تصدر الرياض سوق العمل بأكثر من 6 ملايين وظيفة.. هل يهدد تركيز الوظائف في المدن الكبرى الاقتصاد؟

الرياض بأكثر من 6 مليون وظيفة في سوق العمل تُعيد تشكيل التوازن الاقتصادي في المملكة مع تسليط الضوء على تحديات تركز الوظائف في المدن الكبرى التي بدأت تؤثر على البنية التحتية والخدمات الاجتماعية. في تقرير الهيئة العامة للإحصاء للربع الأول من 2025، وصل إجمالي الوظائف في السعودية إلى 12.798 مليون وظيفة، حيث استحوذت الرياض على 47% منها، ما يعادل 6.1 مليون وظيفة، متبوعة بالمنطقة الشرقية ومكة المكرمة.

تقرير الرياض بأكثر من 6 مليون وظيفة: محرك رئيسي في سوق العمل السعودي

تقرير الهيئة العامة للإحصاء يؤكد أن الرياض تحتل الصدارة بأكثر من 6 مليون وظيفة في سوق العمل السعودي، وهو رقم يعكس نمواً اقتصادياً ملحوظاً في العاصمة، حيث يتوزع إجمالي الوظائف في السعودية على أكثر من 12.7 مليون وظيفة. وتأتي المدينة الشرقية في المرتبة الثانية بـ2.4 مليون وظيفة، تليها مكة المكرمة بـ2.2 مليون وظيفة. هذا التركز الواضح في الوظائف يعكس جاذبية المدن الكبرى للاستثمار والعمل، نتيجة العديد من المشاريع الضخمة والفعاليات الدولية والإقليمية المستمرة في الرياض، والتي تعزز مكانتها كعاصمة اقتصادية للمملكة.

رؤية السعودية 2030 لعبت دوراً محورياً في تحفيز اقتصاد المدن، خاصة الرياض، من خلال تنويع مصادر الدخل بعيداً عن النفط وتقليل الاعتماد عليه، مع تأكيد البرامج الإصلاحية على زيادة مشاركة القطاعات غير النفطية في توفير فرص العمل للمواطنين. هذه الاستراتيجية انعكست إيجابياً على معدلات البطالة التي شهدت انخفاضاً ملحوظاً خلال الفترة الماضية.

تحديات تركز الوظائف في المدن الكبرى وتأثيرها على البنية التحتية والأسعار

تزايد الوظائف في الرياض وغيرها من المدن الكبرى خلق ضغوطاً متزايدة على البنية التحتية والخدمات الاجتماعية والصحية، مما أدى إلى مشكلات بيئية واجتماعية نتيجة الهجرة المستمرة من المدن الصغيرة والمتوسطة إلى المدن الكبرى بحثاً عن فرص العمل. هذا النمط يشبه أغلب الدول التي تمر بمرحلة بناء اقتصادية واجتماعية جديدة، وهو ما تمر به المملكة حالياً ضمن تشكيل اقتصادي حديث يدعم المشاريع الضخمة.

مع وجود أكثر من 6 ملايين وظيفة في الرياض، يظل السؤال حول من سيشغل هذه الوظائف من الشباب والشابات السعودي؛ إذ إن هذا التركيز يتسبب في ارتفاع ملحوظ في أسعار الإيجارات والأراضي والمواد الأساسية بسبب تزايد الطلب على السكن والخدمات، ما يشكل تحدياً للمواطنين وللشركات على حد سواء. البنية التحتية المتكاملة وجاذبية المدن الكبرى للاستثمار تفسر تمركز آلاف الشركات في الرياض والمنطقة الشرقية ومكة، ما يزيد من أعداد الوظائف المتاحة في هذه المناطق.

برنامج التوطين وتوزيع القطاعات الاقتصادية لتحقيق استدامة وظيفية وتنموية

اقتصاد المملكة يخلق ملايين الوظائف ويُعزز التوطين، وهو أمر حيوي للوصول إلى نسب بطالة قريبة من الصفر خلال السنوات القادمة. يجب أن تتسم برامج توطين الوظائف في القطاع الخاص بالصرامة لضمان إشغال المواطنين للفرص المتاحة بدلاً من العمالة الأجنبية، خصوصاً في القطاعات التي يوجد بها مواطنون مؤهلون.

لتعزيز التنوع الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة، يتعين توزيع القطاعات الاقتصادية بشكل متناسب بين مناطق المملكة، بما يخدم التنمية المحلية ويزيد من التوازن بين المدن. السياحة تمثل قطاعاً هاماً ذا مزايا تنافسية في مناطق معينة تتمتع بجمال طبيعة فريدة، وهذه المناطق بحاجة إلى دعم حكومي مستمر لتحسين بنيتها التحتية، إضافة إلى قطاعات الزراعة والصناعة وغيرها التي يمكن أن تستفيد من هذا الدعم لضمان تطوير شامل.

  • دعم البنية التحتية للمناطق السياحية لتحقيق تنمية مستدامة
  • تعزيز برامج التوطين وتطبيقها بصرامة في جميع القطاعات
  • توزيع نمط الاستثمارات الاقتصادية لتقليل التركز في المدن الكبرى

العاصمة ستظل مركز اهتمام الاقتصاد الوطني بفعل الفعاليات العالمية المرتقبة، لكن التفكير مستقبلاً يجب أن يشمل تعزيز مشاريع الرؤية في مناطق مثل نيوم والبحر الأحمر، التي تقدم بيئات عمل وحياة أقل ازدحاماً مع فرص وظيفية متنامية، ما قد يحول دون التكدس في المدن الكبرى ويخلق توازناً اقتصادياً واجتماعياً أفضل.