الميتفورمين تحت المجهر.. هل نكشف السر وراء خفض سكر الدم؟

الميتفورمين وعلاقته بخفض سكر الدم عبر تأثيره على الأمعاء وبكتيريا الأمعاء

الميتفورمين وعلاقته بخفض سكر الدم تعتبر من المواضيع البحثية التي شهدت تطورات مهمة حديثًا، حيث كشفت دراسة يابانية حديثة أن آلية عمل دواء الميتفورمين ليست مقتصرة على الكبد فقط، بل تمتد لتشمل الأمعاء، من خلال دفع الجلوكوز إلى الأمعاء ليصبح غذاءً للبكتيريا النافعة، مما يفتح أفقًا جديدًا لفهم كيفية خفض سكر الدم بطريقة غير مباشرة.

الميتفورمين وعلاقته بخفض سكر الدم: كيف يحفّز الجلوكوز في الأمعاء لتحسين حساسية الإنسولين

أظهرت الدراسة أن الميتفورمين يحث الجسم على إفراز الجلوكوز من الدم إلى الأمعاء، حيث تستفيد بكتيريا الأمعاء المفيدة من هذا الجلوكوز، وتحوله إلى مركبات كيميائية تلعب دورًا فعالًا في تحسين حساسية الإنسولين وتقليل الالتهاب المزمن، وهما عاملان أساسيان في تنظيم مستوى السكر بالدم؛ يقدم هذا الاكتشاف تفسيرًا جديدًا للآلية العلاجية للميتفورمين، ويعطي العلماء رؤية مختلفة لمحاربة مرض السكري من النوع الثاني الذي يصيب الملايين حول العالم.

الآليات الدقيقة وراء الميتفورمين وعلاقته بخفض سكر الدم: الدور الحيوي لبكتيريا الأمعاء والأحماض الدهنية قصيرة السلسلة

قام الباحثون بتحليل بيانات خمسة مرضى مصابين بالسكري، بالإضافة إلى تجارب على الفئران، فوجدوا أن تناول الميتفورمين أدى إلى مضاعفة كمية الجلوكوز التي تُفرز في الأمعاء تقريبًا، ما يشير إلى طريقة بديلة وغير مباشرة للتحكم بمستويات السكر في الدم. عند انتقال الجلوكوز إلى الأمعاء، يعزز ذلك نمو بكتيريا محددة تنتج أحماضًا دهنية قصيرة السلسلة، وهي مركبات مشهورة بفوائدها في دعم الحاجز المعوي، خفض الالتهاب، وتحسين استجابة الجسم للإنسولين.

• دعم نمو البكتيريا النافعة في الأمعاء
• زيادة الإنتاج من الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة
• تحسين وظيفة الحاجز المعوي وتقليل الالتهاب
• تعزيز حساسية خلايا الجسم للإنسولين

دراسة جديدة تكشف كيف يساهم الميتفورمين وعلاقته بخفض سكر الدم من خلال تتبع الجلوكوز الثقيل في الأمعاء

للتأكد من هذه الآليات، استخدم الفريق البحثي من جامعة كوبي اليابانية جلوكوزًا معدلًا يحتوي على نظير ثقيل من الكربون، مما أتاح تتبع انتشار الكربون داخل الجسم. أظهرت التحليلات أن بكتيريا الأمعاء قامت بتحويل هذا الجلوكوز إلى أحماض دهنية قصيرة السلسلة تحمل الكربون الثقيل ذاته، مما يؤكد الدور المباشر للبكتيريا في فعالية الميتفورمين. وبهذا لا يُخفض الدواء نسبة السكر فقط من خلال تقليل انتاج الجلوكوز في الكبد أو تحسين الاستجابة الخلوية للإنسولين، بل يؤثر أيضًا على البيئة المعوية التي تلعب دورًا مزدوجًا: تخفيف الالتهاب وتعزيز استجابة الأنسولين بفضل البكتيريا النافعة.

نقاط قوة وتأثيرات الميتفورمين على الأمعاء التفاصيل زيادة إفراز الجلوكوز في الأمعاء تضاعف كمية الجلوكوز المنقول إلى الأمعاء مع تناول الميتفورمين تحفيز نمو بكتيريا الأمعاء النافعة تعزز البكتيريا المنتجة للأحماض الدهنية قصيرة السلسلة تحسين الحاجز المعوي وتقليل الالتهاب أثر إيجابي على صحة الأمعاء وتقليل الالتهاب المزمن زيادة حساسية الإنسولين تعزيز استجابة الجسم للإنسولين، مما يساعد في ضبط سكر الدم

رغم هذه المعطيات المبشرة، تحمل الدراسة بعض القيود التي لا يمكن تجاهلها، على رأسها حجم العينة البشرية الصغيرة التي اقتصرت على خمسة مرضى فقط، بالإضافة إلى تفاوت الجرعات المأخوذة، واعتماد التجارب على ذكور الفئران فقط؛ ما يثير تساؤلات عن تأثيرات تتعلق بالجنس والعمر والنظام الغذائي، ولا يزال السؤال قائمًا حول مدى تأثير الزيادة في الأحماض الدهنية على صحة الأمعاء والفئران بشكل عام.

الدكتور واترو أوغاوا، قائد فريق البحث، يشير إلى أن العمل مستمر في دراسة موسعة تشمل عددًا أكبر من المرضى، بهدف تحليل أعمق لتأثير الميتفورمين وعلاقته بخفض سكر الدم عبر تعديل الميكروبيوم المعوي؛ هذه النتائج قد تُحدث تحولًا جذريًا في علاج السكري، خصوصًا عبر استراتيجيات تنشئ توازنًا بين بكتيريا الأمعاء سواء بتغذيتها الطّبيعية أو عبر تصميم أدوية تُفعّل المسارات البيولوجية المعنية.

الميتفورمين لم يعد كذلك مجرد دواء تقليدي لخفض السكر، بل أصبح بوابة لفهم العلاقة المعقدة بين الأمعاء، الدماغ، والهرمونات؛ يمكن أن يكون المفتاح الأمثل للسيطرة على داء السكري موجودًا في ميكروبيوم الأمعاء، ومع استمرار البحث العلمي، قد تفتح هذه الرؤية بابًا لعلاجات مبتكرة تعتمد على تعديل البيئة المعوية بطرق مستهدفة وذكية.