نظرية مثيرة تتهم البشر بتدمير الحياة على المريخ.. ما حقيقة الأمر؟

هل دمر البشر الحياة على المريخ دون قصد خلال محاولات استكشاف الكوكب؟ هذه النظرية المثيرة للجدل تعيدنا إلى أحد أكثر الأسئلة العلمية إلحاحًا في العقود الأخيرة، حيث تُشير إلى احتمال أن البشر قد وجدوا أدلة على وجود حياة مجهرية على المريخ قبل نحو خمسين عاماً، ولكن طرق التجارب التي أُجريت آنذاك ربما أدت إلى القضاء عليها دون قصد. هذا التصور يفتح نقاشًا جديدًا حول أثر أخطاء الماضي العلمي على فرص الكشف عن حياة خارج الأرض وكيف يمكن أن تؤثر على مستقبل استكشاف الفضاء.

هل دمر البشر الحياة على المريخ؟ رحلة البحث عن أدلة حياتية على الكوكب الأحمر

لطالما شكّل البحث عن حياة خارج الأرض هوسًا مستمرًا للبشرية منذ بدء استكشاف النظام الشمسي؛ فقد تحوّلت هذه المهمة إلى المحرك الأساسي للعديد من البعثات الفضائية الضخمة، التي أُرسلت إلى الكواكب والأقمار المختلفة، مع محاولة التقاط الإشارات الراديوية في الفضاء، جميعها تسعى لتحقيق حلم الكشف عن كائنات ذكية. ولكن نظريّة هل دمر البشر الحياة على المريخ لا تعكس فحسب هذا السعي، بل تكشف مفارقة محزنة تفيد بأن التجارب والتقنيات التي استُخدمت في الماضي الواقعي لاستكشاف المريخ ربما أجهضت فرص التعرف على الحياة الحاضرة هناك، عن طريق الخطأ.

هل دمر البشر الحياة على المريخ؟ الكشف عن مركبات عضوية مكلورة وتقييم التجارب العلمية

في عام 2023، عاد عالم الفلك ديرك شولز ماكوش ليطرح هذه النظرية التي أثارت الجدل بقوة؛ فقد استند إلى فرضية مفادها أن مركبتي فايكينغ التابعتين لوكالة ناسا في السبعينيات ربما اكتشفا علامات على وجود حياة مجهرية في تربة المريخ، ولكن تصميم واختبار التجارب تسبب في القضاء عليها قبل تسجيل أي دليل قاطع. خلال مهمتي 1976 و1977، عثرت المجسات على مركبات عضوية مكلورة تحتوي على الكربون والكلور، والمرجح أنها نتجت من عمليات بيولوجية. ورغم ذلك، اعتبر علماء ناسا في حينها أن هذه المركبات قد جلبت تلوثًا أرضيًّا، فتجاهلوا أهمية الاكتشاف. ومع مرور السنوات، أكدت مركبات أحدث وجود مركبات عضوية مشابهة داخل عينات المريخ، مما أعاد جدل ماكوش إلى الواجهة بشأن تسرع علماء ناسا في إهمال هذه الإشارات.

هل دمر البشر الحياة على المريخ؟ جدل التجربة وتأثير الماء الأرضي على الحياة الميكروبية

يُشير الدكتور ماكوش إلى أن الحياة الميكروبية على كوكب المريخ ربما عاشت داخل صخور مالحة جافة قادرة على امتصاص الرطوبة، مما جعلها متأقلمة على بيئة قاسية جداً. لكن التجارب التي أُجريت على مركبتي فايكينغ تضمنت إغراق التربة المريخية بماء من الأرض، وهذه الخطوة قد تكون قد سببت صدمة بيئية قاتلة للكائنات الدقيقة هناك، إذ أن الماء ربما كان عنصرًا مميتًا في تلك الظروف المختلفة تمامًا عن بيئة الأرض. يعتبر ماكوش أن هذا خطأ علمي جسيم نشأ من عدم الأخذ بعين الاعتبار قدرة هذه الميكروبات على تحمل مثل هذا التغيير المفاجئ في الوسط.

رغم ذلك، رفضت وكالة ناسا هذه النظرية، حيث أكد الدكتور كريس مكاي، كبير العلماء في ناسا، أن مركبتي فايكينغ لم تجدا أدلة قاطعة على وجود حياة على سطح المريخ. بحسب مكاي، كانت احتمالية تأثير الماء على الميكروبات في بيئة قاحلة معروفة خلال تصميم التجارب، وأن نتائج فايكينغ لم تُظهر أي نشاط بيولوجي يمكن تفسيره بوجود حياة.

ومع ذلك، دعمت اكتشافات مركبة بيرسيفيرانس هذا الجدل حين وجدت مركبات عضوية مثل الألكانات، التي تتكون من ذرات الكربون والهيدروجين، وتُعد مؤشرًا لإمكانية وجود نشاط بيولوجي سابق على الكوكب الأحمر. وفي ضوء قدرة بعض الميكروبات على التكيّف مع بيئات قاسية تحتوي على ملح وبركلورات سامة، يرى ماكوش أن احتمال وجود حياة ميكروبية قديمة على المريخ قوية، وربما كانت مركبات فايكينغ هي السبب المباشر في زوالها خلال التجارب المعملية.

• مركبات فايكينغ اكتشفت مركبات عضوية مكلورة في تربة المريخ
• استخدام ماء الأرض في تجارب الترطيب قد يكون قتل الميكروبات المريخية
• ناسا تنفي وجود دليل قاطع على حياة في نتائج فايكينغ
• اكتشاف مركبات عضوية حديثًا يعزز فرضية وجود حياة ميكروبية قديمة
• تفاوت آراء العلماء ينقل الجدل إلى دائرة جديدة في علم الفضاء

مع اقتراب الذكرى الخمسين لإطلاق مركبة فايكينغ، عادت هذه النظرية لإشعال النقاش في الأوساط العلمية ووسائل الإعلام، ما يعكس الحاجة الملحة لإعادة تقييم طرق استكشاف المريخ وتصميم التجارب القادمة بطريقة تحافظ على فرص اكتشاف الحياة. طرح التساؤلات الفلسفية حول مصير الإنسان في الكون، وحقيقة ما إذا كنا وحدنا أو إذا كانت هناك حياة أخرى تعرضت للزوال قبل أن نعرفها، يجعل كوكب المريخ أكثرَ جاذبيةً وحذرًا في آن معاً، داعيًا لاستكشافه بمسؤولية أكبر وفهم أعمق لتاريخنا العلمي وأخطائه المحتملة.