أسعار الجنيه المصري أمام الدولار اليوم وتقييم مؤشر بيج ماك وتأثيره على الأسواق

الجنيه المصري أمام الدولار هل يعبر مؤشر «بيج ماك» عن القيمة الحقيقية للعملة وتأثيره على أسواق المال؟

أصدر مؤشر «بيج ماك» أحدث تقاريره التي تصف الجنيه المصري بأنه مقوّم بأقل من قيمته الحقيقية بنسبة 57.9% أمام الدولار الأمريكي؛ ما أثار تساؤلات واسعة حول مدى دقة هذا المؤشر في عكس الوضع الحقيقي لأسواق المال. يتساءل الكثيرون عما إذا كان هذا المؤشر يعكس القوة الشرائية الحقيقية للعملة وأداء الاقتصاد أم أنه مجرد أداة تسويقية لا تستند إلى معايير اقتصادية قوية.

كيف يقيّم مؤشر «بيج ماك» الجنيه المصري أمام الدولار وتأثيره على أسواق المال؟

يستند مؤشر «بيج ماك» الصادر عن مجلة الإيكونوميست البريطانية إلى مبدأ «تعادل القوة الشرائية»، حيث يقارن سعر وجبة البيج ماك في بلدين مختلفين ليحدد إن كانت العملة مقوّمة بأعلى أو أقل من قيمتها الحقيقية، وهو ما يظهر في أن الجنيه المصري يقوّم بأقل من قيمته بنسبة كبيرة. توضح المجلة عبر موقعها الرسمي أن الهدف من هذا المؤشر هو عكس مقدار الأشياء التي يمكن شراءها بنفس قيمة العملة، مثل أن 10 دولارات في أمريكا تساوي 40 يوان في الصين لشراء نفس المنتج، بالتالي القوة الشرائية مختلفة ويُحدد سعر صرف مبني على ذلك.

لكن مع ذلك، يشير هذا المؤشر إلى عامل واحد فقط وهو سعر ساندويتش بيج ماك، ما لا يعكس بالضرورة معايير السوق الفعلية. فتكلفة المواد الخام، وفرق الأسعار في العرض والطلب، والظروف الاقتصادية تختلف بين الدول، مما يجعل مقارنة الجنيه المصري أمام الدولار باستخدام مؤشر «بيج ماك» أمراً غير دقيق على الإطلاق.

معايير تقييم الجنيه المصري أمام الدولار: بين مؤشر «بيج ماك» والمقاييس الاقتصادية الأخرى

يرى البنك الدولي أن المقاييس الحقيقية لتقييم أداء العملات تركز بشكل أكبر على مؤشرات اقتصادية دقيقة كالناتج المحلي الإجمالي (GDP) والناتج المحلي للفرد، التي تعكس القوة الاقتصادية والقدرة الشرائية الحقيقية للدولة، وهي معايير تستخدم لتقييم أداء العملات بشكل موضوعي. هذه المؤشرات تعكس تغيرات النمو الاقتصادي ومستوى دخل السكان، وتُستخدم عادة من قبل المؤسسات المالية العالمية لدراسة الاقتصادات ومقارنتها.

وبحسب البنك الدولي، فإن الناتج المحلي الإجمالي هو المؤشر الأساسي الذي يوضح ثراء الدولة وقدرتها على الوفاء باحتياجات مواطنيها ومدى استقرار عملتها، ما يجعل تقييم الجنيه المصري أمام الدولار عبر هذا المعايير أكثر موثوقية من الاعتماد على مؤشر بسيط كـ«بيج ماك».

لماذا لا يعكس مؤشر «بيج ماك» الوضع الحقيقي للجنيه المصري أمام الدولار والسوق المالي؟

أكد أحمد معطي، خبير أسواق المال، أن مؤشر «بيج ماك» لا يعكس الوضع الحقيقي لأسواق المال ولا يمكن اعتباره مؤشراً معتمداً للتعبير عن أداء العملات إلا إذا تبنته مؤسسات مالية دولية كالبنك الدولي أو صندوق النقد. وأوضح معطي في تصريحات لـ«المصري اليوم»، أن تقييم العملات يرتبط بالعديد من العوامل الاقتصادية التي تشمل:

• سياسة العرض والطلب في السوق النقدي.
• مستوى الاحتياطيات النقدية للدولة.
• قدرة السياسة النقدية على التحكم في العملة.
• مستويات الدين والالتزامات المالية.
• الإيرادات العامة التي تحققها الدولة.

وأضاف أن حساب قيمة العملة بناء على سعر ساندويتش لا يراعي التكاليف المختلفة في الإنتاج من اليد العاملة، المواد الأولية، والتشغيل التي تختلف بين مصر وأمريكا؛ وهذا يجعل مؤشر «بيج ماك» غير مناسب كمقياس حقيقي لتقييم الجنيه أمام الدولار. كما وصف مؤشر «بيج ماك» بأنه أداة تسويقية بحتة أكثر منها أداة اقتصادية تعكس واقع العملة أو الاقتصاد.

في أوائل فبراير 2025، شهدت مواقع التواصل الاجتماعي جدلاً حول تسعير الدولار في مصر بعد صدور نسخة يناير من مؤشر «بيج ماك» التي اعتبرت الجنيه المصري أقل من قيمته الحقيقية بنسبة 53.6% مقارنة بالدولار، استناداً إلى سعر الساندويتش في مصر والولايات المتحدة، وهو ما أعاد إثارة النقاش حول مدى صحة الاعتماد على هذا المؤشر لتقييم العملة.

يتبين أن الجنيه المصري أمام الدولار لا يمكن قياسه بدقة عبر مؤشر «بيج ماك» فقط، إذ أن المؤشرات الاقتصادية الكبرى والسياسات المالية هي التي تحدد قيمته الحقيقية وأداء أسواق المال، بينما يظل مؤشر «بيج ماك» مجرد أداة نسبية تعتمد على ظاهرة أسعار السلع المحلية دون النظر إلى العوامل الاقتصادية المتنوعة التي تتحكم في سعر الصرف واستقرار العملة.