تجربة الدكتور عاصم منصور الشخصية مع مواجهة السرطان عن قرب

استكشاف “السرطان من المسافة صفر”: رؤية شاملة لتجربة المرض وتأثيراته

يعتبر كتاب “السرطان من المسافة صفر” وثيقة علمية وإنسانية تتناول مرض السرطان ببعد متعدد الأوجه، حيث لم يقتصر المؤلف الدكتور عاصم منصور على الجانب الطبي فقط، بل عمق في تحليل الأبعاد الاجتماعية والنفسية والفلسفية للحالة التي يمر بها المريض منذ لحظة التشخيص وحتى رحلة العلاج الطويلة. الكتاب، المكون من 677 صفحة على مدار 23 فصلاً، يستعرض بشكل مبسط ولكن علمي مراحل تشخيص السرطان والعلاجات التقليدية والمتطورة كالطب الدقيق والعلاج المناعي، مع سرد واقعي ومؤثر لتجارب فعلية لمرضى مواجهة المرض بكل ما يحمله من ألم وأمل.
هذه التجربة التي تمتد من فقدان شخص عزيز إلى قيادة مركز الحسين للسرطان، تمثل صلب كتاب “السرطان من المسافة صفر”، حيث يزود القارئ برؤية مستندة إلى مئات القصص الواقعية والتحديات التي تعكس تجارب المرضى والعاملين في مجال مكافحة السرطان.

أبعاد متعددة في “السرطان من المسافة صفر”: العلم والتكنولوجيا والرعاية النفسية

يغوص الكتاب في أبعاد متعددة لتجربة المريض مع السرطان، بدءًا من التاريخ الطويل لهذا المرض منذ العصور القديمة، مرورًا بتطور أساليب العلاج حتى العصر الرقمي الذي بات يعتمد على الذكاء الاصطناعي والروبوتات في تشخيص أدق وتحسين نسب الشفاء. إلى جانب التطورات العلمية، يسلط الدكتور منصور الضوء على الفجوة الكبيرة بين الدول المتقدمة والنامية من ناحية توفر العلاج المناسب، مع تأكيده على التحديات التي تواجه الرعاية الصحية في الوطن العربي من ضعف البنية التحتية وندرة خدمات الطب المتخصص.

ويخصص المؤلف مساحة مهمة للجانب النفسي، الذي يعتبره نواة نجاح العلاج؛ لأن الصدمة التي يتعرض لها المريض وأسرته فور التشخيص لا تقل أهمية عن الإجراءات الطبية، ويؤكد الدكتور منصور على ضرورة الدعم النفسي من الأسرة والمجتمع والجماعات المرتبطة، مستعرضًا حالات مرضى حوّلوا خوفهم إلى قوة وصبرهم إلى انتصارات في مواجهة المرض الخبيث.

• تاريخ السرطان عبر العصور وتأثيره على العلاج
• دور الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحديثة في التشخيص والعلاج
• الفجوة بين الدول في تقديم خدمات الرعاية والتحديات الصحية في الوطن العربي
• الدعم النفسي وأهميته في نجاح رحلة علاج السرطان

مفهوم “السرطان من المسافة صفر” كدعوة للوعي والإنسانية

يرفض الدكتور منصور بشكل قاطع الربط بين مرض السرطان كذنب يقع على عاتق المريض، مشددًا بدلاً من ذلك على أهمية الوقاية من خلال تجنب العوامل المسببة مثل التدخين وسوء التغذية، لكنه يقر بأن هناك عوامل خارجة عن السيطرة البشرية، تجعل من المرض قَدَرًا يستدعي مساندة علمية ومجتمعية وإنسانية متكاملة.
ويسعى كتاب “السرطان من المسافة صفر” ليكون مصدرًا علميًا موثوقًا وبوصلة للقارئ العربي الذي يفتقر عادةً للمصادر التي تجمع بين تبسيط المعلومات والعمق العلمي، مع التركيز على التفاوت في أنظمة الرعاية الصحية العربية ومدى توفر العلاجات المتقدمة بعيدًا عن التأثيرات السياسية والاقتصادية التي تعيق التفاعل الحقيقي مع المرض.

يشكل كتاب “السرطان من المسافة صفر” تحفة فكرية وإنسانية تتجاوز إطار الكتابات الطبية التقليدية، حيث يجمع بين المعرفة العلمية والبعد النفسي والاجتماعي، ويقدم رؤية عميقة تتحدى الصور النمطية عن المرض لتزرع في القارئ روح الأمل والمثابرة، وتجعل منه أكثر فهمًا لحقيقة السرطان وتعقيداته، فهو ليس مجرد مرض جسدي بل معركة متكاملة تبدأ من القلب والعقل قبل أن تبدأ في الجسد