«دراما مشوقة» مملكة الحرير نسخة مصرية غير أصلية من حريم السلطان كيف تبدو الأحداث

الفانتازيا التاريخية نوع درامي يجمع بين الخيال والتاريخ، ويظل نادر الظهور في الدراما العربية رغم ارتباطه بأعمال كلاسيكية مثل “ألف ليلة وليلة” وحتى مسلسلات حديثة مثل “جودر” بجزئيه، أما اليوم فيظهر من خلال مسلسل “مملكة الحرير” للمخرج والمؤلف بيتر ميمي الذي يطرّق لهذا الوسط عبر عمل يتكون من 10 حلقات فقط ويعرض على منصة عربية حديثة

عالم الفانتازيا التاريخية في “مملكة الحرير” بين المؤامرات والعشق

يبني مسلسل “مملكة الحرير” على فانتازيا تاريخية تجمع في حبكتها بين الخيال والتاريخ في إطار درامي متشابك تبدأ أحداثه من جريمة قتل الملك نور الدين على يد أخيه الأمير الذهبي، ثم يتصاعد الصراع بدافع البقاء على العرش بين أبناء الملك المختفين شمس الدين وجلال الدين الذين نشآ في عالمين مختلفين بشكل شديد، حيث يكبر الأول في صفوف جيش المماليك كعبد فيما ينشأ الثاني بين اللصوص، بينما تبقى الأميرة جليلة في القصر الملكي وتبدأ رحلة زواجها التي تغذي كراهية معقدة تجاه عائلتها التي هربت وتركتها خلفها
يمتزج الصراع في الفانتازيا التاريخية عادة بين الأساطير والعناصر الخيالية مثل السحر أو مخلوقات وهمية وبين حقبة تاريخية واضحة، وتعتبر هذه الخصائص محركا قويا لتأطير النزاعات التي تدور بين قوى الخير والشر وفي “مملكة الحرير” يتعقد الصراع حين يصبح الورثة الشرعيون أعداء وجهاً لوجه بسبب المؤامرات المتشابكة، أما العنصر الدرامي فهو يحلق في سماء قصص الحب المحرم والمؤامرات النسائية التي تسيطر على أحداث القصر بلا هوادة

• التركيز على قصص الحب والعلاقات الممنوعة
• المؤامرات التي تضرب رجال البلاط باستمرار
• الشخصيات النسائية التي تستخدم أساليب القتل والفتنة لتحقيق أهدافها
• الصراع الدائم بين الأشقاء والورثة على العرش

تفاصيل بصرية ومؤثرات ترفع من قيمة الفانتازيا التاريخية في “مملكة الحرير”

تعتمد الفانتازيا التاريخية بقوة على التجربة البصرية والسمعية التي تأسر الجمهور بدءاً من تفاصيل الأزياء والمكياج إلى الديكورات المبهرة والمؤثرات البصرية المعاصرة، وهذا ما يظهر جليا في مسلسلات عالمية ضخمة الميزانية مثل “صراع العروش” الذي كرّس موارد هائلة لكل حلقة لخلق تجربة سينمائية متألقة، وفي محاولة لمحاكاة هذا المستوى، قدم “مملكة الحرير” جهدا واضحا في اختيار المواقع الحقيقية والقصور التاريخية إضافة إلى المزج مع التأثيرات الكمبيوترية كما لاحظنا اهتماما ملحوظا بالموسيقى التصويرية التي تضيف طابعاً خاصاً يعكس جو المسلسل التاريخي والفانتازي
لكن رغم هذه المظاهر الجمالية، فإن قوة الفانتازيا التاريخية تعتمد على حبكة درامية موصولة وأداء تمثيلي متقن، وهنا يظهر ضعف ملحوظ في مسلسل “مملكة الحرير” الذي يبدو متسارعا في سرد الأحداث، مثل الكشف المبكر لأسرار شخصية جلال الدين، وضعف التأسيس لبعض تفاصيل الحبكة التي تظهر فجأة مما يفقد بعض الأحداث مصداقيتها ويضعف من الإثارة المطلوبة في هذا النوع

القوة والضعف في الأداء التمثيلي وأثرها على الفانتازيا التاريخية في المسلسل

يمثل الأداء التمثيلي ركيزة أساسية في نجاح الفانتازيا التاريخية نظراً لتعقيد الشخصيات وتداخل حبكاتها، وعلى الرغم من بروز كريم محمود عبد العزيز بأداء متفوق في “مملكة الحرير”، إلا أن أداء بقية الطاقم تخللته ملاحظات كثيرة، حيث بدا افتعال المبالغة المسرحية واضحا عند أسماء أبو اليزيد، أحمد غزي، وسارة التونسي، إذ يستطيع المشاهد ملاحظة محاولتهم تقليد أدوار معقدة من أعمال مماثلة، بينما أتى اختيار عمرو عبد الجليل لشخصية الملك الذهبي غير متوازن بين الجدية والكوميديا مما شكل تباينا مألوفا وغير متجانس
يرتبط هذا الأداء المتفاوت الناتج عن تعقيدات النص وتسارع الأحداث بإخفاق المسلسل في تقديم قراءة جديدة للأحداث التاريخية أو لأبسط صراعات الخير والشر، خاصة مع الاعتماد المفرط على المؤثرات البصرية دون استثمار كافٍ في تطوير العلاقة بين الشخصيات أو استخدام حبكات مبتكرة فالمسلسل يميل إلى تكرار صراعات “كيد النساء” التقليدية في المجتمعات الملكية، وهذا قد لا يرضي جمهورا متعطشاً لجديد نوع الفانتازيا التاريخية

الفانتازيا التاريخية تفتح أبواباً واسعة لدمج الماضي بالخيال والجمال السينمائي، ومسلسل “مملكة الحرير” يضيف تجربة جديدة لهذا النوع في الدراما العربية رغم نقاط الضعف، إذ تقدم القصة صراعات إنسانية معقدة وسط عالم مبهر بصرياً، مما يجعله عملاً يستحق المشاهدة لمن يبحث عن مزيج من الغموض، العاطفة، والخيال في قالب تاريخي مغاير