انفال البارزانيين.. قصة ذاكرة لا تموت رغم محاولات الطمس

انفال البارزانيين كانت واحدة من أبشع صفحات التاريخ التي جسدت المأساة الجماعية وكيف يصبح الإنسان رقماً بلا هوية أو حق، إذ لم تكن فقط حملة اعتقالات واسعة، بل كانت محاولة صادمة لمحو ذاكرة شعب بكامله. عام 1983 شهد واحدة من أقسى فصول القمع، حيث اعتبر النظام البعثي الفاشي أبناء عشيرة البارزانيين، حتى المدنيين منهم، خطرًا يجب القضاء عليه بسبب انتمائهم وذاكرتهم التي لم تخضع للقهر.

انفال البارزانيين: مأساة اختطاف وتغييب الذاكرة الجماعية

في فجر ذلك العام، تم اقتياد ما يقرب من ثمانية آلاف رجل وصبي من بيوتهم بالقوة، التي تم توطينهم فيها قسرًا، دون تهم أو محاكمات أو وداع، وتم نقلهم إلى أماكن مجهولة، حيث دفن معظمهم في رمال الصحارى الجنوبية القاسية لأخفاء وجودهم وإلغاء أثرهم. هذه العملية كانت أكثر من مجرّد مجزرة عابرة، إذ استهدفت مباشرة العائلة والإنسانية، وحولت الضحايا من أفراد يدافعون عن حقهم بحياتهم، إلى أرقام محبوسة بين صفحات النسيان.

الآثار الإنسانية والاجتماعية لأنفال البارزانيين على من تبقى

بعد اختفاء آلاف الرجال، لم ينتهي الألم، بل بدأ مع العائلات التي تركت بلا قبور تزار، وبلا وداع حقيقي، لتنتقل معاناة الفقد إلى أمهات ينتظرن بصمت، وزوجات تحتسي اللوعة، وأبناء حفظوا صور آبائهم وصمودهم بصبرٍ لا ينتهي، فكتبت بارزان سرديتها بدموع وحكايات الحياة اليومية، في الكرسي الخالي على مائدة الغداء، وفي الصورة المعلقة فوق المدفأة التي تروي قصة فقدٍ لا يندثر. تكشف هذه المآسي كيف استهدفت الأنفال محاولة مسح الذاكرة الجمعية لعشيرة لم ترضخ للظلم، مما أدى إلى تدمير النسيج الاجتماعي وأعاد صياغة الواقع بعام القهر والعنف.

هل انتهت الأنفال؟ استمرار مأساة انفال البارزانيين وتحدي الاعتراف الدولي

أنفال البارزانيين لم تظل حدثًا منعزلًا، بل كانت الحلقة الأولى في سلسلة أنفال أوسع وأكثر وحشية انتشرت لاحقًا، حيث تعاملت الأنظمة مع القضية الكردية كمسألة أمنية تُحلّ عبر الإبادة، وليس بالحقوق السياسية. رغم الصمت الدولي المدوي حينها، لم تنتظر بارزان اعترافًا رسميًّا لتثبت وجود مجزرتها، إذ اعتمدت على قوة صمودها وشهادات نجاتها. والآن، وبعد أكثر من أربعين عامًا، لا تزال أنفال البارزانيين تجدد نفسها كحالة مستمرة مرتبطة بمنطق إقصائي مستمر، حيث تبقى الحاجة ملحة للاعتراف بهذه الجريمة كإبادة جماعية لضمان العدالة الحقيقية. إن غياب الاعتراف يُبقي ألم بارزان حيًّا، يواجه تحديات جديدة يوميًا في سبيل المحافظة على الذاكرة وحقوق الضحايا.

  • رصد تاريخ أنفال البارزانيين والأحداث المصاحبة في 1983.
  • توضيح أثر الأنفال على الضحايا وعائلاتهم والمجتمع الكردي.
  • تسليط الضوء على أهمية الاعتراف الدولي والعدالة للضحايا.