير واقعها سريعاً ويقبل أهلوها على تقبل الدعم الأمني الأمريكي الجديد بعد فترة من النزاعات والدمار.

الفلوجة والأنبار: قصة نجاح في النمو الاقتصادي بعد سنوات الحرب العنيفة

كانت الفلوجة في عامي 2004 و2005 ساحة معارك دامية سيطر عليها تنظيم القاعدة، حيث كانت الشوارع مسرحاً لهجمات قناصة التنظيم الإرهابي على مشاة البحرية الأمريكية، وشهدت المدينة ذات الغالبية العربية السنية، الواقعة على بعد 40 ميلاً غرب بغداد، أعنف المعارك التي أرهقت سكانها لسنوات طويلة، وكانت الرمادي مركز محافظة الأنبار لا تقل سوءاً، إذ تواصلت الاشتباكات خاصةً مع استمرار الهجمات الانتحارية والعبوات الناسفة التي استهدفت القوات الأمريكية وكذلك المدنيين، وفي الفترة من 2003 وحتى 2011، قُتل أكثر من 1300 جندي أمريكي في مثلث الفرات السني، ما يشير لصعوبة المرحلة التي مرت بها الأنبار.

اليوم، تشهد الفلوجة وأجزاء من المحافظة تحولاً ملحوظاً نحو الاستقرار والنمو؛ فالمقاهي التي تقدم العصائر تملأ الشوارع، والعائلات تتمتع بجولات على الكورنيش المزروع بأشجار النخيل، فيما يعج سوق الفلوجة الشعبي بالزوار رغم مظهره المتداعي والعشوائي، حيث يواصل السكان تعايشهم الطبيعي في حرارة تصل إلى 120 فهرنهايت، ويتجه كثيرون إلى المطاعم التي تجذب زواراً من مختلف الطوائف العراقية. هذا التحول يعكس الدور الكبير الذي يلعبه النمو الاقتصادي في الفلوجة والأنبار، مما دفع العديد من المحال إلى بيع منتجات تحمل أشكال العلم الأمريكي، ونجاح مطاعم الفلوجة في افتتاح فروع بمدن أخرى يشير للوضع الاقتصادي المتصاعد.

الأنبار تلاحق كوردستان في النمو الاقتصادي واستعدادات البنية التحتية المستقبلية

تشكل الأنبار بعد إقليم كوردستان ثاني أكثر مناطق العراق ازدهاراً، حيث تضم الرمادي مشاريع حيوية تشمل مستشفيات وجامعات جديدة، بالإضافة إلى خطط لإنشاء مطار وطُرق ممهدة تستقبل حركة متزايدة من البضائع التي تملأ مستودعات الشركات العالمية على مداخل المدينة. يعكس النمو الاقتصادي في الفلوجة والأنبار تطور البنية التحتية التي شكلت أساساً لمجابهة تحديات التنمية والاستقرار، وهو ما دفع المجتمع الدولي، ولا سيما الولايات المتحدة، إلى دعم هذا التحول بما يعزز الأمن والديمقراطية، رغم أن التوقيت لم يكن دائماً مثالياً وفق تصور صناع القرار الأمريكيين السابقين.

هذا النمو ليس محصوراً في مناطق معينة، بل يمتد أيضاً إلى بغداد ومدن أخرى مجاورة، إذ أصبح التنوع التجاري والثقافي من سمات الحياة الجديدة في هذه المناطق، التي تنعم أيضاً بمستوى معقول من النظافة بفضل الجهود البلدية في جمع النفايات بانتظام، ما يعكس تحسناً ملحوظاً في ظروف الحياة اليومية وانتعاش الأسواق المحلية والاقتصاد.

ترحيب الأنبار بعودة المارينز ورسالة الأمل بعد تجارب طويلة من الصراع

يحمل سكان الفلوجة والرمادي رسالة واضحة اليوم بترحيبهم بعودة القوات الأمريكية، وخاصة مشاة البحرية، الذين شاركوا سابقاً في تحالفات لمحاربة تنظيم القاعدة وإعادة النظام. هذه الموافقة تدعمها عوامل عدة منها مرور الزمن الذي جعل جيل ما بعد 2003 يشكل أكثر من نصف السكّان، إضافة إلى التجربة المشتركة في مواجهة تنظيم داعش وجهود إعادة التحرير التي أسهمت في تغيير النظرة الأمنية والاجتماعية تجاه القوات الأمريكية.

أكد القادة المحليون استعدادهم لتعاون مثمر مع مشاة البحرية الأمريكية، معتبرين أن هذه العلاقة ليست جديدة بل تُذكر بزمن زيارات العسكريين الأمريكيين السابقة إلى فيتنام للقاء زملائهم أو لمعايشة تطورات بلد كان شهد نزاعاً طويل الأمد، وهو ما اعتبره كثيرون نوعاً من العلاج النفسي والمعنوي. ويقارن التقرير التجربة العراقية بالتحولات التي شهدتها كوريا الجنوبية التي كانت هدفاً لمحاولات أمريكية لزرع الديمقراطية رغم الصعوبات، وعرض التقرير جدولاً موجزاً يبرز مراحل النمو الاستثماري والديمقراطي في تلك البلاد:

المرحلة الوصف
كوريا الجنوبية استثمار كبير وتحول تدريجي نحو الديمقراطية مع تحديات إعلامية وثقافية
فيتنام زيارات وتجارب تفاعلية للعسكريين الأمريكيين سابقاً تعزز تفاهم الطرفين
العراق – الأنبار والفلوجة عودة مقبولة للقوات الأمريكية بعد تحرير الأرض وتجارب الحرب الطويلة

الأنبار اليوم تنضح بطاقة إيجابية تنتقل من كوردستان عبر بغداد إلى عمق المحافظة، وهو ما يوضح أن الانتكاسات السياسية التي قد يلوم عليها بعض السياسيين في واشنطن لا تعكس الصورة الفعلية التي توضحها الأرض والترحيب الشعبي. وما زال النداء موجهاً لأولئك الأمريكيين الذين قدموا الكثير ليشهدوا بأعينهم ثمار جهودهم التي باتت ملموسة على أرض الأنبار، في لحظة تأمل وتنفس جديدة ضمن مسار العراق الذي بدأ يرسخ نموه واستقراره.

  • الفلوجة والأنبار تشهدان تعافيًا اقتصاديا خلال عقدين من الحرب
  • استثمارات وتنمية في البنية التحتية وتوسع في الخدمات المدنية
  • ترحيب شعبي واسع بعودة القوات الأمريكية لدعم الأمن والاستقرار