«تنبيه عاجل» البنك الدولي تنبأ بخطر احتراق سنترال رمسيس هل تحقق التنبؤ؟

البنك الدولي تنبأ بخطر احتراق سنترال رمسيس منذ خمس سنوات، حيث أثار انتباه الجميع لتلك النقطة الحرجة في البنية التحتية للاتصالات التي قد تؤدي إلى أزمة كبيرة في حال حدوث عطل أو كارثة، وهذا ما تحقق مؤخرًا بعد الحريق الذي شل الاتصالات والإنترنت بسينترال رمسيس مؤخرًا، وهو ما يكشف هشاشة الهيكل الرقمي المصري وعدم جاهزيته لمواجهة الأزمات.

تحذير البنك الدولي من تأثيرات خطر احتراق سنترال رمسيس

في تقريره الصادر عام 2020 والمعنون بـ”تقييم الاقتصاد الرقمي في مصر”، أكد البنك الدولي وجود ما يسمى بـ”نقطة الفشل الواحدة” في شبكة الاتصالات المصرية، والتي تمثلت في المركز الرئيسي لمصر للاتصالات، حيث هيمنة الشركة المصرية للاتصالات على الألياف الضوئية للبنية التحتية الثابتة يجعل الشبكة بأكملها عرضة للانهيار حال وقوع أي حادث، كما حدث بحريق سنترال رمسيس الأخير، إذ أدى الاعتماد على مزود وحيد غياب وجود شبكات بديلة أو أنظمة احتياطية لتعزيز الاستمرارية، وهذا ما تحول إلى واقع مؤلم تسبب في شلل رقمي واسع النطاق.

البنية الرقمية في مصر وأسباب وقوع كارثة سنترال رمسيس

احتوى تقرير البنك الدولي على تحليل كامل لأوضاع البنية الرقمية في مصر عبر نقاط القوة والضعف والفرص والتهديدات، مشيرًا إلى أن مصر تمتلك عوامل إيجابية كبيرة مثل العدد الكبير للسوق المحلي، والموقع الجغرافي المتميز لشبه جزيرة سيناء، والطاقة الشبابية المتزايدة، إلى جانب مشاريع المدن الذكية التي تبلغ 14 مدينة، ومع ذلك فهذه الإمكانيات مهددة بالتوقف ما لم يتم تصحيح الخلل المؤسسي والتنظيمي.
وقد أشار التقرير إلى أبرز التحديات التي تواجهها مصر والتي تتمثل في:

  • غياب المنافسة الحقيقية في قطاع الاتصالات
  • اعتماد الدولة الكامل على المصرية للاتصالات كمزود رئيسي للبنية التحتية
  • ضعف الإطار التنظيمي الذي يفتقر للرقابة على الاحتكار
  • عدم وجود أنظمة بديلة (Redundancy أو Resilience) تكفل استمرار الخدمة
  • افتقار الخطط لتعافي الطوارئ والتوازن في توزيع الأحمال وأنظمة التحويل التلقائي

كل هذه العوامل جعلت انقطاع الاتصالات بسبب حريق واحد واردًا ومحتمل الحدوث، كما هو الواقع الآن.

العنصرالوضع في مصر
هيمنة مشغل واحدالمصرية للاتصالات هي المزود الوحيد للبنية التحتية الثابتة
الأنظمة البديلةغير متوفرة أو ضعيفة جدًّا
التشريعات والتنظيمإطار تنظيمي غير كافٍ ولا يتيح رقابة فعالة
خطط التعافي من الكوارثغير مطبقة بشكل فعال

توصيات البنك الدولي لإصلاح بنية الاتصالات بعد خطر احتراق سنترال رمسيس

لم يكتفِ البنك الدولي بتشخيص العيوب فقط، بل قدم مجموعة من الحلول التي من شأنها إصلاح البنية التحتية للاتصالات بشكل جذري، أهمها اعتماد إجراءات تنظيمية لكسر الاحتكار من خلال تصنيف “المصرية للاتصالات” كمشغل ذي نفوذ كبير، بالإضافة إلى الفصل الهيكلي لأدوار الشركة لتقليل تداخل مهامها كمشغل ومزود ومنافس في الوقت ذاته، وهذا سيسهم في تعزيز المنافسة وتحسين جودة الخدمات.
كما شدد البنك على تحديث قانون الاتصالات بما يسمح بإصدار لوائح واضحة تضمن تنظيم استخدام البنية التحتية وتراخيص تشغيل خدمات الاتصالات، إلى جانب ضرورة إتاحة البنية غير المستغلة أمام شركات خاصة، مما يشجع الاستثمار ويقلل العبء المالي على الدولة، ويحسن من توزيع الطيف الترددي لضمان إطلاق خدمات مثل 5G بكفاءة وفاعلية.
وتطرق التقرير إلى مشكلة التداخل المؤسسي بين وزارة الاتصالات كصانع سياسة، والجهاز القومي لتنظيم الاتصالات كجهة رقابية، والمصرية للاتصالات كمشغل، ووصف البنك هذه الظاهرة بأنها أبرز عائق أمام الشفافية والفعالية التنظيمية وجذب الاستثمارات، مطالبًا بفصل واضح للأدوار وخلق آلية مستقلة لاتخاذ القرارات بما يخدم مصلحة المستخدمين والاقتصاد الرقمي.
حدد البنك أطرًا زمنية للتنفيذ بمعدل يتراوح من شهرين إلى ثلاث سنوات، ولكن مع الأسف لم تُنفذ معظم هذه الإجراءات قبل وقوع كارثة خطر احتراق سنترال رمسيس.

تجسد الكارثة التي لحقت بسينترال رمسيس تحذيرات البنك الدولي التي أُثيرت قبل خمس سنوات، حيث تحولت الكارثة العرضية إلى واقع مؤلم يعكس خللاً هيكليًا تعاني منه البنية الرقمية في مصر ويطالب عاجلًا بمراجعة واستثمار جاد.