لماذا يستمر سعر الأرز في الارتفاع رغم العرض الوفير؟

أسباب استمرار ارتفاع أسعار الأرز في إندونيسيا رغم وفرة المخزون وتأثيرها على السوق المحلي
تستمر أسعار الأرز في إندونيسيا بالارتفاع بشكل غير متناسب مع وفرة المعروض، حيث تجاوزت أسعار الأرز المتوسط مستويات أعلى سعر تجزئة (HET) لأكثر من عام، مما أثار تساؤلات واسعة حول أسباب هذا التناقض بين وفرة المخزون وارتفاع الأسعار في السوق المحلية.

تحليل أسباب ارتفاع أسعار الأرز في إندونيسيا رغم وفرة المخزون

تشير بيانات وزارة الزراعة الإندونيسية إلى أن مخزون الأرز الحكومي بلغ في أبريل الماضي حوالي 3.18 مليون طن، وهو أكبر مخزون منذ 23 عاماً وربما منذ استقلال البلاد. كما سجل الإنتاج الوطني من الأرز ارتفاعًا بين 50 إلى 62% خلال الفترة من يناير إلى أبريل، مما يدل على فائض في المعروض. إلا أن هذا الفائض لم ينعكس على الأسعار، بل استمرت في الصعود، ليبلغ سعر الأرز المتوسط في السوق حوالي 13,943 روبية للكيلوغرام، وسعر الأرز الممتاز 15,748 روبية.
توضح الرابطة الإندونيسية للاقتصاد السياسي (AEPI) أن السبب الرئيسي يعود إلى عدم تكامل واستمرارية سياسة الأرز بين الجهات المعنية بالمنبع والوسط والمصب، حيث يُحتجز المخزون دون توزيعه بشكل فعال في الأسواق، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار رغم وفرة الحبوب المخزنة. كما يشير خبراء الزراعة إلى أن الأرز سلعة غير دائمة، وتخزينها لفترات طويلة يؤدي إلى تدهور الجودة، وزيادة تكاليف الإدارة، ويجب أن يتم تداولها بشكل مستمر لضمان التوازن في السوق.

الاختلالات التنظيمية وتأثيرها على أسعار الأرز في إندونيسيا

ثلاثة أسباب رئيسية تلعب دوراً في استمرار ارتفاع أسعار الأرز في إندونيسيا بالرغم من زيادة الإنتاج والمخزون، وهي:

• عدم تساوي الإنتاج وتوزيعه: ففي النصف الأول من عام 2025، بلغ الإنتاج 18.76 مليون طن، مع فائض 3.2 مليون طن بعد الاستهلاك، حيث استحوذت بولوغ على 2.6 مليون طن، فيما توزع الباقي على مطاحن وتجار صغار يفتقرون لإمكانيات التخزين المناسبة.
• الجمود الحكومي: توقف الدعم الغذائي واستقرار أسعار السلع الغذائية (SPHP) في بداية العام أديا إلى استمرار ارتفاع الأسعار، رغم أن هناك خطط لمساعدة 16 مليون أسرة وتوفير 150 ألف طن كجزء من برامج الدعم الغذائي، ولكنها لم تُنفذ.
• عدم تناسق تعديل الأسعار: ارتفاع سعر الفحم الجاف المحصود (GKP) من 6,000 إلى 6,500 روبية لم يُصاحَب بتعديل موازٍ لـHET الخاص بالأرز المتوسط والممتاز، مما أدى إلى عدم التحكم في سعر الأرز بالسوق.

التحديات المستقبلية والحلول المقترحة لتنظيم سوق الأرز في إندونيسيا

تكشف التجربة الإندونيسية عدم قدرة التخزين الضخم للمخزون الحكومي على ضمان استقرار الأسعار، خاصة عندما تتوقف عمليات التوزيع والتدخل بالسوق. يوضح المسؤولون الزراعيون أن استمرار ارتفاع أسعار الأرز منطقي في ظل هذه الظروف، ويشدّدون على ضرورة تدخّل الدولة الفاعل لتصحيح السياسات المتبعة، وإعادة توزيع المخزون الحكومي بشكل سريع ومناسب.
يوضح الجدول التالي مقارنة بين أسعار الأرز في السوق وأسعار تجزئة HET للفترة الأخيرة:

يوضح الخبراء أن استمرار المخزون الضخم دون تدفق حقيقي للأسواق يؤدي إلى تضخم تكاليف التخزين وفقدان جودة الأرز، مما يلقي بظلاله على المنتجين والمستهلكين على حد سواء. من الضروري أن تعتمد الحكومة سياسات متكاملة تأخذ في الاعتبار الإنتاج والتوزيع والتخزين بشكل متوازن، مع استمرار تقديم الدعم الغذائي للمزارعين والمستهلكين لكي يتحقق الاستقرار المطلوب في الأسعار.
تظل قضية ارتفاع أسعار الأرز في إندونيسيا واحدة من التحديات التي تتطلب حلولاً شاملة ومرنة، تجمع بين تحسين منظومة التخزين، وضبط الأسعار، وضمان وصول الكميات المخزنة إلى الأسواق المحلية بأسعار عادلة تضمن حقوق المستهلكين والمزارعين على حد سواء، بعيداً عن سياسة التراكم التي لا تخدم مصلحة أحد.