تحذير من جفاف غير مسبوق في العراق.. كيف تؤثر الأزمة الحالية على المياه؟

الموارد المائية في العراق تواجه تحديًا حادًا مع مرور البلاد بأكثر السنوات جفافاً منذ العام 1933، نتيجة لقلة الإطلاقات المائية من دول المنبع والتغيرات المناخية التي جعلت الخزين المائي يتناقص بشكل غير مسبوق، مما يثير المخاوف بشأن الأمن المائي وتأثير ذلك على البيئة والاقتصاد الوطني.

تأثير الجفاف على الموارد المائية في العراق منذ عام 1933

تشهد الموارد المائية في العراق انخفاضًا حادًا هذا العام، إذ يؤكد بيان وزارة الموارد المائية أن عام 2024 يُعدّ من أكثر السنوات جفافًا منذ 1933 بسبب ضعف الإطلالات من دول المنبع وتراجع كمية الأمطار، حيث بلغت الإيرادات المائية في حوضي دجلة والفرات حوالي 27% مقارنة بالعام الماضي، بينما انخفض مخزون المياه في السدود والخزانات إلى 8% من الطاقة التخزينية، بمعدل تناقص يصل إلى 57% مقارنة بعام 2023. هذا الانخفاض الكبير في الموارد المائية يؤثر سلبًا على قدرة العراق على تلبية احتياجات محافظاته المختلفة، خصوصًا في المناطق الوسطى والجنوبية، فضلاً عن التأثير المباشر على النظام البيئي في الأهوار وشط العراب.

العوامل المؤدية إلى تراجع الموارد المائية وأثرها على الأمن المائي بالعراق

يرجع تراجع الموارد المائية في العراق أساسًا إلى عاملين رئيسيين؛ الأول هو التغيرات المناخية التي أدت إلى قلة هطول الأمطار خلال السنوات الماضية، والثاني سياسة الدول المنبع، إيران وتركيا، التي من خلال بناء السدود وتحويل مجاري الأنهار قلصت من الكميات المائية التي تصل إلى العراق، مما يلقي بظلاله على الأمن المائي الوطني. وزارة الموارد المائية العراقية حذرت من أن استمرار هذا التناقص وعدم تعاون دول المنبع سيؤدي إلى تفاقم أزمة المياه وقد يهدد استقرار البلاد، ما يستدعي تحركات عاجلة ومتضافرة من الجهات المعنية على المستويات الداخلية والخارجية.

الحلول المقترحة للتعامل مع أزمة الموارد المائية في العراق

من أجل تخطي أزمة الموارد المائية التي تمر بها العراق، دعت وزارة الموارد المائية إلى توحيد الجهود ومضاعفةها عبر عدة محاور، من بينها التواصل العاجل مع دول المنبع لزيادة الإطلاقات المائية، وكذلك العمل على إزالة التجاوزات غير القانونية على المجاري المائية وتعزيز ترشيد استهلاك المياه في القطاعات الزراعية والصناعية والبلدية. تتضمن الاستراتيجية أيضًا:

• تعزيز التعاون الإقليمي بشأن إدارة الموارد المائية المشتركة
• تطوير أنظمة ري حديثة لتقليل هدر المياه في الزراعة
• تنفيذ حملات توعوية لترشيد الاستهلاك لدى المواطنين والمؤسسات

هذا الوضع الحرج يتطلب تنسيقًا مستمرًا بين الجهات الوطنية والدولية، لتفادي وقوع كارثة إنسانية بيئية ناتجة عن ندرة المياه، وللحفاظ على النظام البيئي في المناطق الحساسة مثل الأهوار وشط العراب التي تعتمد اعتمادًا كليًا على توفر الموارد المائية.

الموارد المائية في العراق تمر اليوم بأصعب مراحلها بفعل عوامل التغير المناخي والتدخلات الخارجية في مجاري الأنهار، ما يستوجب اتخاذ إجراءات حاسمة ومستدامة لإدارة المياه، بما يتناسب وحاجة البلد المستقبلية، مع السعي الدائم لضمان الأمن المائي واستقرار المجتمعات المحلية التي تعيش على ضفاف نهري دجلة والفرات.