كيف تؤثر الخوارزميات في حياتنا الرقمية دون أن نشعر؟

هل أصبحنا نعيش في فقاعة رقمية تشكلها الخوارزميات دون أن ندرك؟ هذه الظاهرة باتت جزءًا لا يتجزأ من تجربتنا اليومية على الإنترنت، حيث تتلاعب الخوارزميات بمعايير تقدم المحتوى بما يخدم زيادة بقائنا أمام الشاشات، حتى وإن أدى ذلك إلى خلق عوالم رقمية منفصلة لكل منا تختزل وجهات نظر محددة وتتجاهل غيرها بالكامل.

كيف تُبنى الفقاعة الرقمية وتأثير الخوارزميات عليها

الفقاعة الرقمية ليست مجرد مصطلح عابر، بل هي واقع نعيشه بلا شعور يفرضته الخوارزميات التي تدير تطبيقات ومواقع التواصل الاجتماعي الشهيرة، مثل فيسبوك، تيك توك، ويوتيوب. فهذه الخوارزميات تهدف في المقام الأول إلى زيادة مدة تفاعل المستخدمين مع المحتوى المقدم، لذلك تتابع كل حركة نقوم بها، من الإعجاب والمشاركة إلى الوقت الذي نمضيه أمام منشور معين، ثم تبني على هذا أساس “عالمًا رقميًا” فريدًا لكل مستخدم. في هذه الفقاعة الرقمية نسمع فقط ما يطابق ميولنا واهتماماتنا، ونبعد تمامًا كل ما قد يعارضها، مما يجعلنا نتصور أن الرأي الذي نحتضنه هو الرأي السائد بين الجميع، أو نصور “الآخر” بصورة مشوّهة تثير النفور والرفض.

الفقاعة الرقمية بين الواقع والدراسات العلمية الحديثة

تشير دراسات عدة إلى عمق تأثير الفقاعة الرقمية المدعومة بخوارزميات التخصيص، حيث أكدت دراسة جامعة ستانفورد في 2024 أن 64% من المستخدمين الأمريكيين يعتقدون خطأً أن المحتوى الذي يظهر لهم يعكس غالبية المجتمع، بينما الواقع يظهر أنه تمثل فئة محدودة فقط من وجهات النظر. تقرير مؤسسة إيدلمان أظهر أيضًا كيف تزداد فجوة الفهم بين الأفراد مع اعتمادهم المتزايد على محتوى مخصص يت شكل حسب تفضيلاتهم الرقمية. حتى محركات البحث لم تسلم من هذه الظاهرة، إذ تعرض نتائج مختلفة لنفس البحث تبعًا لسجل التصفح واهتمامات المستخدم الشخصية، مما يعكس بقوة كيف أن الفقاعة الرقمية والنظام الخوارزمي مهندسان للمعلومات التي نتلقاها بشكل خاص.

الدراسة النتيجة الرئيسية
جامعة ستانفورد 2024 64% من المستخدمين يعتقدون أن المحتوى يعكس غالبية المجتمع
مؤسسة إيدلمان اتساع فجوة الفهم بسبب زيادة الاعتماد على محتوى مخصص

مخاطر الفقاعة الرقمية التي تشكلها الخوارزميات وتأثيرها على حياتنا

الفقاعة الرقمية التي تفرضها الخوارزميات تتجاوز كونها اختلافًا في الآراء؛ فهي تحد من انفتاح الفكر، إذ يصعب بناء حوار حقيقي عندما نسمع فقط صدى أفكارنا. علاوة على ذلك، فإنها تعزز التطرف، فالأفكار المتطرفة التي يتم تكرارها ضمن هذه الفقاعات تبدأ بالظهور كأنها بمثابة الحقيقة الطبيعية. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، فهناك تأثير سياسي بالغ الخطورة، حين تُستخدم هذه الفقاعات لاستهداف شرائح مختلفة بحملات دعائية مختلفة تزيد من الانقسام الاجتماعي. في النهاية، تتحول هذه الفقاعة إلى أداة لتزييف الواقع، تجعلنا غير قادرين على رؤية الصورة كاملة وبموضوعية.

  • انغلاق الفكر وصعوبة الحوار الحقيقي
  • تعزيز الأفكار المتطرفة وانتشارها
  • تأثير تقسيمي في الحملات الانتخابية والسياسية
  • تزييف الواقع والإلغاء التدريجي للرؤية الشاملة

كيف يمكننا كسر الفقاعة الرقمية التي فرضتها الخوارزميات؟

رغم صعوبة الهروب التام من تأثير الخوارزميات، يمكننا تخفيف أثر الفقاعة الرقمية بشكل ملحوظ عبر عدة خطوات بسيطة لكنها فعالة تضيف تنوعًا إلى المحتوى الذي نعرض عليه أنفسنا. من أهم هذه الخطوات متابعة صفحات ووسائل إعلام تعكس اتجاهات مختلفة وتفتح آفاقًا متنوعة للتفكير. كذلك، البحث اليدوي عن مواضيع جديدة وغير مألوفة لنا يوسع دائرتنا المعرفية. إيقاف التشغيل التلقائي للمحتوى التالي في منصات مثل يوتيوب وتيك توك يمنحنا فرصة لاختيار ما نريد مشاهدته. كما أن قراءة الكتب والمقالات الطويلة خارج اهتماماتنا اليومية تساعد على رؤية أعمق. والأهم ينطوي على التساؤل المستمر: «من المستفيد من أن أرى هذا المحتوى دون غيره؟»

  • متابعة مصادر إعلامية متنوعة
  • البحث عن موضوعات جديدة بوعي
  • إيقاف التشغيل التلقائي للمحتوى المرئي
  • قراءة مواد طويلة وبعيدة عن الاهتمامات اليومية
  • التساؤل المستمر عن من المستفيد من المحتوى المقدم

تظل السيطرة الخوارزمية على المحتوى الرقمي أمرًا لا مفر منه بالكامل، لكن الوعي العميق بكيفية عملها يفتح أمامنا طرقًا لرؤية أكثر تعددية وشمولية. الإنسان الذي ينفتح على مصادر مختلفة وينظر إلى الحقيقة من زوايا متعددة يكون أكثر قدرة على الفهم والتسامح، ويتجنب الانجرار وراء أصوات الانقسام والضجيج الرقمية التي تصنعها الفقاعة الرقمية.