«ليست حضرموت».. محافظة يمنية تتجه نحو الحكم الذاتي وسط مطالب أبنائها

محافظة الحديدة، واحدة من أهم المحافظات اليمنية التي تتمتع بموقع استراتيجي مميز، إلا أنها تعاني منذ عقود طويلة من تهميش مستمر وإهمال شامل طال جميع مناحي الحياة فيها. أبناء هذه المحافظة شاهدون على فصول من الألم والحرمان، لكنهم في الوقت ذاته يظهرون بساطة الأخلاق وطيبة النفس التي تعكس القيم الأصيلة لإقليم تهامة الجميل.

الحديدة تعاني من التهميش والظلم لعقود طويلة

منذ العصور السابقة وحتى اليوم، شكل الظلم والتهميش ملامح حياة أبناء محافظة الحديدة. إذا تتبعنا جذور المشكلة، نجد أن المأساة تعود إلى عهد الإمامة ثم امتدت إلى الزمن الجمهوري وتشكلت مع الوحدة اليمنية، ولم يتغير الحال حتى اللحظة. الأضرار التي تتعرض لها المحافظة لا تتوقف عند الإهمال التنموي فحسب، بل تشمل الطبيعة القاسية التي تزيد من معاناتهم؛ حيث تفتقر المنازل والمرافق العامة إلى البنية التحتية القادرة على الصمود أمام الأمطار أو السيول، مما يؤدي إلى كوارث إنسانية متكررة، كما شهدناها جميعًا من صور الجثث والمنازل المدمرة.

أبناء الحديدة يطالبون بحكم ذاتي عادل

في ظل هذا الواقع الأليم، لا يطالب سكان الحديدة بالكثير، فهم فقط يطالبون بحكم ذاتي يضمن لهم حقوقهم ضمن إقليم تهامة وفقًا لمخرجات الحوار الوطني والدستور اليمني، هذا المطلب المشروع يسعى لإنهاء التهميش الذي طال كثيرًا ويتيح لهم فرصة المشاركة في اتخاذ القرارات. على الرغم من ذلك، لا تحمل هذه المطالب أي طابع عدائي أو عنصري، وهو ما يعكس القيم الأخلاقية العالية لأبناء تهامة، حيث يمارسون ثقافة التسامح والعيش المشترك مع الجميع.

طيبة أبناء الحديدة نموذج يحتذى به

من أبرز الملامح التي تجعل محافظة الحديدة وأبناءها مميزين هي القلوب الطيبة والنوايا الحسنة التي يتسمون بها. وسط المعاناة التي عاشوها، حافظوا على أخلاقهم وسلوكهم النبيل مع باقي أبناء اليمن من مختلف المناطق. لا يعرف أبناء إقليم تهامة العنصرية أو الكلمات المؤذية التي تفرق بين اليمنيين، بل يتعاملون مع الجميع بأخوة ومحبة، الأمر الذي يجعلهم نموذجًا مشرفًا لكل من يتطلع إلى الوحدة والسلام.

إن أبناء الحديدة يمثلون مثالًا رائعًا لنقاء القلوب وصبر النفس، فهم يرفعون شعار الوحدة لا الفرقة، ويتطلعون لتحقيق مستقبل أفضل بقلوب مليئة بالأمل رغم كل التحديات. إن الحديث عن الحديدة ليس حصرًا على المعاناة، بل هو إظهار لقدرة الإنسان على التحلي بالخير والمحبة مهما بلغت قسوة الظروف.