رُغم الرؤية المصرية المكتملة.. تباين حول ملامح اليوم التالي للحرب على غزة

رُغم الرؤية المصرية المكتملة.. تباين حول ملامح اليوم التالي للحرب على غزة

بينما تتصاعد إشارات إيجابية في شأن اتفاق محتمل بين حركة “حماس” وإسرائيل على وقف إطلاق النار في غزة، تقول تل أبيب والولايات المتحدة إنهما مستعدتان لتنفيذ ما تسمه وسائل إعلام خطة اليوم التالي للحرب، فيما جدد وزير الخارجية السفير بدر عبدالعاطي، رفض مصر القاطع لوجود أي قوات أجنبية في القطاع ضمن ما يسمى اليوم التالي للحرب.

أكد الوزير عبدالعاطي، خلال مقابلة متلفزة على شاشة “العربية” أن اتفاق المعابر الموقع في العام 2005 هو الحل الأمثل لضمان تشغيل المعابر الحدودية بين مصر والقطاع. وأن القاهرة لا تمانع من تدريب الشرطة المدنية الفلسطينية لكن في إطار اتفاق يضمن إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967. وأكد الوزير أن وجود أي قوات في الوقت الحالي غير مجدي، وأن القاهرة لن تشارك فيه أو تسمح به.

جهود مصرية 

وقالت مصادر فلسطينية رفيعة المستوى، إن تحركات جديدة و”مفصلية” ستطرأ خلال الأيام القليلة المقبلة على ملف المصالحة الداخلية “المُعقد” والمعطل منذ شهور طويلة. وبذلت القاهرة جهودًا كبيرة خلال الفترة الماضية للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، لكن المحتل الإسرائيلي كان دائم التنصل والانقلاب على عهوده واتفاقاته، مما عرقل العديد من التفاهمات.

وأكدت المصادر في تصريحات لموقع عربي، وجود مشاورات واتصالات تجري على قدم وساق بين الفصائل الفلسطينية وفي مقدمتهم حركتي “فتح” و”حماس” من أجل تحريك مياه المصالحة الراكدة وإعادة طرح جميع عقباتها على طاولة النقاش والحوار الداخلي.

ذكرت المصادر أنه وبتوجيهات من الرئيس محمود عباس، ستكون هناك لقاءات قريبة تجمع الفصائل في العاصمتين القاهرة والدوحة، من أجل إعادة إحياء ملف المصالحة، ومناقشة كافة الملفات التي كانت في السابق تُعرقل وتعيق التوصل لتوافق داخلي يُنهي حالة الانقسام الحاصلة منذ العام 2007.

وذكرت أن الرئيس عباس سيعقد لقاءً قريبًا مع قيادة حركة “حماس” لمناقشة التحرك الجديد بملف المصالحة، بعد اللقاء الذي أجراه قبل أيام في الدوحة مع قيادات الحركة ذاتها.

ونفت المصادر ذاتها أن تكون هناك مبادرات جديدة ستُطرح على حركتي “فتح” و”حماس”، مشيرةً إلى أن ما سيتم التعامل معه هو إعادة تنفيذ ومناقشة الاتفاقات السابقة التي تم تعليقها بسبب الخلافات بين الحركتين، وستكون هناك لقاءات جدية ولجان مشتركة للمتابعة والتنفيذ، حال تم الاتفاق.

أشارت إلى أن النقاط الرئيسية التي سيتم التركيز عليها في المشاورات المقبلة، تجاوز كل عقبات الانقسام والتوصل للوحدة، وتشكيل حكومة جديدة، والإشراف على إعمار غزة ما بعد الحرب وإغاثة سكانه، وكذلك قضية تسليم المعابر الرئيسية للسلطة الفلسطينية وإدارة القطاع.

غموض إسرائيلي

وجرى مناقشة اليوم التالي للحرب في غزة، في اجتماع الحكومة الإسرائيلية الذي ترأسه وزير الدفاع يسرائيل كاتس الأول من نوعه، إذ كان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يؤجل طرح هذا الملف على طاولة أعضاء ائتلافه.

وعقب لقاء الوزراء الإسرائيليين، أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بصورة رسمية انتهاء واشنطن وتل أبيب من تجهيز خطة اليوم التالي في غزة، وأن جميع الأطراف المعنية بالأمر تستعد لوقف إطلاق النار لتنفيذها.

وفي إسرائيل، يحاول الوزراء وقادة المؤسسة الأمنية عدم الإفصاح عن أية أفكار في شأن اليوم التالي لغزة، وذلك بناء على تعليمات رسمية بعدم الحديث عن تفاصيل هذا الملف إلى أية وسيلة إعلامية، وعلى رغم مناقشة هذا الملف لإقراره وتنفيذه فإن الغموض في شأنه لا يزال سيد الموقف.

لكن وزيرة الابتكار والعلوم والتكنولوجيا الإسرائيلية غيلا غماليل كشفت عن بعض ملامح خطة اليوم التالي للحرب، موضحة “يؤيد الجميع إبرام صفقة مع ’حماس‘، والآن نعمل على تجهيز حكومة جديدة لتولي إدارة القطاع”.

وأضافت “قريبًا ستُنشأ بنية تحتية سلطوية جديدة في غزة، هذه الهيكلية ستكون بديل لحركة ’حماس‘ في القطاع، لا أفضل الخوض في تفاصيل هذه الجهة ولكنني أرغب في الإشارة إلى أن هناك حجمًا مهولًا من التحديات، ومن المقرر إيجاد حلول لها”.

وفي الواقع، ما أفصحت عنه غماليل هو محور كل شيء يتعلق بغزة إذ تنوي إسرائيل تسليم القطاع إلى جهة حكومية جديدة بديلة عن “حماس”، وهذا يعني أن تل أبيب لن تدير غزة مدنيًا ولا تزال تصر على رحيل الفصائل عن مشهد الحكم، وأن السلطة الجديدة في غزة ستتولى جميع مهام القطاع بما في ذلك إدارة الحياة وفرض القانون وإعادة الإعمار وإنهاء المعاناة الإنسانية.

ساعر في الإمارات

وفي ما تتحفظ إسرائيل على نشر المعلومات فإن تصرفات وزرائها تكشف ملامح اليوم التالي في القطاع، إذ عقب اجتماع الحكومة سافر وزير خارجية تل أبيب جدعون ساعر إلى الإمارات، والتقى في أبوظبي نظيره عبدالله بن زايد وناقشا سبل التوصل إلى وقف مستدام لإطلاق النار في غزة.

وبحسب بن زايد فإنه أكد للجانب الإسرائيلي أهمية الدفع نحو إيجاد أفق سياسي جاد لتحقيق السلام الشامل القائم على أساس حل الدولتين، وأن بلاده مستعدة للعب دور في اليوم التالي للحرب إذا جرى إصلاح السلطة الفلسطينية لتولي مهمة إدارة القطاع لاحقًا.

إدارة مؤقتة

وفي الإطار نفسه، زعمت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية “كان” أن الولايات المتحدة وإسرائيل والإمارات ودول عربية أخرى تناقش تزامنًا مع مفاوضات التهدئة في قطر، آليات تنفيذ إدارة موقتة لقطاع غزة بعد الحرب.

وأكد بلينكن ذلك قائلًا “خطة اليوم التالي لغزة جاهزة، لقد أمضينا شهورًا في العمل عليها مع الشركاء العرب، ونحاول تنفيذها ضمن اتفاق وقف إطلاق النار المترقب إذا جرى خلال فترة رئاسة جو بايدن وإذا لم ننجح في ذلك فسنسلمه إلى إدارة دونالد ترمب، ولها حرية القرار إذا كانت ستمضي قدمًا في هذا الاتفاق أم لا”.

ويضيف بلينكن “الخطة تهدف إلى تحقيق الاستقرار في غزة والمنطقة وتضمن منع تجدد الصراع لكنها تتطلب وقف إطلاق النار كخطوة أساس للبدء بتنفيذها، وهناك محادثات مع عدد من الشركاء ومنهم الإمارات في شأن خيارات الحكم والأمن وإعادة الإعمار”.

1736600582 510 رُغم الرؤية المصرية المكتملة تباين حول ملامح اليوم التالي للحرب

ماذا عن “حماس”؟

بحسب تقرير نشره موقع “اندبندنت عربية” حول خطة اليوم التالي للحرب، فإن إسرائيل والولايات المتحدة ترى أنه يمكن إرسال بعثة دولية عربية إلى غزة تشارك فيها حكومات من الاتحاد الأوروبي لإدارة القطاع من ناحية الأمن والقانون وإدارة شؤون الحياة وتحسين الأوضاع الإنسانية، مع غياب كامل للفصائل الفلسطينية ومشاركة جزئية للسلطة الفلسطينية.

لكن “حماس” ترفض هذه الأفكار وإن كانت السلطة الفلسطينية تؤيد جزء منها وفق تعديلات معينة، إذ قدم رئيسها محمود عباس إلى مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة رؤيته لليوم التالي لنهاية القتال في غزة.

ومن خطة السلطة الفلسطينية وقفًا للحرب وإدخال المساعدات وانسحاب إسرائيل من غزة وتولي الحكومة مسؤولياتها في القطاع، والمهم هو الموافقة على دخول قوات حفظ سلام دولية بقرار من مجلس الأمن للأراضي الفلسطينية، لكن عباس يريد هذه القوات على الحدود مع إسرائيل لضمان أمن الدولتين وليس لإدارة القطاع. بحسب زعم التقرير.

ليست إسرائيل وحدها التي تناقش مستقبل غزة بل يفعل الفلسطينيون ذلك أيضًا، إذ تجتمع حركتا “فتح” و”حماس” في القاهرة من أجل التوافق حول إدارة القطاع، بعد تعثر التوصل إلى لجنة لإدارة غزة في إطار الفكرة التي طرحتها مصر، ليصبح اليوم التالي للحرب فلسطينيًا وليس على أهواء تل أبيب.

بحسب المعلومات، فإن وفدًا حمساويًا سافر إلى القاهرة للقاء ممثلي حركة “فتح” من أجل مناقشة اليوم التالي للحرب.

وتريد “حماس” تنفيذ الفكرة، إذ يقول القيادي فيها أسامة حمدان “وجد مقترح لجنة إدارة غزة تأييدًا عربيًا ودوليًا ونحن نؤيده كليًا وندعو السلطة الفلسطينية لقبوله، ونعتقد أن مصر تبذل جهودًا إضافية باعتبار الفكرة قائمة بالأساس لمنع أية ذرائع من إسرائيل في اليوم التالي للحرب”.

لكن متحدث “فتح” منذر الحايك يقول إن “تشكيل أية لجنة لا توحد الجغرافيا أو الديموغرافيا الفلسطينية أمر خاطئ، وعلى ’حماس‘ أن تفهم أن هناك مؤامرة ضد غزة وأن تدرك تمامًا خطورة الموقف وتسلم زمام الأمور للسلطة الفلسطينية”.