قانون الإيجار القديم يهدد انهيار العقارات وسكان القاهرة والجيزة في خطر

قانون الإيجار القديم وأزمته مع انهيار العقارات في القاهرة والجيزة يعكسان واقعًا مأساويًا يتكرر عبر انهيارات متلاحقة في عقارات سكنية آيلة للسقوط، الأمر الذي يثير قلق السكان وخشية حدوث كارثة إنسانية وعمرانية تتفاقم يوميًا.

تعدد انهيارات العقارات ودور قانون الإيجار القديم في تفاقم الأزمة

شهدت محافظتا القاهرة والجيزة ستة انهيارات متفرقة خلال شهري يونيو ويوليو 2025، كان أبرزها انهيار عقار مكون من 7 طوابق في شارع قدري بمنطقة السيدة زينب بتاريخ 18 يونيو، حيث أودى الحادث بحياة 9 أشخاص، وأصاب 5 آخرين، وأدى إلى إخلاء عدة مبانٍ مجاورة كإجراء احترازي، وسط تحذيرات من تكرار الانهيارات في أحياء عدة مثل مصر القديمة، السيدة زينب، منطقة الساحل بشبرا، والطالبيّة.
هذه الحوادث المتكررة كشفت عمق الأزمة التي يعاني منها قطاع العقارات القديمة، حيث ثبت أن العديد من هذه المباني تعاني من ضعف كبير في بنيتها العمرانية، ما يشكل تهديدًا مستمرًا على حياة السكان، وما زاد من حدتها رغم خطورتها “قانون الإيجار القديم” الذي يحفظ وضعًا غير اقتصادي ويبقي العلاقة الإيجارية بقيود تعوق صيانة المباني.

كيف يؤثر قانون الإيجار القديم على صيانة العقارات القديمة في القاهرة والجيزة؟

يلعب قانون الإيجار القديم دورًا مركزيًا في تعذر صيانة كثير من العقارات، إذ إن الإيجارات المنخفضة التي لا تتعدى غالبًا بعض الجنيهات تجعل من صعب على الملاك توفير تكلفة الترميم والصيانة الدورية التي تحمي المباني من الانهيار، فيما تستمر العلاقة الإيجارية لعقود طويلة بلا مراجعة أو تحسين في الشروط، مما يزيد من تدهور وضع المباني دون قدرة على التدخل الجذري.
وفي تصريحات صحفية، أشار د. إبراهيم صابر، محافظ القاهرة، إلى أن أغلب المباني المنهارة تعود إلى فترات زمنية قديمة وتتبع نظام الإيجار القديم، موضحًا أن غياب الصيانة الدورية والتأجيل المستمر لأعمال الترميم كان من العوامل الرئيسية التي أدت إلى هذه الانهيارات المتتالية، بينما أكد المهندس عادل النجار في الجيزة أن قرارات الإزالة تعتمد على تقارير فنية، إلا أن حجم المشكلة يفوق الإمكانيات المتوافرة حاليًا.

مشروع قانون الإيجار القديم الجديد كخطوة لإعادة بناء الأمان في العقارات المتدهورة

في ظل تصاعد الحوادث، بدأت الحكومة المصرية معالجة الأزمة عبر تشكيل لجان فنية لرصد العقارات المهددة بالانهيار، واتخاذ قرار الإخلاء أو الترميم حسب حالة العقار؛ غير أن التحديات الفصلية متعددة من قبيل الكثافة السكانية، الإجراءات القانونية المعقدة، وصعوبة توفير بدائل سكنية فورية.
يبرز مشروع قانون الإيجار القديم الجديد كحلّ مستقبلي يواكب الواقع المتغير، إذ يتضمن ما يلي:

  • رفع تدريجي لقيمة الإيجارات خلال فترة انتقالية تسمح للطرفين بالتكيف
  • تحويل العلاقة الإيجارية إلى القانون المدني بعد انتهاء المهلة المحددة
  • إلزام الملاك بإجراء الصيانة اللازمة للمباني
  • إتاحة تدخل الدولة في حال تقاعس الملاك عن تنفيذ الصيانة

رغم ما يطرحه القانون الجديد من حلول واعدة، فإن اعتراضات بعض الجمعيات وممثلي المستأجرين، خصوصًا الفئات الأشد ضعفًا اقتصاديًا، تعقد مسار التنفيذ وتؤكد الحاجة إلى توافق مجتمعي عاجل لتجنب كارثة عمرانية واجتماعية أكبر.

في العديد من الأحياء الشعبية والتاريخية، لا تتحلى الأسر المهددة بانهيار بيوتِها برفاهية الانتظار، كما تعبر السيدة “أم حسن” من السيدة زينب التي أُجبرت على إخلاء منزلها مجاورًا لعقار منهار حيث تقول: “بنام كل يوم وأنا مش عارفة أصحى تاني ولا لأ.. الحيطان مش متماسكة، وكل ما نشتكي محدش بيرد علينا”؛ تعبير عن مأساة يعيشها عدد كبير من السكان الذين لا يجدون صدى كافي لشكاواهم وسط تقادم المباني وبطء الاستجابة.
تكرار انهيار العقارات في فترة قصيرة يعكس أزمة مركبة تجمع بين عوامل اقتصادية، قضائية، وهندسية في آنٍ معًا، تتطلب وحدة جهود الحكومة، الأحياء، والمجتمع المدني لوقف نزيف الأرواح والممتلكات، وتحقيق استقرار عمراني حقيقي لا يهدد حياة المواطنين.