مراجعة قانون إحالة الموظفين عند الستين.. هل حان الوقت لتحقيق العدالة الاجتماعية؟

إحالة الموظفين عند سن الستين أصبحت قضية ملحة تتطلب مراجعة قانون التقاعد الموحد في العراق لتحقيق العدالة الاجتماعية الحقيقية، خاصة بعد التداعيات الاقتصادية والاجتماعية التي صاحبت تطبيق الإحالة الإلزامية منذ عام 2014؛ إذ تضرر فئة كبيرة من الموظفين الذين تعيّنوا متأخرين، ما أدى إلى تناقض بين القانون واحتياجات سوق العمل والكوادر المؤهلة.

التحديات الاجتماعية والاقتصادية لإحالة الموظفين عند سن الستين في العراق

تنعكس سياسة إحالة الموظفين عند سن الستين بوضوح على حياة آلاف الموظفين، خصوصًا الذين تم تعيينهم بعد تجاوز سن الأربعين نتيجة الظروف السياسية والاقتصادية التي عاشها العراق. هؤلاء الموظفون لم يتمكنوا من إكمال الحد الأدنى للخدمة المطلوبة (25 سنة) للحصول على مكافآت نهاية خدمة مجزية ورواتب تقاعدية تحفظ كرامتهم. لذلك، يحال الكثير منهم إلى التقاعد في منتصف التزاماتهم الأسرية والمالية، دون تعويض عادل يعكس سنوات الحرمان والجهود المبذولة، مما يفاقم أزمة الدخل ويضعهم في وضع مالي صعب.

هدر الكفاءات وخسارة الخبرات نتيجة إحالة الموظفين عند سن الستين

إحالة الموظفين عند سن الستين بدون النظر إلى حالتهم الصحية أو أهمية خبراتهم يعادل إقصاء تعسفي للطاقات البشرية المؤهلة؛ إذ لا تزال فئة كبيرة منهم قادرة على مواصلة العطاء في مؤسسات حيوية مثل الصحة والتعليم والخدمات العامة التي تعاني نقصًا ملحوظًا في الكوادر الماهرة. في الوقت نفسه، تستورد الدولة خبراء أجانب بعقود مرتفعة، في حين تغيب فرص الاستفادة من أبناء البلد ذوي الخبرة التي تتجاوز عقدين من العمل. هذا الهدر للكفاءات يشكل خسارة كبيرة لسوق العمل ويقلل من قدرته على مواجهة التحديات.

مقترحات إصلاح قانون التقاعد لتحقيق العدالة الاجتماعية

مراجعة قانون التقاعد ترتبط ارتباطًا وثيقًا بتحقيق العدالة الاجتماعية بين الموظفين، ويجب أن تراعي متغيرات سوق العمل وحاجات المؤسسات إلى الكفاءات بالإضافة إلى حقوق الموظف في مسيرة مهنية كريمة. فيما يلي مقترحات عملية لتعديل القانون:

  • رفع سن التقاعد إلى 63 أو 65 عامًا لمن تم تعيينهم بعد سن الأربعين لتعويض التأخير القسري في التعيين.
  • اعتماد خدمة اعتبارية تُضاف لفترات حرمان الموظفين من التعيين المبكر.
  • ربط الحد الأدنى للراتب التقاعدي بمؤشر تكاليف المعيشة والتضخم لضمان قوة شرائية مستدامة.
  • فتح باب التعاقد الاختياري للمتقاعدين ذوي الخبرة ضمن عقود استشارية أو جزئية للاستفادة من خبراتهم.
  • إطلاق برنامج تأمين صحي وطني جامع يشمل المتقاعدين وأصحاب الأمراض المزمنة لتخفيف أعباءهم الصحية.
بنود الإصلاح الأثر المتوقع
رفع سن التقاعد تمكين الموظفين من إكمال مدة خدمة مناسبة تعزز حقوقهم المالية والاجتماعية
خدمات اعتبارية التعويض عن سنوات فقدان فرص التعيين بالخدمة الحكومية
ربط الرواتب بمؤشر المعيشة حماية المتقاعدين من تدني القوة الشرائية
فرص التعاقد الاختياري التقليل من هدر الخبرات ودعم سوق العمل بالكفاءات المحلية
برنامج تأمين صحي وطني تحسين جودة الحياة الصحية للمتقاعدين ومواجهة التحديات التأمينية

إن إعادة النظر في قانون التقاعد الموحد ليس فقط مسألة تشريعية، بل ضرورة وطنية ملحة تجسد العدالة الاجتماعية بين موظفي الدولة، خصوصًا من عانوا تأخراً قسرياً في التعيين دون تعويض يليق بتاريخهم المهني. عدالتنا تبدأ بقانون يحترم الإنسان ويمنحه ختامًا كريمًا لمسيرته الوظيفية، وليس إحالة سابقة لأوانها تكرس معاناة بلا حساب.